خطر سد النهضة على السودان

07 ديسمبر 2014
انفصال الجنوب أفقد السودان 80% من الموارد الطبيعية (Getty)
+ الخط -
عندما رحل المستعمر عن السودان في خمسينيات القرن الماضي، خلف وراءه خدمة مدنية معافاة، كانت الأفضل في أفريقيا والشرق الأوسط، بحسب الخبير الإعلامي إبراهيم دقش.
يقول دقش إنّ مجزرة الخدمة المدنية ارتكبت في ثورة أكتوبر 1964 باسم "التطهير". وأجهزت حكومة مايو/أيار 1969 على ما تبقى، بذات الشعارات. وأكملت حكومة الإنقاذ في يونيو/حزيران 1989، على البقية باسم الصالح العام. لتتحول الخدمة المدنية إلى مجرد هياكل خربة، وإدارات مترهلة، تمارس هجوماً ضارياً على الموارد الطبيعية لسد النقص في خزائن الدولة.

الخبير البيئي عاصم المغربي يستدل على خطأ السياسات فيما يتعلق بالشأن الاقتصادي- البيئي بحقيقة أنه بعد اكتمال بناء سد مروي الذي استهلك ملايين الأطنان من الإسمنت المستورد، نشأت ثمانية مصانع للإسمنت من دون دراسات جدوى بيئية، في شمال السودان، تزيد إنتاجيتها على السوق المحلي، مع استمرار فتح باب الاستيراد.

يتفق الجميع على أنّ انفصال الجنوب هو أفدح الخسائر في الآونة الأخيرة، فقد أفقد السودان حوالى 80 % من الموارد الطبيعية، عدا عن المياه الواردة من النيل الأبيض والتي تقدر بـ14 مليار متر مكعب. ولا تحتجز منطقة السدود هذه الكميات الهائلة من المياه فحسب. فالبعض يتهمها بأنها كانت حجر عثرة حال دون انسياب الثقافة العربية والإسلامية نحو أفريقيا.
اتفاقية المياه بين السودان ومصر عام 1959 لم تتضمن نصاً يحدد مدة سريان الاتفاقية أو كيفية تعديلها، فكأنّها غير قابلة للتعديل والتغيير. وقد حددت أن يكون نصيب مصر من المياه ما يعادل 55.5 مليار متر مكعب، ونصيب السودان 18.5 مليار متر مكعب، يؤكد الخبراء أنه يستخدم منها ما بين 12 و14 مليار متر مكعب فقط.

أما أثيوبيا الجارة الشرقية، وبالرغم من أنّ ما تساهم به بحيرة تانا في موارد النيل لا يتعدى 7%، إلا أنّ عزمها على إنشاء سد النهضة سيؤثر سلباً على السودان على أكثر من صعيد. ويؤكد الخبير حيدر يوسف أنّ ذلك سيفقد السودان ميزة تجديد التربة وتغذية المياه الجوفية. كما أنّ الخارطة الاقتصادية الأثيوبية لم تكن تتضمن سد النهضة، وهو ما يرفع الاتهامات ضد أثيوبيا بأنّه سدّ سياسي وليس اقتصاديا. وقد ورد أنّ من أهدافه السيطرة على الفيضان، بينما الأصحّ قول إدارة الفيضان. مخاطر أخرى تكمن في موقع السد في منطقة زلازل الأخدود الأفريقي، وهو ما يجعله عرضة للانهيار. وفي هذه الحالة ستغرق أجزاء كبيرة من الأراضي السودانية. ويبقى السؤال لحكومتي مصر والسودان: ماذا بعد السد؟
(متخصص في شؤون البيئة)
المساهمون