اشتكت والدة المتحدث الإعلامي السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين المعتقل، جهاد الحداد، من تعرضه لتضييق أمني غير مسبوق في سجن العقرب، جنوب القاهرة، منذ نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، مقالا باسمه.
وأوضحت الأم منى إمام، وهي طبيبة، أن ابنها عوقب بسبب المقال الذي أرسله إلى صحيفة "نيويورك تايمز" الأسبوع الماضي بعنوان "أنا عضو في جماعة الإخوان.. أنا لست إرهابيًا"، حيث تم إيداعه في زنازين "التأديب" بسجن العقرب.
وكتبت إمام في تدوينة على "فيسبوك"، مساء الأحد، أن "زنزانة التأديب يعرفها كل معتقلي العقرب اللعين، قبور مظلمة دون دورة مياه. دون نوافذ أو فتحات. حتى فتحة الباب مغلقة باستمرار. جدرانها مطلية بالأسود ودون كهرباء. ما يعني أن السجين يعيش في ظلام متواصل 24 ساعة".
وأوضحت أن مساحة الزنازين صغيرة، إلى حد أن السجين لا يمكنه النوم فيها إلا قاعدا لصغر حجمها، ونقلت عن ابنها المعتقل قوله، إن المعتقلين خلال "فترة التأديب" يحصلون في أحسن الأحوال على نصف رغيف في اليوم، وربما يحرمون نهائيا من الطعام، وفقا لمزاج إدارة السجن، وأن التأديب قد يستمر لأيام.
وأشارت إلى أن "ابنها يقبع منذ أيام في زنزانة "التأديب"، وهو يعاني من ضعف عام، وأنيميا حادة وصلت سابقا إلى مرحلة خطيرة.
ويواجه جهاد الحداد الحبس الانفرادي منذ ثلاث سنوات ونصف، في سجن "العقرب"، كما تمنع عنه الزيارة، بحسب والدته التي أوضحت أن "آخر زيارة رأى أولاده فيها كانت يوم عيد الأضحى الماضي، منذ 5 أشهر كاملة، وبدون إبداء أسباب".
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الخميس الماضي، مقالا كتبه الحداد، ووصلها عبر رسالة مسربة، من "سجن العقرب"، وجاء في المقال: "أكتب هذه الكلمات من داخل ظلام الحبس الانفرادي، بأشهر سجون مصر، حيث يتم احتجازي منذ أكثر من ثلاثة أعوام".
وأشار إلى أن دافعه للكتابة هو المناقشات الجارية في الولايات المتحدة الأميركية بخصوص اعتبار جماعة الإخوان المسلمين، "التنظيم الذي كرَّست له سنواتٍ عديدة من حياتي، جماعةً إرهابية".
ولفت الحداد إلى أن فلسفة الإخوان "مستوحاة من فهْم للإسلام يؤكد قيم العدالة الاجتماعية، والمساواة وسيادة القانون منذ تأسيسها، نحن محافظون، وبقاعدة شعبية كرست مصادرها كلها للقطاع العام خلال العقود التسعة الماضية، وأفكارنا بسيطة جدا، ونؤمن بترجمة الإيمان إلى عمل وواقع، وأن امتحان الإيمان هو الخير الذي يجب أن تقدمه لحياة الآخرين، وأن عمل الناس معا هو الطريق الوحيد لبناء الأمة، وتلبية طموحات شبابها، والانخراط في العالم بطريقة إيجابية، ونؤمن بأن التشاركية والشمولية متأصلة في ديننا، وأن لا أحد لديه تفويض إلهي لفرض رؤية واحدة على المجتمع".
وتابع المقال "منذ نشأتنا تعاملنا سياسيا مع المؤسسات في بلدنا، واجتماعيا لمواجهة احتياجات السكان، رغم كوننا أكثر جماعة مضطهدة في ظل حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وكانت مشاركتنا في البرلمان، سواء في تحالفات مع الأحزاب السياسية الأخرى، أو بصفتنا مستقلين، هي دليل على التزامنا بالتغيير القانوني والإصلاح، وجاهرنا بالحقيقة أمام السلطة في مناخ مليء في الأحزاب الشكلية التي تبصم للسلطة، وعملنا مع المنظمات المستقلة الداعية إلى الديمقراطية ضد خطط الرئاسة فيما يتعلق بنجل مبارك، وعملنا بشكل قريب مع عدد كبير من النقابات واتحادات العمال".
ويشير الحداد إلى أنه "خلال العام الأول من الديمقراطية الناشئة في مصر، كنا مكرسين لإصلاح مؤسسات الدولة، وتوسيع الحكم الديمقراطي، ولم نكن واعين للعوامل المضادة التي سنتلقاها من المتشددين في هذه المؤسسات، وقمنا بمواصلة الإصلاح من خلال الحكومة، وتجاهلنا الاحتجاجات في الشوارع، وكنا مخطئين، وسنرى الآن الكثير من الكتب التي كتبت حول أخطائنا، إلا أن تحليلا عادلا للوقائع سيُظهر أننا عارضنا وبشكل أساسي استخدام العنف، فمظاهر قصورنا كثيرة، والعنف ليس واحدا منها".
وأضاف "لا شيء يظهر التزامنا المطلق بالعمل السلمي أكثر من مواصلتنا الإصرار على المقاومة السلمية، رغم عنف الدولة غير المسبوق، فخلال السنوات الأربع الماضية سيطر الجنرال عبد الفتاح السيسي على السلطة، وقمع المعارضة، وأشرف على حملة اضطهاد، وارتكبت مؤسسات الدولة عمليات إعدام خارج القانون، بالإضافة إلى الاختفاء القسري لمئات المدنيين، واعتقال عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين، ووصفت منظمات حقوق إنسان مستقلة هذه الإجراءات القمعية بأنها شكل من الجرائم ضد الإنسانية، ورغم هذا كله، تمسكنا باعتقادنا القائم على حل خلافاتنا السياسية من خلال الحوار لا حملات التخويف أو الإرهاب، فنحن متمسكون بمُثُلنا لتطوير المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية والسلمية".
وختم الحداد رسالته بالقول: "وبإدراك متأخر، أشعر بالندم للمناورات السياسية التي خلقت مسافة بيننا والشعب الذي عشنا طويلا من أجل خدمته، وهو درس قاسٍ من الربيع العربي، ونعترف بأخطائنا، لكن القفز من المشاورة العامة إلى الاعتقال والتصنيف الوهمي منافٍ للعقل، ويعبّر عن قصر نظر وسابقة مثيرة للقلق".