عاملات تركيا يواجهن ذكورية المجتمع والقوانين

22 سبتمبر 2015
المساواة غائبة بالرغم من الشعارات (فرانس برس)
+ الخط -

تشير أرقام مركز الإحصاء التركي التابع للحكومة إلى أنّ نسبة مشاركة النساء ممن يتجاوزن سن 15 عاماً في سوق العمل ارتفعت من 23.3 في المائة عام 2004 إلى 29.9 في المائة عام 2014. وبالتالي وصل تعداد النساء العاملات في البلاد إلى 8.1 ملايين امرأة العام الماضي.
ومع ذلك، لا تشجع القيم والمعايير في المجتمع التركي عمل المرأة. وبحسب المسح العالمي للقيم الذي تجريه بشكل منتظم رابطة مسح القيم العالمية في استوكهولم، فإنّ 63.6 في المائة من الرجال، و55.1 في المائة من النساء في تركيا يرون بأنه "عندما تندر فرص العمل، ينبغي أن يكون للرجال الحق في العمل أكثر من النساء".

ويشير المسح أيضاً إلى أنّ 51 في المائة من الرجال و43 في المائة من النساء يؤمنون بأنه "عندما يفوق دخل المرأة المالي دخل الرجل فإنّ هذا لا بدّ أن يؤدي إلى مشاكل بين الطرفين". بينما يؤمن 73 في المائة من الرجال و66.8 في المائة من النساء أنّ "كون المرأة ربة منزل يحقق لها الاكتفاء كما لو أنها كانت تكسب المال عبر العمل في الخارج".
وأكثر من ذلك، ففي المسح الصحي والديموغرافي الذي أجرته جامعة "حجة تبة" في مدينة أنقرة لعام 2013، رتب المستطلعون أسباب عدم عمل المرأة كالتالي: 21.7 في المائة من النساء لا يعملن لأنهن يفضلن أن يكن ربات منزل، 19.2 في المائة بسبب الحاجة إلى العناية بالأطفال، 14.8 في المائة لأنّ العائلة أو الزوج لا يسمح للمرأة بالعمل. وهو ترتيب يؤكد أنّ قيم المجتمع التركي لا تفضل عمالة المرأة، وتحصر دورها بالعناية بالأطفال وشؤون المنزل.

من جانبها، تؤكد المختصة النفسية نرمين ماكينة باكان أنّ "أنانية ونرجسية الرجل التركي تدفعانه لتفضيل قيام شخص آخر بمهمة العناية به، وتجعلانه يعارض عمل المرأة". وتدلّ على كلامها بما توصل له الباحثون في "معهد روكستر للتكنولوجيا" في الولايات المتحدة من أنّ وفاة الزوج لا تسبب أي ارتفاع في احتمالية وفاة المرأة. بينما ترتفع احتمالات وفاة الرجال الأرامل بنسبة 30 في المائة بعد وفاة زوجاتهن، لأنّهم غير قادرين على العناية بأنفسهم.
من جهتها، تقول المواطنة ميلدا معدن أوغلو (32 عاماً) المتزوجة والأم لطفل واحد: "تخرجت من كلية العلاج الفيزيائي، لكني تخليت عن طموحاتي بالعمل بعد مدة قصيرة من الزواج والولادة. وبدأت بالبحث عن أعمال روتينية لا تطلب سوى عدد قليل من الساعات. لم يكن لدي خيار بسبب تحملي وحدي أعباء المنزل والعناية بالطفل".
تضيف ميلدا أنّها تعود إلى المنزل متعبة كزوجها، لكنه ينتظر منها أن تقوم وحدها بأعباء المنزل والعناية بالطفل. وهو ما ينبع من قناعة ذكورية سائدة في المجتمع التركي في أنّ أعباء المنزل والعناية بالأطفال هي وظيفة المرأة وحدها، بينما يُعفى الرجال من ذلك.

وتنعكس الصعوبات التي تواجهها المرأة بسبب قيم المجتمع على القوانين بدورها. فالقانون التركي يمنح المرأة الحامل إجازة أمومة مدفوعة الأجر لا تتجاوز 16 أسبوعاً، ثمانية أسابيع منها تؤخذ قبل الولادة وثمانية بعد الولادة، وعندما تنتهي يحق للمرأة أن تتقدم بطلب لإجازة غير مدفوعة لمدة لا تتجاوز ستة أشهر. كما لا تتجاوز إجازة الأبوة ثلاثة أيام. بينما تتساهل فرنسا وإسبانيا، وخصوصاً ألمانيا في إجازات الأمومة والأبوة.

وبحسب الدراسة التي أجرتها جامعة "قدير هاس" في إسطنبول العام الجاري وشملت ألف شخص في 26 مدينة تركية، فإنّ مشاركة المرأة في سوق العمل تنخفض بشدة بعد بدء مرحلة الأمومة. ويعتقد نحو 70 في المائة من الرجال والنساء المشاركين أنّ المرأة لا تمتلك نفس فرص الرجل في العمل. كما تعتقد 80 في المائة من النساء المشاركات أنّ المرأة تُدفع لترك العمل بسبب الأمومة التي تعتبر عيباً في سوق العمل.
تقول الشريكة المؤسسة في منظمة "نحن من جديد" الحقوقية ديدم ألتوب: "نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل للنساء ما دون 25 عاماً هي 37 في المائة، وتتدنى النسبة إلى 29 في المائة في المجموع الكلي. والسبب الرئيسي هو أنّ هذه السن هي سن الزواج حيث تبدأ أعباء المنزل والأطفال". وتضيف أنّ "65 في المائة من النساء يتركن العمل بعد الزواج أو الإنجاب. ولسوء الحظ يلعب أصحاب العمل دوراً في هذا، حين يتم التخلي عن المرأة العاملة عندما تبتعد عن العمل لأكثر من ستة أشهر".

كذلك تعاني المرأة من عدم المساواة مع الرجل في حقوق العمل لناحية الضمان الاجتماعي والصحي. وتشير إحصائيات جميعة سيدات الأعمال التركية بأنه من بين 8.1 ملايين امرأة عاملة، لم يتم تسجيل سوى 4.4 ملايين في وزارة العمل، لتبقى 3.7 ملايين عاملة بلا حقوق أو تأمين.

اقرأ أيضاً: هذا واقع الإجهاض في تركيا
المساهمون