اليوم في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، يُختَتَم "الأسبوع العالمي للتوعية بمقاومة مضادات الميكروبات" الذي كانت منظمة الصحة العالمية قد أطلقته في 18 من هذا الشهر، وسط قلق بالغ يعبّر عنه المسؤولون الأمميون وكذلك غيرهم من المعنيين بالشؤون الصحية، على خلفية عشوائية استهلاك هذه الأدوية التي تأتي في أربعة أنواع هي المضادات الحيوية ومضادات الفيروسات ومضادات الفطريات ومضادات الطفيليات.
وتمثّل مقاومة مضادات الميكروبات "تهديداً عالمياً كبيراً"، سواءً للإنسان أو الحيوان أو النبات أو الغذاء أو البيئة، لذا تدعو المنظمة إلى "التعامل معها بحرص". وقد أشارت تقديرات، في عام 2019، إلى خمسة ملايين وفاة مرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات البكتيرية، بما في ذلك 1.27 مليون وفاة ناجمة عنها مباشرة، بحسب ما تبيّن منظمة الصحة العالمية. وتوضح أنّ التصدي لمقاومة مضادات الميكروبات يستوجب اتّباع نهج شامل ومتعدّد القطاعات يُشار إليه بنهج "صحة واحدة".
ويحرص القائمون على هذه الحملة، منذ إطلاقها، على التركيز على خصوصيّة البلدان والمناطق وعلى "الثغرات" التي تتوجّب الإضاءة عليها في كلّ منها، سواءً أكان ذلك يتعلّق بعشوائية الاستخدام أو بالاستخدام المفرط أو بالوصف الطبي العشوائي.
مقاومة مضادات الميكروبات يمكن أن تؤثر على أي شخص في أي مكان في العالم.
— WHO Regional Office for the Eastern Mediterranean (@WHOEMRO) November 24, 2023
ويمكن أن تؤدي مقاومة مضادات الميكروبات إلى:
🔵البقاء في المستشفى لفترات أطول
🔵ارتفاع التكاليف الطبية
🔵يمكن أن يؤدي إلى الإعاقة مدى الحياة أو حتى الوفاة pic.twitter.com/EDPZQ9v1aq
ولعلّ المضادات الحيوية التي يشير إليها كثيرون باسم "أنتيبيوتيك" هي ربّما النوع الذي يعني العدد الأكبر من الناس من بين مضادات الميكروبات، ولا سيّما في البلدان التي تُستهلَك فيها بطريقة عشوائية ومفرطة، إذ لا يستوجب شراؤها وصفة طبية أو يصف الأطباء هذه المضادات كيفما اتّفق، كما هي الحال في بلدان عربية كثيرة أو في بلدان العالم الثالث أو حتى بلدان أوروبية أو غيرها.
وفي هذا الإطار، إلى جانب التوعية العامة حول مضادات الميكروبات التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط، فقد ركّز مكتب المنظمة الإقليمي على الكتاب الإرشادي (الذي وضعته المنظمة الأم) لاستخدام المضادات الحيوية، وفقاً لفئات الإتاحة والمراقبة والاحتياط، وذلك من أجل تقديم إرشادات بشأن استخدام المضادات الحيوية وتحسين وصفها على الصعيد العالمي.
ولجأ المنظمة في إقليم شرق المتوسط إلى منصات التواصل الاجتماعي خصوصاً لإيصال رسائله في هذا السياق، سواءً للعامة أو للعاملين في المجال الصحي. وبحسب ما أكّد في حملة هذا العام، فإنّ "الوصف والاستخدام المناسبَين للمضادات الحيوية هما سبيل الوقاية من ظهور مقاومة مضادات الميكروبات وانتشارها، في نهاية المطاف".
يُذكر أنّ الكتاب الإرشادي المشار إليه كان قد أُصدر في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2022 الماضي، لكنّ القائمين على حملة هذا لعام، لا سيّما في إقليم شرق المتوسط، رأوا ضرورة إعادة الإضاءة عليه والترويج له.
يقدم الكتاب إرشادات موجزة ومسندة بالبيّنات بشأن اختيار المضادات الحيوية، والجرعة، وطريقة الإعطاء، ومدة العلاج لأكثر من 30 عدوى سريرية هي الأكثر شيوعًا بين الأطفال والبالغين في كل من مرافق الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات. pic.twitter.com/VzmK1cWIKE
— WHO Regional Office for the Eastern Mediterranean (@WHOEMRO) November 21, 2023
من جهته، حذّر منظمة الصحة العالمية في إقليم أوروبا من أنّ الإفراط في استهلاك المضادات الحيوية يقوّض فاعليتها بصورة خطرة ويعزّز مقاومة مضادات الميكروبات التي من المتوقّع أن تتسبّب في وفاة 10 ملايين شخص في مختلف أنحاء العالم بحلول عام 2050، في حال عدم التحرّك فوراً من أجل إيجاد حلول مناسبة.
وفي بيان أخير، أفادت المنظمة في إقليم أوروبا الذي يضمّ 53 بلداً، من بينها بلدان في آسيا الوسطى، بأنّه "فيما تُعَدّ مقاومة مضادات الميكروبات (من بينها بالتأكيد المضادات الحيوية) ظاهرة طبيعية، يشهد تطوّر البكتيريا الشديدة وانتشارها تسارعاً من جرّاء سوء استخدام تلك المضادات، الأمر الذي يزيد من صعوبة علاج العدوى بطريقة فاعلة".
#Antibiotics are life-saving antimicrobial medicines that save millions of lives.
— WHO/Europe (@WHO_Europe) November 24, 2023
Here’s a #WorldAMRAwarenessWeek reminder of how you can #KeepAntibioticsWorking 👇 pic.twitter.com/Qhbj2hLKsL
ونقلت وكالة فرانس برس عن المسؤول عن قسم الأمراض المعدية في أقليم أوروبا روب بتلر أنّ "كلّ البلدان في منطقتنا حدّدت قواعد ترمي إلى حماية المضادات الحيوية القيّمة من سوء الاستخدام (...)"، مضيفاً أنّ "من شأن تنفيذ هذه القواعد أن يحلّ المشكلات، بمعظمها، المرتبطة بإساءة استخدام المضادات الحيوية".
وتأتي الوصفات الطبية الخاطئة من أبرز ما يثير قلق السلطات الصحية. وقد أظهرت دراسة أُعدّت في 14 دولة بالمنطقة الأوروبية، تقع في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، أنّ الأسباب المقدّمة لتبرير تناول المضادات الحيوية هي في 24 في المائة من الحالات نزلات البرد، تليها أعراض الإنفلونزا بنسبة 16 في المائة، ثمّ أمراض الحلق بسنة 21 في المائة والسعال بنسبة 18 في المائة.
وبحسب ما أكّد بيان المنظمة في إقليم أوروبا فإنّ "الوضع مقلق، لأنّ هذه الأعراض (التي يشير إليها مستهلكو المضادات الحيوية) تكون في الغالب ناجمة عن فيروسات، وبالتالي فإنّ المضادات الحيوية غير فعّالة لمحاربتها".
وفي الدراسة نفسها التي شملت ألبانيا وأرمينيا وأذربيجان وبيلاروسيا والبوسنة والهرسك وجورجيا وكازاخستان وقيرغيزستان ومونتنيغرو ومقدونيا الشمالية ومولدوفا وطاجيكستان وتركيا وأوزبكستان، تبيّن أنّ ثلث 8200 شخص تقريباً شملهم الاستطلاع يستهلكون مضادات حيوية من دون وصفة طبية.
وفي عدد من تلك البلدان، استُخدمت أكثر من 40 في المائة من المضادات الحيوية من دون استشارة طبية، وهو رقم أعلى بخمس مرّات ممّا سُجّل في الاتحاد الأوروبي وفقاً لدراسة أعدّت في عام 2022.
#AntimicrobialResistance (AMR) is a global public health threat.
— World Health Organization (WHO) (@WHO) November 24, 2023
Learn how to prevent AMR with our free #OpenWHO online courses. The AMR channel offers several multilingual courses on the topic.
⬇️https://t.co/nNrorIhNfo pic.twitter.com/m8rcdeJR5q