وفيات الأمهات في الأردن... خلل صحي

16 مايو 2022
مخاطر كبيرة على الأمهات في الأردن (سالي هيدين/ Getty)
+ الخط -

كشف التقرير الوطني الثالث لوفيات الأمهات في الأردن ارتفاع عدد وفيات الأمهات في أثناء الحمل أو الولادة خلال السنوات الأخيرة، ما يدق ناقوس الخطر حول تراجع مؤشرات الصحة في البلاد، ويكشف مخاطر تهدد المواطنين، وخاصة إذا قورنت الأرقام والإحصاءات الجديدة بدراسات سابقة.
وأظهرت نتائج دراسة أعلنت الشهر الماضي ارتفاع معدل وفيات الأمهات في البلاد إلى 38.5 وفاة لكل 100 ألف مولود، مقارنة بـ32.4 وفاة لكل 100 ألف مولود عام 2019، وهو ما عزاه منظمو الدراسة إلى جائحة كورونا. لكن مقارنة هذه الأرقام بالدراسة الوطنية لوفيات الأمهات في الأردن عام 2008 تكشف خللاً واضحاً في القطاع الصحية، باعتبار أن نسبة وفيات الأمهات بلغت 19.1 لكل 100 ألف مولود حينها بسبب النزف الذي شكل النسبة الأكبر، إلى جانب جلطات الدم والتسمم خلال الحمل. وهكذا تظهر الأرقام الجديدة اتجاهاً سلبياً مع تضاعف وفيات الأمهات خلال الأعوام الـ12 الأخيرة. 

وفيما وضع التقرير العالمي لمؤشر الفجوة بين الجنسين لعام 2021 الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، الأردن في المركز الـ 145 على مستوى الصحة، بعدما كان يحتل المركز الـ 103 عام 2020، أي بتراجع 42 مركزاً، يعزو وزير الصحة السابق الدكتور زيد حمزة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، هذا الأمر إلى "تراجع الخدمات الصحية في الأردن بغضّ النظر عن الازدهار الخادع للقطاع الصحي الخاص في البلاد، والمتمثل ببناء مستشفيات وعيادات فارهة. والأساس في الرعاية الصحية هو المراكز الأولية والثانوية والمستشفيات العامة التي تقدم خدمات للناس".  
ويوضح أن "معدل وفيات الأمهات والأطفال الرضع من أهم المؤشرات الصحية على تأخر أو تقدم النظام الصحي والحال الصحية في أي بلد، وليس فقط الحديث عن معدل الأسرة وعدد المستشفيات والأطباء أو عدد أجهزة الرنين المغناطيسي التي تعتبر مظاهر لا تعكس جودة الخدمات الطبية الحقيقية المقدمة إلى المواطنين". وسأل: "هل عادت نسبة الوفيات إلى ما كانت عليه عندما كانت تولّد دايات النساء في البيوت، وكانت توجد 10 مستشفيات في مقابل 70 اليوم؟".  
ويرى أن "هذه النتائج طبيعية ما دام القطاع العام يواجه تعديات ويُستهزأ بدوره ويُقلَّل من أهميته لحساب السياحة العلاجية والخدمات الفندقية في المستشفيات. وكلّ الدول التي تعتمد على تمويل البنك الدولي تتجه إلى خصخصة قطاعها الصحي، ومنها الأردن، وفي ظل هذه الحال يحدث التعدي على نظام التأمين الصحي". 

الصورة
زاد عدد مراجعي القطاع الصحي بسبب الفقر والبطالة (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)
زاد عدد مراجعي القطاع الصحي بسبب الفقر والبطالة (خليل مزرعاوي/ فرانس برس)

2018 أساس الإحصاءات
من جهته، يقول عضو لجنة المتابعة لحملة "صحتنا حق" الدكتور عصام الخواجا لـ"العربي الجديد" إن "الأرقام المختلفة قد ترتبط بنظام الإحصاء، ففي السابق لم يتوافر نظام وطني للرصد، وربما لم تدوّن وفيات. وقد صدر في عام 2016 النظام الوطني لوفيات الأمهات في الأردن بناءً على تعريف جديد يعتمد معايير معينة ومحددة يجري تطبيقها عبر مشرفين في المستشفيات الحكومية والخاصة، وبالتالي يمكن اعتبار رقم 29.8 لكل 100 ألف مولود الذي أورده التقرير الذي صدر عام 2018 وفق نظام الرصد الجديد، الأساس في الإحصاءات، رغم أن بداية تطبيق أي نظام قد يشهد نقاط ضعف في نظام الرصد والتدوين". 
ويشير إلى أنّه في عام 2019 ارتفعت النسبة إلى 32.4 وفاة لكل 100 ألف مولود، ثم إلى 38.5 لكلّ 100 ألف مولود عام 2020، وذلك بسبب ظروف جائحة كورونا التي عطلت الكثير من الخدمات التي يقدمها النظام الصحي. لكن ارتفاع الوفيات يؤكد في كل الأحوال ضرورة البحث عن الأسباب المتعلقة بطرق الرعاية، خاصة إذا حصلت بعيداً عن جائحة كورونا، علماً أنّها تراجعت بمعزل عن وفيات الأمهات بسبب زيادة الطلب على خدمات القطاع الصحي العام مقابل استقرار حال البنية التحتية وهجرة الكوادر الطبية، كذلك زاد الفقر والبطالة عدد مراجعي هذا القطاع".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وأشار إلى "تراجع المؤشرات الصحية عموماً، علماً أنّ عدد الأسرّة في المستشفيات تقلص من 18 سريراً لكلّ 10 آلاف مواطن إلى 14 سريراً لكلّ 10 آلاف مواطن، في حين أنّ عدد الكوادر الطبية والتمريضية شبه ثابت مقابل نمو عدد السكان الذي زاد بنسبة 33 في المائة على الأقل خلال السنوات العشر الأخيرة، كذلك فإنّ ميزانية وزارة الصحة شبه ثابتة".