لا خصوصيّة للمصريات.. ضحايا التحرّش

16 اغسطس 2015
يتدربن على الدفاع عن أنفسهن ضد التحرش (فرانس برس)
+ الخط -

احتلت مصر المركز الثاني لناحية التحرش الجنسي على مستوى العالم، وبنسبة وصلت إلى 64 في المائة من النساء، وفقاً لتقارير منظمات الدفاع عن حقوق المرأة العالمية عام 2015. أيضاً، احتلت مصر المركز الثاني في قائمة الاتجار بالنساء، وفقاً لتقرير مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان وبيان الأمم المتحدة، الذي أكد تصدر مصر مرتبة متقدمة في هذا المجال، وخصوصاً زواج القاصرات.

وفي ظل زيادة معدلات جرائم العنف الجنسي، سواء كانت فردية أو جماعية، وتقديم عدد كبير من المنظمات والمجموعات النسوية والحقوقية مشروع قانون لتعديل بعض مواد قانون العقوبات المتعلقة بالعنف الجنسي ضد المرأة، للحكومة المصرية، أصدرت مؤسسة "نظرة" للدراسات النسوية، دراسة بعنوان "الحق في الخصوصية وبعض أوجه قصور القانون في قضايا العنف الجنسي". وتقول، إن استجابة الدولة لوقائع العنف الجنسي، لم تكن بالحجم المتوقع. وعلى الرغم من أن الرئيس المصري السابق المؤقت، عدلي منصور، أصدر في 5 يونيو/حزيران 2014 مرسوماً حمل الرقم 50، وعرف بـ "قانون التحرش"، إلا أنه لم يتطرق إلى إشكاليات عدة، سواء على المستوى القانوني، أو في ما يخص حماية خصوصية الناجيات من تلك الجرائم.

وتؤكد المؤسسة، أنه على الرغم من النواحي الإيجابية لهذا التعديل، إلا أن ما يؤخذ على المشرع، بخلاف التعريف السلبي للتحرش، أنه لم يتطرق إلى بقية المواد التي تتناول الجرائم الجنسية في قانون العقوبات وتعريفاتها القاصرة، فضلاً عن وجود بعض الإشكاليات المتعلقة بالتقاضي في جرائم الاعتداء الجنسي وهتك العرض. إذ يعرف القانون والفقه المصري "القاصر" جريمة الاغتصاب، أنها "كل من واقع أنثى بطريقة طبيعية من دون رضاها". وترى المؤسسة أن العديد من جرائم الاغتصاب تعد جرائم "هتك عرض".

من جهة أخرى، يؤدي هذا التصنيف إلى نتائج غير دقيقه لدى حصر معدلات جرائم الاغتصاب داخل المجتمع المصري، سواء من الدولة أو منظمات المجتمع المدني. واستناداً إلى هذه النتائج والمؤشرات الخاطئة، لا يمكن بناء استراتيجية سليمة للتصدي لتزايد معدلات جريمة الاغتصاب في المجتمع، بحسب الدراسة. وترى المؤسسة أن التعامل مع جرائم خطيرة، كجرائم العنف الجنسي، يجب أن يكون في إطار رؤية شاملة للإصلاح التشريعي في قانون العقوبات على ألا يقتصر على تعديل مادة واحدة فقط.
وترى الدراسة أن إحدى أهم دلالات قصور الدولة وإهمالها في التعامل مع جرائم العنف الجنسي، هي "حماية خصوصية الناجيات من العنف الجنسي وسرية بياناتهن"، مؤكدة، أنه على مدار السنوات الثلاث السابقة، وأثناء متابعة عشرات القضايا، رصدت العديد من انتهاكات الخصوصية، سواء من الدولة أو وسائل الإعلام، وهو أمر شديد الخطورة.

وتنتقد مصلحة الطب الشرعي التي تصدر التقارير الطبية الخاصة بجرائم العنف الجنسي، علماً أنها "لا تتمتع بالاستقلالية، بل تتبع جهة تنفيذية هي وزارة العدل. وعندما تأمر النيابة العامة بـ "عرض الناجيات على مصلحة الطب الشرعي، يرسلن بصحبة عسكري أو أمين شرطة، ما لا يراعي حالتهن النفسية والصحية".
أيضاً، تنتقد إصدار المصلحة التقارير المتعلقة بحوادث العنف الجنسي، لافتة إلى أنه "أثناء الكشف الطبي على الناجيات، لا يتواجد طبيب/ة نفسي/ة لمساعدتهن وتهدئتهن وتأهيلهن نفسياً قبل خضوعهن لإجراءات الكشف الطبي، فضلاً عن عدم وجود غرف خاصه ومجهزة بالشكل اللائق للناجيات من العنف الجنسي".

اقرأ أيضاً: مراهقو مصر أيضاً تُصيبهم لوثة التحرّش

وفي مرحلة عرض الناجيات على النيابة العامة، تؤكد الدراسة، أنه لا يوجد أي مكان مخصص لانتظار الناجيات قبل بداية التحقيق. أحياناً، يتواجدن، أثناء الإدلاء بأقوالهن في النيابة العامة، في غرف تحقيق تضم أكثر من وكيل نيابة يحققون في جرائم أخرى، ويُطلب منهن سرد تفاصيل الواقعة أمام عدد كبير نسبياً من الأشخاص، ما يُضاعف شعورهن بالإحراج".
وتضطر الناجيات في النيابة العامة، وفقاً للدراسة، إلى "شرح ملابسات الواقعة أكثر من مرة، وإخبار تفاصيل دقيقة من دون مراعاة الصدمة النفسية". كما يدخل المتهم إلى غرفة التحقيق ويقف على مقربة من الضحية (للتعرف عليه)، من دون أي عوازل.

إلى ذلك، تنتقد الدراسة نشر وسائل الإعلام المصرية أسماء الناجيات وتفاصيل التحقيقات معهن، ما قد يهدد حياتهن ويدمر مستقبلهن. أيضاً، ترفض إصدار بعض المحامين تصريحات مسيئة إلى الناجيات، وتعمّد آخرين إفشاء أسرارهن وتسريب بيانات شخصية وعنوان السكن أو العمل، إلى أهالي المتهمين ما يؤدي إلى تهديد الناجيات أو الضغط عليهن، ما يخالف قانون المحاماة رقم 17 عام 1987.
وتُطالب الدراسة بضرورة أن تكون غرف التحقيق مهيئة لتأمين خصوصية الناجيات في القضايا الجنسية، وضرورة استصدار تشريع ضمن مشروع قانون حماية الشهود والمُبلغين المزمع صدوره، يحمي خصوصية معلومات وبيانات المُبلغين/المُبلغات، والشهود في الجرائم الجنسية، على أن يكون أي تسريب لتلك المعلومات مسؤولية جهات التحقيق.

اقرأ أيضاً: "إسكندرية أمان زي زمان" مبادرة ضد التحرش بالعيد
المساهمون