أزمة وقود تقلق السوريين

14 نوفمبر 2019
بدأت تُسجَّل أزمة غاز بحلب (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

في العاصمة السورية دمشق ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة النظام السوري، يشكو كثيرون من عدم قدرتهم على توفير متطلبات الحياة الأساسية إذ إنّ مداخيلهم تكاد لا تكفيهم. ومع اقتراب فصل الشتاء، تتزايد مخاوف عائلات سورية عدّة، لا سيّما من عدم توفّر مادة المازوت، علماً أنّ النظام كان قد أعلن عن تأمينها. وفي السياق، بدأت تُسجَّل كذلك أزمة غاز في حلب.

يومياً، ينتظر علي سرميني وهو من سكان منطقة الزاهرة في العاصمة السورية صهريج المازوت، من دون جدوى. يقول لـ"العربي الجديد": "على الرغم من أنّ الكميّة المخصصة للعائلة لن تكفيني أكثر من 20 يوماً، غير أنّها أفضل من لا شيء، لا سيّما أنّها تخفّف عنّي بعضاً من أعباء فصل الشتاء". ويلفت إلى تخوّفه من احتمال "سرقة موزّع المازوت بعضاً من حصّته من جهة، ومن أخرى أن يكون المازوت مغشوشاً وهذه مصيبة"، شارحاً أنّه "قد يكون مخلوطاً بالمياه مثلاً وهذا أمر حصل مع كثيرين أعرفهم". يضيف: "ومن الممكن أن يصل موزّع المازوت بعد صرف المبلغ المخصّص له". ويتابع سميني أنّه "في حال لم أحصل على المازوت الموعود به، فليس أمامي سوى المازوت الحرّ في السوق السوداء وهو ما يفوق قدرتي المادية"، مشيراً إلى أنّ "التيار الكهربائي متوفّر لذا أفكّر بالاعتماد على المدافئ الكهربائية. وفي النهاية، إذا ساءت الأحوال، لدينا أغطية كافية لتردّ عنّا البرد".

من جهته، حصل علي دعبول الذي يقيم في دمشق، على 200 ليتر من المازوت بواسطة القسائم التي توزّعها حكومة النظام على العائلات. يقول لـ"العربي الجديد": "شعرت بأنّني حقّقت إنجازاً كوني حصلت على المازوت، فقد أزاح ذلك عبئاً كبيراً عن كاهلي. لكنّنا بالتأكيد لن نحصل على الدفء المعتاد، لأنّه يتوجّب علينا التقنين إلى أقصى حدّ ممكن في خلال موسم الشتاء هذا". بالنسبة إليه، "ثمّة أزمة مرتقبة، ينقطع في خلالها الغاز فيما يصير الحصول على المازوت أمراً شبه مستحيل".




لكنّ القلق من أزمات محتملة لا يطاول الجميع، ويقول مضر الذي تحفّظ عن ذكر اسمه كاملاً، وهو الابن الوحيد لأحد الضباط المتقاعدين، إنّه "بحكم تجربتي، كوني ولدت ونشأت في دمشق بينما أبي من محافظة حمص وكذلك أمي، فقد لمست الفوارق بين العائلات". ويشرح لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة عائلات قادرة على الحصول على كلّ شيء تقريباً، بالتالي لا يشكّل توفير المازوت ومختلف أنواع الوقود أمراً صعباً بالنسبة إليها. وهذه هي حالي. فأنا أتلقّى أسطوانة الغاز في المنزل، لأنّني أدفع مالاً إضافياً لقاء ذلك. وهذا أمر طبيعي، إذ إنّني لا أستطيع إضاعة الوقت وتعطيل عملي في انتظار الحصول على أسطوانة غاز أو وقود للتدفئة". يضيف مضر أنّ "معاناة الناس ليست سهلة في فصل الشتاء عندما يصير كلّ شيء تقريباً بالغ الصعوبة، بدءاً من التنقّل وسط العاصمة ووصولاً إلى توفير وقود التدفئة". ويتابع: "من وجهة نظري، فإنّ عجلة الحياة هنا تطحن الضعفاء فقط، فهي لا ترحمهم. ويصير شغل الأهالي الشاغل الحصول على الخبز والغاز والمازوت مع أنّها من أبسط الأمور التي تتوفّر للإنسان في الدول التي تحترم مواطنيها".

وفي المناطق التي تُعرَف بـ"مناطق التسويات"، مثل الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي ودرعا والقنيطرة ومناطق في جنوب دمشق، يخشى الأهالي من المطالبة بحقوقهم. على الرغم من التسوية، فإنّهم ما زالوا يعامَلون كما لو كانوا خارجين عن سلطة النظام ورافضين له. رقيّة من هؤلاء هي التي تعيش في منطقة الحولة بريف حمص الشمالي، فتشير بحديثها لـ"العربي الجديد" إلى "مخاوف تلاحقني أنا وعائلتي في فصل الشتاء، لأنّ دخلي بالكاد يكفيني ويكفي أبنائي. لكنّ توفّر التيار الكهربائي قد يخفّف من معاناتنا في فصل الشتاء، إذ إنّه يخفف جزءاً كبيراً من المصاريف". تضيف رقيّة أنّ "غاز الطهي متوفّر في الوقت الحالي، لكنّه ينقطع عادة في فصل الشتاء. وفي السنوات الماضية، كان من السهل عليّ الطهي على موقد الحطب".




أمّا عبد الكريم أبو أحمد، فيؤكد لـ"العربي الجديد" أنّه "مهما ساءت الأمور فالحلّ دائماً متوفّر"، مشيراً إلى أنّ "سنوات الحصار التي قضيناها في ريف حمص الشمالي أجبرت الناس على التأقلم مع كل الظروف، من فقدان الغاز والمازوت إلى غلاء الأسعار". ويتابع: "كلّما سمحت لي الظروف، فأنا أشتري قليلاً من المازوت، بالإضافة إلى حصولنا على قسائم 200 ليتر لكل عائلة"، مؤكداً أنّه "مع اشتداد الطلب على الوقود فإنّ الحصول عليه سوف يصير بالغ الصعوبة. لذلك أتّخذ كل الاحتياطات اللازمة لتفادي الأسوأ".