وقال شقيق أحد المعتقلين لـ"العربي الجديد"، رافضاً الكشف عن هويته، إنّ أحد ضباط السجن "س.س" اقتحم مع عناصره عدداً من عنابر المعتقلين واعتدى عليهم بالضرب، ما أدى إلى إصابة العشرات منهم، مشيراً إلى أنّ أحدهم يعاني من نزيف حاد في الرأس.
وكانت إدارة السجن قد عمدت إلى قطع التيار الكهربائي والمياه عن عنابر المعتقلين. وأشارت مصادر من داخل السجن إلى تعرّض المعتقلين، أول من أمس، إلى حملة تعذيب بدني في غرف مخصصة للتعذيب تعرف باسم "الدواعي". فقد أجبروا على خلع ملابسهم بالكامل، بالترافق مع شتمهم وضربهم. وأصيب المعتقل أحمد بلدي بجروح بالغة الخطورة.
وتشير مصادر أمنية إلى أنّ "القوة الضاربة هي مجموعات من القوات الخاصة المدربة على مستويات عالية في قمع المدنيين، كما أنّها مسلحة بأدوات تعذيب مختلفة، من بينها الكهربائية، وأسلحة متطورة، إلى جانب إجادتها الفنون القتالية والألعاب العنيفة".
يأتي هذا في وقت صعّدت فيه المنظمات الحقوقية من انتقاداتها للانتهاكات التي تشهدها مصر، خصوصاً في مراكز الاحتجاز والسجون.
وأصدرت منظمة "لجنة العدالة" تقريراً بعنوان "مدافن أم سجون؟ إهدار الحق في الحياة في مقرات الاحتجاز في مصر"، اليوم. وفيه أدانت مقتل 395 معتقلاً منذ 30 يونيو/ حزيران 2013 حتى نهاية مارس/ آذار 2016، في187 مقراً للاحتجاز ما بين سجون وأقسام شرطة ومراكز للأمن المركزي وغيرها.
وكانت "المجموعة المتحدة للمحاماة"، وهي مؤسسة للدفاع عن الحقوق والحريات، قد أرسلت، الأربعاء الماضي، مشروع قانون "الوقاية من التعذيب" إلى رئيس مجلس النواب و30 برلمانياً يمثلون الكتل النيابية الرئيسية، مطالبة بإصداره.
ويتألف مشروع القانون من 17 مادة خُصصت أولاها لوضع تعريف محدد وشامل لجريمة التعذيب، يستند إلى ما استقرت عليه أحكام محكمة النقض المصرية، وكذلك للتعريف الوارد باتفاقية مناهضة التعذيب.
وخصصت المادة الثانية من القانون لتعديل المواد 126 و128 و129 و280 من قانون العقوبات، وهي النصوص العقابية على جريمة التعذيب والجرائم المرتبطة بها. ويضيف المشروع مادة جديدة إلى قانون العقوبات تنص على معاقبة المسؤول عن أماكن الاحتجاز التي تتم فيها جريمة التعذيب بالحبس والعزل من الوظيفة، لإخلاله بواجبات وظيفته في الرقابة والإشراف.
وفي مادة أخرى إلزام الدولة بتقديم العلاج البدني والنفسي للمجني عليهم في جرائم التعذيب والإكراه وسوء المعاملة، وكذلك تأهيلهم نفسياً واجتماعياً، فضلاً عن وضع حد أدنى للتعويض المقضي به في هذه الجرائم.
وكانت "المؤسسة المتحدة للمحاماة" قد أرسلت هذا المشروع إلى رئيس الجمهورية في أبريل/ نيسان 2015 لإصداره، لكنها لم تتلق رداً.
ومن المعروف أنّ الحكومة التزمت في مارس/ آذار 2015 أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإجراء تعديلات تشريعية تساعد في مكافحة جريمة التعذيب بفاعلية، ولم تنفذ أيّاً من وعودها، باستثناء زيارات متلفزة معدّة مسبقاً لعدد من مسؤولي المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي) إلى بعض السجون. وهي زيارات يصفها الحقوقيون بأنها مخصصة "لتبييض وجه وزارة الداخلية ومواجهة الاتهامات لها بقمع السجناء وتعذيبهم".