كوبنهاغن تتشدد مع المهاجرين

19 يناير 2019
دنماركيون يندّدون بالتشدّد في حقّ طالبي اللجوء (الأناضول)
+ الخط -


تجد حكومة يمين الوسط في الدنمارك، التي يتزعّمها حزب "فينسترا" (ليبيرالي) بمشاركة المحافظين وبدعم من قاعدة برلمانية قومية متطرّفة من "حزب الشعب"، نفسها وسط انتقادات حقوقية كثيرة على خلفية سلسلة من القوانين والخطوات المتشددة التي يصفها قانونيون دنماركيون مرموقون بأنّها متطرّفة وتمييزية بحق طالبي اللجوء والمهاجرين في البلاد. وتأتي الانتقادات الموجّهة، لا سيّما من قبل أشهر محامي الحقوق الدستورية وحقوق الإنسان في الدنمارك، بيورن إلمكفيست، بعد بلوغ القوانين والخطوات المتشددة رقم 100.

بمناسبة وصول العدد إلى 100، في خلال ثلاثة أعوام، عمدت الصفحة الرسمية لوزارة الهجرة والدمج إلى نشر لوح إلكتروني شبيه بالألواح الموجودة في المطارات للإعلان عن أنّ "الحكومة حقّقت 100 خطوة متشددة". وقد خلّف هذا التصرّف الرسمي موجة غضب وتعليقات مندّدة بسياسات يمين الوسط والمتشدّد مع طالبي اللجوء والمهاجرين، وآخرها قبل نهاية العام المنصرم عندما خُفِّضت "إعانة الدمج" إلى أدنى حدّ لها وسُجِّلت مطالب بإجادة اللغة الدنماركية مع توجّه إلى سجن عدد أكبر من الذين تُرفَض طلبات لجوئهم.

ووزيرة الهجرة والدمج إنغا ستويبرغ، من حزب رئيس الوزراء لارس لوكه راسموسن، لطالما أثارت جدالاً في بلادها على خلفية ما تصرّح به وتأتي به كلّما مرّر المشرّعون مقترحاً صارماً. على سبيل المثل، في مارس/ آذار من عام 2017، لم تتردد ستويبرغ في تصوير نفسها مع كعكة شبيهة بتلك التي تُعَدّ بمناسبة أعياد الميلاد، للاحتفاء بوصول عدد القوانين المتشددة إلى 50 قانوناً.




في انتقاداته الأخيرة، شدّد الحقوقي والمحامي بيورن إلمكفيست، وهو مدير "رابطة السياسات الحقوقية"، على أنّ "لا شيء يدعو إلى الاحتفال"، واصفاً ما تقوم به السلطات الدنماركية بأنّه "ارتباكات وسخف قانوني". وصرّح إلمكفيست للتلفزيون الدنماركي بأنّه لم يعد أحد يفهم قوانين الإقامة في الدنمارك، معبّراً عن عدم رضاه عن سياسة الهجرة في بلاده، خصوصاً مع ما سمّاه "تفريخ القوانين، إذ إنّ كلّ قانون يبدأ بإنبات براعم فيفرّخ قوانين أخرى واستثناءات وبنوداً متعددة". أضاف أنّ "ثمّة مبدأ عالمياً يشدّد على وجوب شفافية التشريعات وقانونيتها. لكنّ ما يجري هنا (الدنمارك) هو بخلاف هذا المبدأ"، منتقداً "التسابق إلى تبنّي قوانين متشدّدة في مسائل تتعلق بالأجانب، وبسرعة فائقة".

ويذكر إلمكفيست أنّ "تبنّي قانون اللجوء ومنح الإقامة جرى في عام 1983 وكان يتألّف من أربع فقرات، أمّا اليوم فثمّة 37 بنداً إضافياً ألحقت بهذا القانون، في حين تجري العادة أن يُلحَق القانون بثلاثة بنود إضافية أو أربعة." ويلفت إلمكفيست إلى أنّه "من غير الممكن مواكبة القانونيين لهذه السرعة في تبنّي المواد، والمواطنون بالتالي في عجز تام عن فهم ما يُسَنّ في بلادهم". لكنّ وزيرة الهجرة والدمج ترفض مثل تلك الانتقادات.

في السياق، يرى مراقبون ومحللون سياسيون محليون أنّ ما يجري في الدنمارك من تسابق على انتهاج سياسات صارمة خاصة بطالبي اللجوء والمهاجرين، يرتبط بانتخابات البرلمان الوطني والأوروبي المزمع إجراؤها خلال العام الجاري، وهذه ليست سوى طريقة لجذب الناخبين إلى جهة اليمين.




من جهته، يذهب "مجلس اللجوء الدنماركي" إلى انتقاد السرعة في تبني قوانين متشددة، وقد عبّرت مديرة المجلس يوسيفين فوك عن عدم رضاها على سرعة الدفع بالتشريعات مؤكدة أنّ "هذه قضايا معقّدة وهي ترتبط بالإنسان وتحمل مخاطر الضرر بالحقوق الأساسية للبشر". يُذكر أنّ يوسيفين فوك هي عضو سابق في البرلمان الدنماركي وممثلة عن حزب "البديل" اليساري، وقد تولّت في وقت لاحق منصب إدارة مجلس اللجوء المسؤول عن قضايا طالبي اللجوء والمهاجرين في الدنمارك. وقد أكّدت فوك قائلة: "أعرف أنّ السياسيين في البرلمان يعتمدون بشكل كبير على المشورة التي تُقدَّم لهم بشكل صحيح، ولذلك من المهم جداً أن تكون استجابتهم استناداً إلى التشاور مع أشخاص مؤهلين".

وقد وضع إلمكفيست "إشارة استفهام كبيرة حول ما إذا كان رجال السياسة بالفعل يجلسون ويقرأون ما تحتوي عليه القوانين المقدّمة إليهم ويراجعونهم بهدف تبنّيها".
المساهمون