نفّذ مغتربون تونسيون تعود أصولهم إلى مدينة جرجيس التونسية ويقيمون في دول أوروبية، اليوم الخميس، وقفة احتجاجية أمام مقرّ الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، وقد دعوا إليها قبل أيام عدّة للمطالبة بكشف مصير مفقودي مركب الهجرة الذي غرق في البحر الأبيض المتوسط في سبتمبر/ أيلول الماضي، وكذلك بمعرفة حقيقة "حديقة أفريقيا" أو مقبرة الغرباء المُقامة في المنطقة والتي يُدفَن فيها ضحايا قوارب الموت.
وقد تجمّع عشرات المغتربين الذي وفدوا في رحلات منظّمة انطلقت من عواصم أوروبية مختلفة في اتجاه مدينة جنيف، في محاولة لتدويل قضية غرق مركب جرجيس ولإماطة اللثام عمّا وصفوه غموض مقبرة الغرباء التي أنشأها الفنان التشكيلي رشيد القريشي في عام 2021 بتمويل من منظمات دولية.
ويحاول هؤلاء المغتربون تشكيل قوّة ضغط في الدول حيث إقاماتهم، من أجل مساعدة الأهالي على كشف حقيقة غرق المركب التي راح ضحيّتها 18 مهاجراً من أبناء المدينة، تسعة من بينهم ما زالوا في عداد المفقودين.
ويمثّل المغتربون المتحدّرون من جرجيس الواقعة جنوب شرقي تونس، نسبة كبيرة من إجمالي المغتربين التونسيين، ويترّكزون خصوصاً في فرنسا ثمّ ألمانيا وإيطاليا بدرجة أقلّ.
قال الناشط المدني علي كنيس لـ"العربي الجديد" إنّ "المغتربين المتحدّرين من جرجيس لم يتوقّفوا عن تقديم الدعم المادي وكذلك المعنوي لأهالي الضحايا والمفقودين من أجل مواصلة البحث عن حقيقة المركب الغارق". أضاف أنّ "الوقفة الاحتجاجية التي نُظّمت أمام مقرّ الأمم المتحدة في جنيف تهدف كذلك إلى كشف حقيقة مشروع مقبرة الغرباء (حديقة أفريقيا) التي أُقيمت على تخوم المدينة بتمويل أجنبي لدفن ضحايا الهجرة مجهولي الهوية".
وأوضح كنيس أنّ "المقبرة تحوّلت إلى لغز كبير بعد اللجوء إليها في محاولة لطمس ما يرتبط بغرق المركب، من خلال دفن عدد من الضحايا خلسة فيها، قبل أن يتنبّه الأهالي إلى الأمر في وقت لاحق ويُستصدَر حكم قضائي لنبش القبور وإخراج الجثث منها".
وانتقد كنيس "منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها التي تبرّر للدول الأوروبية انتهاكها القانون الدولي ومبدأ حرية التنقّل، وتصمت أمام الموت، ولا تحرّك ساكناً إزاء نظام الحدود والتأشيرات العالمية العنصرية".
ورأى كنيس أنّ "المنظمات الدولية تدفع لجعل تونس عموماً، وجرجيس خصوصاً، مركز إيواء للمهاجرين والمهاجرات بمختلف جنسياتهم وكذلك سجناً كبيراً للتونسيين والتونسيات، أي كلّ الممنوعين من دخول أوروبا".
وأشار كنيس إلى أنّ "اللجنة المحلية للحقيقة والعدالة في جرجيس قرّرت إقامت سلسلة من التحرّكات الاحتجاجية الجديدة من أجل إجبار السلطات على الكشف عن نتائج التحقيقات التي تعهّد بها القضاء قبل أسابيع بشأن غرق المركب، والأطراف التي أذنت بدفن الضحايا المنتشلة جثثهم بخلاف الصيغ القانونية".
وبحسب ما قررته اللجنة، سوف تشمل التحركات الاحتجاجية، إلى جانب الوقفة أمام مقرّ الأمم المتحدة في جنيف، تنظيم أخرى في العاصمة تونس بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان (10 ديسمبر/ كانوا الأول الجاري)، بالإضافة إلى عقد لقاء بين المنظمات للتنسيق حول مقترح الإضراب العام المؤجّل.