ثماني نساء

03 فبراير 2018
تظاهرة رفضاً للعنف ضد النساء (باتريك باز/ فرانس برس)
+ الخط -
تُقتل امرأة وتُطعن أخرى، ونستغرب هذا الكم من القتل، قبل حتّى تحديد الجنس. ثمّ نؤكّد أنهنّ نساء ونعاتب أو نهاجم المجتمع الذكوري والقوانين غير الرادعة وينتهي الأمر. وتُتابع الجمعيات العاملة في مجال حماية المرأة من العنف أو الساعية إلى تمكينها أو تلك المطالبة بالمساواة في الحقوق بين الرجال والنساء، عملها. جمعية كفى عنف واستغلال وصفت شهرَي ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني الأخيرَين بالدمويّين. وكتبت أنّه "منذ منتصف ديسمبر 2017 وحتى 25 يناير 2018، خُطفت حياة 8 نساء لمجرّد كونهنّ نساء.

في الواقع، الفترة أقلّ من شهر ونصف الشهر. للأسف، ما زالت النساء يتعرّضنَ في لبنان لشتّى أنواع العنف على أساس النوع الاجتماعي بغض النظر عن جنسيتهنّ أو طبقاتهنّ الاجتماعية، فقط لأنهنّ نساء، وفقط لأنّ ثمة ثقافة ذكورية مهيمنة على منظومة كاملة تبرّر التمييز والعنف ضدّ النساء وتمهّد لارتكاب الجرائم بحقهنّ".

ربّما نطرح سؤالاً عن زيادة نسبة هذه الجرائم في الآونة الأخيرة، على الرغم من الجهود الكثيرة المبذولة للحدّ منها. لكنّ هذه الجرائم، كمّاً ونوعاً، ليست جديدة، بل إنّ الجمعيات نفسها ساهمت في خروجها إلى الضوء، من خلال حملات التوعية وفتح مراكز لاستقبالهنّ وحمايتهنّ والسعي إلى تعديل القوانين. وكلّما سمعنا عن ضحية جديدة، نلوم تلك الدائرة من أهل وقوانين وجمعيات وذكورية وغيرها.

خلال النقاشات، يُقال أحياناً إنّ "قوة النساء" الآخذة في الازدياد باتت سبباً لمزيد من العنف. ربّما يكون هذا احتمالاً. لكنّ ثمّة ما هو أقوى. لا يكفي أن تحدّد أخلاقياتنا وحدها ميزان الخير والشر، وقد ضاع وقت كثير. في النتيجة، باتت نساء أكثر وعياً، وربما رافضات للعنف، وقادرات على الاتكال على أنفسهنّ، وغيرها. لكنّ المنظومة عبارة عن فردية وقوة ذاتية وعدد من الداعمين. وهنا، نتحدث عن حالات من دون وجود مؤسسة. وإن كان الهيكل موجوداً، أي الدولة، إلا أنّ القوانين ليست موضوعة استناداً إلى مظلة الحقوق، حتى لا نقول "مساواة"، ونساهم ربّما في استفزاز فئة من الناس.



وفي قضية الحقوق، تصعب التجزئة، وهذا ما يبقي النساء في دوامة من العنف النفسي والجسدي، وسط تعدد وتداخل قوانين الأحوال الشخصية مع القوانين المدنية، علماً أنّ الأخيرة غير مساوية في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء.

عليه، سوف ننسى الرقم مجدداً، بعدما ندلي بمجموعة آراء حول زيادة الضغوط على العائلات في الوقت الحالي، ويواصل الحقوقيون العمل من أجل تعديل القوانين. ولعلّ المشكلة الأكبر هي أنّه لم تعد ثمّة قضية رأي عام خارج "فيسبوك" و"تويتر".


المساهمون