مسجّلون خطر... جريمة وبلطجة في مصر

30 ديسمبر 2020
حفظ الأمن أولوية في ظل كثرة الجرائم (فرانس برس)
+ الخط -

العديد من الجرائم التي شهدتها مصر أخيراً ارتكبها "مسجلون خطر"، من دون أن تكون هناك أي إجراءات من قبل المعنيين لإعادة تأهيلهم أو ما شابه. وفي النتيجة، تزداد المخاوف  

كشفت جريمة الإسكندرية عن وجود الكثير من الأشخاص المصنفين في سجلات الأمن كخطيرين (مسجل خطر)، في مختلف المحافظات المصرية، بحسب سجلات البحث الجنائي في وزارة الداخلية، ويصل عددهم إلى ما بين 120 و140 ألفاً. إلا أن مراكز بحثية مصرية، من بينها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أكدت أن عددهم يتجاوز المليون شخص، وجميعهم وقود للمشاكل والأزمات والمعارك في الشوارع، من بينها أعمال القتل العمد أو الشروع به، والسرقة بالإكراه والسطو والترويع، وتعاطي المخدرات والاغتصاب وحمل الأسلحة البيضاء، وفرض الإتاوات وجرائم الخطف، وغيرها. 

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

ليلة مرعبة 
واشتعلت النار في فيلا - مصحة لعلاج الادمان تقع في منطقة الدخيلة في الإسكندرية، ويديرها شخص "مسجل خطر"، ما أدى إلى مقتل 6 من نزلاء المصحة بعد احتراقهم وإصابة اثنين آخرين. وأظهرت التحريات الأمنية أن المصحة غير مرخصة ويديرها مسجل خطر بالشراكة مع خمسة آخرين لعلاج المدمنين، الأمر الذي أدى إلى ازدياد حالتهم الصحية سوءاً، وقيام أحدهم، وهو مسجل خطر، بحرق المكان بعد إشعال النار في فرشة. ولأن المكان مغلق بأبواب حديدية، تعذر هرب الضحايا. وأحيل المتهمون إلى النيابة العامة التي قررت حبسهم 4 أيام على ذمة التحقيقات بعد اعترافهم بتفاصيل الواقعة. 

وظيفة 
يكشف مسؤول في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن جرائم المسجلين خطر و"البلطجة" زادت خلال السنوات الماضية، وتحولت إلى وظيفة يمارسها البعض. ووصل الأمر إلى لجوء بعض الأشخاص إلى هؤلاء لحل بعض المشاكل، بالإضافة إلى تأجيرهم بنظام الساعة والتي من الممكن أن تصل إلى 500 جنيه (نحو 32 دولاراً) وأكثر. كذلك، يستعان بهم لتأمين الحماية خلال الانتخابات البرلمانية، علماً أن هناك مكاتب متخصصة لتأمين الأشخاص المناسبين بحسب المهام الموكلة إليهم. يضيف أن غالبية الجرائم التي يرتكبها هؤلاء تحدث ليلاً.
يضيف المسؤول أن عدداً من ضباط رؤساء المباحث يستعينون بالمسجل خطر في وحدات المباحث في أقسام الشرطة في المحافظات، لإرشادهم إلى الجرائم في عدد من المناطق التي يقيمون فيها لتسهيل عملية البحث، مشيراً إلى أن عدد المسجلين خطر يتجاوز بكثير ما هو مسجل في محاضر الشرطة، ويصل عددهم إلى أكثر من مليون شخص، من بينهم نساء كن أقارب أو زوجات لهؤلاء المجرمين الخارجين عن القانون. 

فرض إتاوات 
وتوضح دراسة أعدتها أستاذة القانون الجنائي في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، فادية أبو شهبة، حول ظاهرة البلطجة، تصدُّر محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة ــ الجيزة – القليوبية) أعمال البلطجة، بالإضافة إلى محافظات الإسكندرية والغربية والدقهلية. وتقل الظاهرة في محافظات الحدود، وهي شمال وجنوب سيناء ومطروح وأسوان، في ظل انخفاض الكثافة السكانية فيها، مؤكدة أن 50 في المائة من المسجلين خطر تراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاماً. أضافت أن بعض هؤلاء يلجأون إلى استخدام ألقابهم لفرض الإتاوات، وممارسة أعمال البلطجة على المواطنين، حيث يستغلون خوف البعض منهم كونهم سجناء سابقين لفرض سيطرتهم. ويُصنّف بعضهم في ملفات "مسجلين خطر" في وحدات مباحث أقسام الشرطة، وتضم ملفاتهم بيانات تفصيلية بالاتهامات المنسوبة إليهم، وتاريخ ارتكابها، والأحكام الصادرة بحقهم، وبصمات أصابع اليدين والقدمين، إلى جانب صورتين فوتوغرافيتين لوجه الشخص كتب عليها رقم تسجيله في ملفات المسجلين والفئة التي ينتمي إليها. 

تهديد
ليست جريمة الإسكندرية الأولى من نوعها، فقد سبقتها جرائم هزت الرأي العام المصري، ارتكبها مسجلون خطر، الأمر الذي أثار تساؤلات حول أسباب ترك المعنيين هؤلاء يعبثون بالمجتمع ويهددون أمنه ويرتكبون جرائم قد تهدد السلم الاجتماعي. ومن بين الجرائم المروعة التي شهدتها البلاد خلال العام الجاري، ذبح أمين شرطة أثناء خدمته في مجمع الكنائس في مصر القديمة، جنوب القاهرة. كذلك، شهد حي الشرابية، وهو أحد أحياء شمال القاهرة، واقعة مأساوية عندما أقدم مسجل خطر على قتل جاره بسبب خلافات بين الجيران. وفي روض الفرج، شمال القاهرة، قتل طبيب داخل شقته على يد مسجل خطر بدافع السرقة. ومن أبرز الجرائم التي شهدتها القاهرة واقعة سحل "فتاة المعادي" بدافع السرقة، ليتبين أن السائق مسجل خطر. وفي محافظة الإسماعيلية، اغتصب مسجل خطر، بمساعدة ثلاثة من أصدقائه، سيدة أمام زوجها في المقابر. كما عمد مسجل خطر إلى قتل امرأة حرقاً أمام أحفادها، كونها أبلغت الشرطة عن سرقته شقة سكنية، فخرج وانتقم منها بسكب البنزين عليها وحرقها حية في منزلها. 

صحة
التحديثات الحية

انتشار المخدرات 
ويعزو استشاري الطب النفسي في جامعة عين شمس إبراهيم مجدي، زيادة أعداد المسجلين خطر إلى انتشار المخدرات والمشروبات الكحولية، مؤكداً أن 69 في المائة من الجرائم ترتكب تحت تأثير المخدرات وحبوب الهلوسة، وهو ما حدث في واقعة مصحة علاج الإدمان في الإسكندرية. ويوضح أن المواد الكيميائية الضارة التي تحتويها المخدرات لها تأثير سلبي خطير على الدماغ، وقد تدفع متعاطيها إلى ارتكاب الجرائم في أي وقت. ويطالب المعنيين بضرورة التشديد على تجارة المخدرات والقضاء عليها داخل البلاد. 

حدة البطالة 
إضافة إلى المخدرات، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس سامية الساعاتي، أن المناطق العشوائية تعد بيئة خطيرة لأعداد المسجلين خطر، خصوصاً في محافظات القاهرة الكبرى والوجه البحري، عدا عن انتشار مشاهد العنف في الأعمال الدرامية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت جزءاً من مشاهد الحياة اليومية بالنسبة لعدد كبير من الشباب والفتيات. كما أن ارتفاع نسبة البطالة ساهم في زيادة الفراغ والجهل. 

المساهمون