طلاق أم إنهاء عقد زواج؟

05 سبتمبر 2017
اتخاذ قرار الطلاق محصور غالباً بالرجل (عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -

تشير أرقام وبيانات المحاكم الشرعية والروحية في لبنان بحسب دراسة أجريت في عام 2009، إلى أنه مقابل كل 1500 زواج يُعقد في العام الواحد ثمّة 400 حالة طلاق. ما هو الطلاق وما هو قرار النساء فيه؟ سوف يبحث هذا المقال في مصطلح "الطلاق" ومفهومه وخلفيته وأسبابه من منظور جندري مع مقاربة قرار النساء فيه من ضمن سياق المنظومات الدينية أو المدنية التي تنظّمه.

الطلاق هو مصطلح ديني إسلامي إذ إنّ الدين المسيحي لا يعترف بالطلاق بل ببطلان الزواج لانتفاء شروطه. وهكذا، فإنّ اتخاذ قرار الطلاق وفعل القيام به محصور غالباً بالرجل. ولا يمكن البحث في مفهوم الطلاق من دون النظر إلى مفهوم "العصمة" التي تجد جذورها في الدين الإسلامي كذلك. وبالنظر إلى هذَين المفهومَين، نجد أنّ النساء لا يملكنَ قراراً على حياتهنّ الأسرية والزوجية، وأنّه في إمكان الرجل مهما كانت الأسباب أو الدوافع أن "يحلف يمين الطلاق" على زوجته، ليكون ذلك كفيلاً بانفصالهما. في الوقت ذاته، لا يمكن في المجتمعات الإسلامية فصل مفهوم الطلاق عن طريقة الزواج نفسها.

مَن يبحث عن أسباب الطلاق أو إنهاء عقود الزواج بين الأزواج، تطالعه آراء كثيرة فذّة من قبل خبراء نفسيين أو رجال دين حول "الواجبات والحقوق الزوجية" أو "العلاقات الافتراضية" بسبب المدّ التكنولوجي. لكنّ الطلاق لا يجد جذوره في هذه الأسباب الواهية. السبب الأساسي يكمن في قيام الزواج على علاقة ديناميكية غير متكافئة بين الطرفَين، الأمر الذي يجعله أمراً استمراره محال. وإذا استمرّ، فيكون ذلك لاعتبارات لها علاقة بالأولاد. هذا هو أحد الأسباب الجذرية للطلاق، إذ لا يُنظر إلى النساء (دينياً أو ثقافة) على أنّهنّ مواطنات لديهنّ قرار وإرادة مستقلّان في مؤسسة الزواج.

مع ارتفاع نسب الانفصال بين الأزواج أخيراً والتي تصل إلى 40 في المائة، بحسب دراسة أعدّت في عام 2014، فإنّنا نجد أنّ تمكين النساء اقتصادياً والتحوّل في إدراكهنّ لذواتهنّ ولتعدد خياراتهنّ، باتا عاملَين أساسيَّين للدفع في اتجاه الانفصال. تجدر الإشارة هنا، إلى أنّ هذه الفئة من العلاقات قد لا تجد نفسها بالضرورة منتمية الى أيّ من الأديان، وسواءً كان عقد الزواج مدنياً أم لا، فإنّ الانفصال بين الزوجَين لا يُصنَّف بالضرورة في خانة الطلاق وإنّما كإنهاء لعقد الزواج الذي يكون للنساء فيه قرار أساسي وحاسم.

وفي سياق البحث عن نسب وإحصاءات حول الطلاق في لبنان، يطالعنا تقرير يحمّل جزءاً من مسؤولية ارتفاع معدّلات الطلاق في لبنان إلى اللاجئات السوريات. ربّما تنطبق هنا مقولة "زعيمي لا يخطئ" أو "الحق على الطليان"، السوريّين في حالة لبنان.

*ناشطة نسوية


المساهمون