تقع قرية الحرم المسماة "سيدنا علي" على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على بعد 19 كيلومتراً شمال مدينة يافا، و15 كيلومتراً غرب مدينة قلقيلية، و13 كيلومتراً جنوب غرب بلدة الطيرة في منطقة المثلث الفلسطينيّ.
كانت القرية تابعة لقضاء يافا، وإلى الشمال من قرية الحرم تقع خرائب أرسوف، وهي مدينة كنعانيّة قديمة، شيدها الكنعانيون على ساحل البحر المتوسط، وعرفت في العهد اليوناني باسم آبولونيا نسبة إلى آبولو آخر آلهة اليونان. وكانت أرسوف وميناؤها على شاطئ البحر، محط أنظار الصليبيين، باعتبارها موقعاً استراتيجيّاً مهماً للسيطرة على الساحل الفلسطينيّ.
من هنا كانت أرسوف في دائرة المعارك بين المسلمين والصليبيين، الذين احتلوها في زمن الفاطميين سنة 1099ميلادية، واستردّها صلاح الدين بعد معركة حطين في سنة 1187، ولكنّها عادت إلى الصليبيين، بعد معركة جرت بين ريتشارد الأول وصلاح الدين الأيوبي في سنة 1191، ثم توالت السنين ليُسيطر السلطان المملوكي الظاهر بيبرس على المدينة سنة 1256، بعد حصار دام 40 يوماً، وقام بحرقها وتخريب حصونها وهدم أسوارها، خشية أن يعاود الصليبيون احتلالها من البحر والتحصّن بها من جديد.
وتُركت المدينة مُدمرة، بما فيها القلعة، حتى القرن السادس عشر الميلادي، حين عاد أهل المدينة الذين شرّدوا منها، واستقرّوا إلى الجنوب منها حول مقام الولي الصالح علي بن عليل، الذي قدم إلى فلسطين، وأقام في أرسوف، وتوفّي ودُفن فيها عام 474 هجري، أي سنة 1081. فنشأت بالقرب من أرسوف قرية (الحرم). وسُمّيت قرية الحرم بهذا الاسم لكونها نشأت في المكان الذي دفن فيه وليّ الله (علي بن عليل المعروف بابن عليم). وتكريماً لصاحب المقام، بُني في زمن صلاح الدين الأيوبي مسجد ليضم المقام، وأصبحت القرية تعرف أيضا باسم سيدنا علي، نسبة إلى مسجد سيدنا علي بن عليل، الموجود فيها.
وصاحب المقام من أرض فلسطين، يعود نسبه إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، فهو جده السابع. و لسيدنا علي بن عليل أربعة أولاد: فياض ومصطفى ومحمد وحسن. ومن ذريته عائلة العمري، يقال لهم آل التاجي الفاروقي وآل الخيري وعائلة أبو عرقوب في غزة ودورا الخليل.
يقيم المسلمون في مسجد سيدنا علي، الذي يضم مقام هذا الولي الصالح، شعائر صلاة الجمعة كل أسبوع، يؤمّونه من كل حدبٍ وصوب، وتمتلئ الأروقة بالمصلين لتأدية الصلاة فيه، والاستماع إلى الدروس والخطب الدينيّة. كما يقصده المسلمون في مختلف المواسم الدينية، وتقام فيه مجالس تنشد فيها قصائد مدح النبي، ويقدّمون النذور والصدقات للفقراء والمساكين.
وتضم الساحة الداخليّة لمسجد سيدنا علي ستة أروقة من الجهة الجنوبيّة، على جدارها الشماليّ تقع الغرفة التي دفن بها الولي علي بن عليل، أما جهاتها الثلاث الباقية الشرقيّة، الغربيّة والشماليّة فقد أقيمت ثلاثة أروقة في كل جهة، وفي الوسط توجد ساحة واسعة ومكشوفة تتّسع لمئات المصلين.
ومسجد سيدنا علي أثر إسلاميّ باقٍ بين مظاهر لا تنتمي له، وأبرزها وجوده في مدينة هرتسيليا. وقد رُمّم المسجد في العهد العثمانيّ، وتمّت عمليّات الترميم قبل الأخيرة من قبل المجلس الإسلاميّ الأعلى برئاسة الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس سنة (1926)، ومن ثم هُجِّر أهل قرية الحرم عام النكبة، وترك مهملاً، حتى بادرت إلى ترميمه "جمعية سيدنا علي" بدءاً من عام 1988-1996.
والحرم قرية صغيرة مساحتها 18 دونماً، وكانت منازلها مبنيّة بالحجر أو بالطوب، وقريبة بعضها من بعض. وقد أُسسَتْ فيها مدرسة ابتدائيّة في سنة1921. بلغ عدد طلابها 65 طالبًا في عام 1945، يعلّمهم معلمان، وللمدرسة مكتبة ضمت 132 كتاباً. وكان في القرية 110 من الرجال يلمّون بالقراءة والكتابة.
اقــرأ أيضاً
في عام 1945 قُدّر عدد أهالي القرية بـ 520 نسمة يتوزّعون على 150 منزلاً، وكان معظم سكان الحرم من المسلمين. وبلغ مجموع اللاجئين من هذه القرية في عام 1998 حوالي 3700 نسمة. وكانت الزراعة عماد اقتصاد القرية، ولها أراض زراعية مساحتها 8065 دونماً. بالإضافة إلى الزراعة اهتم سكان القرية أيضاً بصيد السمك.
ونتيجة لأعمال العنف التي كانت تقوم بها قوات "الهاغانا" الصهيونية ضد العرب الفلسطينيين، وقتل أبناء عائلة الشوبكي المجاورة للقرية، دبّ الرعب بين سكان القرية، واضطروا إلى مغادرتها والرحيل عنها، خوفاً من هجوم صهيوني وشيك على القرية، واحتلت قوات "الهاغانا" القرية بتاريخ 1948/2/3، وقامت بهدمها وتشريد أهلها البالغ عددهم عام 1948 حوالي 600 نسمة، وأقاموا على موقعها مستعمرة "رشف"، التي تعتبر اليوم ضاحية من ضواحي هرتسيليا العبريّة. كل ما تبقى اليوم من قرية الحرم هو المسجد والمقام، والأسس المهدمة لبعض منازل القرية، وعدة منازل يسكنها اليهود، ومقبرة مهدمة تبرز فيها بعض القبور المتناثرة هنا وهناك، وتشرف المقبرة المتهدمة على البحر، وتستخدم موقفاً لسيارات الإسرائيليين والسياح الأجانب.
ولكن هنالك في الآونة الأخيرة خطّة من قبل سلطات الترميم لتعبيد طريق للمشاة حول المقبرة وشبكها مع باقي المنطقة القريبة للشاطئ الخلاّب الموجودة قربه القرية والحرم.
وفي لقاء مع الشيخ أحمد يونس، رئيس الجمعيّة الخيريّة "سيدنا علي" قال إن مجرّد وجودنا في هذا المكان الذي هُجّر عام 1948 هو تحد بحد ذاته، وذلك بسبب عدم وجود حيّز عربي وإسلامي في المنطقة، إذ أصبحت الأحياء اليهوديّة وبيوت الدبلوماسيين تحيطها. في الفترة الحالية نعالج الأمور الجارية وهي الترميمات التي تجري في الأسوار المحيطة للحرم وقضيّة الوقاية الأمنيّة، إذ توجّهت لنا القوّات الأمنيّة من الشرطة وطالبتنا بتوخّي الحذر من المتطرّفين اليهود في حالة وجودهم بالقرب من الحرم، وفي حالة وجودهم طلبت منا إبلاغها بأسرع وقت وذلك من أجل التصدي لهم وإبعادهم من المنطقة وذلك طبعاً خوفاً من الاشتباكات، وأعتقد أيضاً أن السبب يعود لكون الحرم قريباً جداً من بيوت الدبلوماسيين الذين يبحثون عن بيئة هادئة وآمنة".
وأضاف "الجمعيّة ليس لها علاقة مع الحركة الإسلاميّة، بل هي جمعيّة مستقلّة عنها وتتبع منذ التسعينيّات من القرن الماضي لأوقاف الرملة، رغم أنها جغرافياً تابعة لمنطقة يافا، ولكن الإشكاليّات التي كانت آنذاك في "لجنة الأمناء" في يافا، لم تشجّعنا في البقاء والتبعيّة لمنطقة يافا. لذلك تحصل هذه الترميمات من قبل لجنة أوقاف الرملة التي ترمم المقامات والمساجد في منطقة الرملة واللد وضواحيها المهجورة".
واختتم قائلاً "هذا الجامع لولا أهل الخير وغيرتهم عليه، لما ترمّم وأصبح مثلما تشاهده اليوم، فأذكر زيارتي الأولى للمكان عام 1989 بحيث كان مهملا ومليئاً بالنفايات وبالطبع مهجوراً. أمّا اليوم وبحمد الله تعالى، المسجد مرمّم وهنالك الإضافات التي بنيت من أجل توسيع أماكن الصلاة، بالإضافة إلى المكتبة والمصلى للنساء والغرف المرمّمة والتي يسكنها الحارس يومياً".
وفي سياق التخليد التاريخيّ لهذا المبنى العريق، تتم دراسة اقتراح طُرح من قبل أحد أعضاء الإدارة للجمعيّة وهو ترميم وافتتاح غرفة من غرف الحرم لتصبح متحفاً شاهداً على تاريخ هذا المكان وهذه القرية، وذلك من أجل تعريف الزوار والمصلين إلى هويّة هذا المكان الذي كان عامراً مئات السنين وفي بضعة ساعات هُجّر قسراً ليصبح مقاماً وحيداً وغير مألوف للحيّز المحيط به.
اقــرأ أيضاً
وصاحب المقام من أرض فلسطين، يعود نسبه إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، فهو جده السابع. و لسيدنا علي بن عليل أربعة أولاد: فياض ومصطفى ومحمد وحسن. ومن ذريته عائلة العمري، يقال لهم آل التاجي الفاروقي وآل الخيري وعائلة أبو عرقوب في غزة ودورا الخليل.
يقيم المسلمون في مسجد سيدنا علي، الذي يضم مقام هذا الولي الصالح، شعائر صلاة الجمعة كل أسبوع، يؤمّونه من كل حدبٍ وصوب، وتمتلئ الأروقة بالمصلين لتأدية الصلاة فيه، والاستماع إلى الدروس والخطب الدينيّة. كما يقصده المسلمون في مختلف المواسم الدينية، وتقام فيه مجالس تنشد فيها قصائد مدح النبي، ويقدّمون النذور والصدقات للفقراء والمساكين.
وتضم الساحة الداخليّة لمسجد سيدنا علي ستة أروقة من الجهة الجنوبيّة، على جدارها الشماليّ تقع الغرفة التي دفن بها الولي علي بن عليل، أما جهاتها الثلاث الباقية الشرقيّة، الغربيّة والشماليّة فقد أقيمت ثلاثة أروقة في كل جهة، وفي الوسط توجد ساحة واسعة ومكشوفة تتّسع لمئات المصلين.
ومسجد سيدنا علي أثر إسلاميّ باقٍ بين مظاهر لا تنتمي له، وأبرزها وجوده في مدينة هرتسيليا. وقد رُمّم المسجد في العهد العثمانيّ، وتمّت عمليّات الترميم قبل الأخيرة من قبل المجلس الإسلاميّ الأعلى برئاسة الحاج أمين الحسيني، مفتي القدس سنة (1926)، ومن ثم هُجِّر أهل قرية الحرم عام النكبة، وترك مهملاً، حتى بادرت إلى ترميمه "جمعية سيدنا علي" بدءاً من عام 1988-1996.
والحرم قرية صغيرة مساحتها 18 دونماً، وكانت منازلها مبنيّة بالحجر أو بالطوب، وقريبة بعضها من بعض. وقد أُسسَتْ فيها مدرسة ابتدائيّة في سنة1921. بلغ عدد طلابها 65 طالبًا في عام 1945، يعلّمهم معلمان، وللمدرسة مكتبة ضمت 132 كتاباً. وكان في القرية 110 من الرجال يلمّون بالقراءة والكتابة.
ونتيجة لأعمال العنف التي كانت تقوم بها قوات "الهاغانا" الصهيونية ضد العرب الفلسطينيين، وقتل أبناء عائلة الشوبكي المجاورة للقرية، دبّ الرعب بين سكان القرية، واضطروا إلى مغادرتها والرحيل عنها، خوفاً من هجوم صهيوني وشيك على القرية، واحتلت قوات "الهاغانا" القرية بتاريخ 1948/2/3، وقامت بهدمها وتشريد أهلها البالغ عددهم عام 1948 حوالي 600 نسمة، وأقاموا على موقعها مستعمرة "رشف"، التي تعتبر اليوم ضاحية من ضواحي هرتسيليا العبريّة. كل ما تبقى اليوم من قرية الحرم هو المسجد والمقام، والأسس المهدمة لبعض منازل القرية، وعدة منازل يسكنها اليهود، ومقبرة مهدمة تبرز فيها بعض القبور المتناثرة هنا وهناك، وتشرف المقبرة المتهدمة على البحر، وتستخدم موقفاً لسيارات الإسرائيليين والسياح الأجانب.
ولكن هنالك في الآونة الأخيرة خطّة من قبل سلطات الترميم لتعبيد طريق للمشاة حول المقبرة وشبكها مع باقي المنطقة القريبة للشاطئ الخلاّب الموجودة قربه القرية والحرم.
وفي لقاء مع الشيخ أحمد يونس، رئيس الجمعيّة الخيريّة "سيدنا علي" قال إن مجرّد وجودنا في هذا المكان الذي هُجّر عام 1948 هو تحد بحد ذاته، وذلك بسبب عدم وجود حيّز عربي وإسلامي في المنطقة، إذ أصبحت الأحياء اليهوديّة وبيوت الدبلوماسيين تحيطها. في الفترة الحالية نعالج الأمور الجارية وهي الترميمات التي تجري في الأسوار المحيطة للحرم وقضيّة الوقاية الأمنيّة، إذ توجّهت لنا القوّات الأمنيّة من الشرطة وطالبتنا بتوخّي الحذر من المتطرّفين اليهود في حالة وجودهم بالقرب من الحرم، وفي حالة وجودهم طلبت منا إبلاغها بأسرع وقت وذلك من أجل التصدي لهم وإبعادهم من المنطقة وذلك طبعاً خوفاً من الاشتباكات، وأعتقد أيضاً أن السبب يعود لكون الحرم قريباً جداً من بيوت الدبلوماسيين الذين يبحثون عن بيئة هادئة وآمنة".
وأضاف "الجمعيّة ليس لها علاقة مع الحركة الإسلاميّة، بل هي جمعيّة مستقلّة عنها وتتبع منذ التسعينيّات من القرن الماضي لأوقاف الرملة، رغم أنها جغرافياً تابعة لمنطقة يافا، ولكن الإشكاليّات التي كانت آنذاك في "لجنة الأمناء" في يافا، لم تشجّعنا في البقاء والتبعيّة لمنطقة يافا. لذلك تحصل هذه الترميمات من قبل لجنة أوقاف الرملة التي ترمم المقامات والمساجد في منطقة الرملة واللد وضواحيها المهجورة".
واختتم قائلاً "هذا الجامع لولا أهل الخير وغيرتهم عليه، لما ترمّم وأصبح مثلما تشاهده اليوم، فأذكر زيارتي الأولى للمكان عام 1989 بحيث كان مهملا ومليئاً بالنفايات وبالطبع مهجوراً. أمّا اليوم وبحمد الله تعالى، المسجد مرمّم وهنالك الإضافات التي بنيت من أجل توسيع أماكن الصلاة، بالإضافة إلى المكتبة والمصلى للنساء والغرف المرمّمة والتي يسكنها الحارس يومياً".
وفي سياق التخليد التاريخيّ لهذا المبنى العريق، تتم دراسة اقتراح طُرح من قبل أحد أعضاء الإدارة للجمعيّة وهو ترميم وافتتاح غرفة من غرف الحرم لتصبح متحفاً شاهداً على تاريخ هذا المكان وهذه القرية، وذلك من أجل تعريف الزوار والمصلين إلى هويّة هذا المكان الذي كان عامراً مئات السنين وفي بضعة ساعات هُجّر قسراً ليصبح مقاماً وحيداً وغير مألوف للحيّز المحيط به.