- رغم اتفاق يناير 2024 الذي ينص على زيادة الأجر بـ1500 درهم لكوادر الصحة، الاحتقان مستمر بسبب تجاهل الحكومة لمطالب العاملين وعدم التزامها بتعهداتها.
- النقابات تشكك في التزام الحكومة بمركزية الأجور وترى في سياساتها توجهًا نحو خصخصة القطاع العام للصحة، مما يثير القلق بشأن مستقبل القطاع.
ما زال الاحتقان في قطاع الصحة في المغرب سيّد الموقف، على خلفية ما تعدّه النقابات صمتاً مريباً من الحكومة بشأن الوفاء بالتزاماتها التي سبق أن وقّعتها في محضرَين، في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2023 و26 يناير/ كانون الثاني 2024، تتويجاً لجولات متعدّدة وطويلة من جلسات الحوار الاجتماعي القطاعي.
وفي خطوة جديد تؤكد توسّع رقعة الاحتجاج في قطاع الصحة يوماً بعد يوم، يبدأ آلاف العاملين في مستشفيات المغرب الحكومية، بعد غد الأربعاء، إضراباً عن العمل لمدّة يومَين، وهو الرابع من نوعه بعد إضراب 29 فبراير/ شباط الماضي وإضراب السادس من مارس/ آذار الماضي وكذلك إضراب 20-21 من الشهر نفسه التي شلّت مستشفيات البلاد، باستثناء أقسام الطوارئ والإنعاش.
ولم ينجح توقيع الحكومة وستّ نقابات، في 26 يناير الماضي، على اتفاق ينصّ على زيادة عامة على الأجر الثابت قيمتها 1500 درهم مغربي (نحو 150 دولاراً أميركياً) صافية لمصلحة كوادر هيئة الممرّضين وتقنيي الصحة والممرّضين المساعدين والممرّضين الإعداديين، في إخماد نار الاحتقان في القطاع حتى الساعة.
وقال الكاتب العام للجامعة الوطنية للصحة التابعة للاتحاد الوطني للشغل في المغرب (اتحاد عمالي) محمد زكيري لـ"العربي الجديد" إنّ الإضراب الجديد هو "رسالة إلى رئيس الحكومة (عزيز أخنوش) في ظلّ سياسة الآذان الصماء والهروب إلى الأمام التي تنهجها حكومته في مواجهة مطالب نساء الصحة ورجالها وانتظاراتهم وتنكرها لتضحياتهم الجسام عبر التاريخ. وكذلك صمتها غير المبرر وغير المفهوم بخصوص مآل الاتفاق علماً أنها كانت تحرص على توقيعه مع النقابات قبل نهاية يناير/ كانون الأول الماضي. اليوم، وبعد مرور شهرين على التوقيع نواجه بالتجاهل والتماطل والصمت المريب في ما يخص الاتفاق".
وأوضح زكيري أنّ "في ظلّ تجاهل الحكومة المطالب مهنيي القطاع المشروعة وعدم التزامها بتعهداتها وبالشعارات الرنانة التي ما فتئت تتشدّق بها بخصوص تثمين العنصر البشري، وجدنا أنفسنا بوصفنا نقابات مضطرين إلى سلوك خيار الإضراب لأنّنا لا نملك خياراً آخر".
وتتفادى حكومة عزيز أخنوش، حتى الساعة، التعليق على الاحتقان الذي يسيطر على قطاع الصحة في المغرب، وقد اكتفى المتحدث الرسمي باسمها مصطفى بايتاس بالقول رداً على سؤال حول الموضوع، في المؤتمر الصحافي الذي أعقب انعقاد المجلس الحكومي في شهر مارس الماضي، إنّ الحكومة "تظلّ ملتزمة بالحوار الاجتماعي في طابعه العمومي وكذلك القطاعي"، مشيراً إلى "التعاطي الإيجابي نفسه ومحاولة معالجة مشكلات عمّرت طويلاً".
لكنّ زكيري رأى أنّ عدم تفاعل الحكومة مع النقابات يجعل الاحتقان الذي يشهده قطاع الصحة مرشّحاً إلى مزيد من التفاقم، ولا سيّما في ظلّ عدم وضوح القانون المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، فوزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب تعلن أنّها سوف تحافظ على مركزية الأجور، "لكنّ هذا الصمت والتجاهل يجعلاننا نشكّك في الأمر". وتابع المسؤول النقابي أنّ الوضع القائم يثير مزيداً من الارتياب في ظلّ قرار الحكومة تفويت أصول مبانٍ تابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بمدينة الدار البيضاء، في إطار بحثها عن مصادر تمويل بديلة. وأكمل زكيري أنّ القرار وإن كان غير مفهوم "إلا أنّه يؤكد التوجّه العام نحو خصخصة قطاع الصحة العمومية". ووصف الأمر بأنّه "عبث. فخلال أزمة كورونا الوبائية، أثبت القطاع العام، بكل مكوّناته، أنّه عماد الصحة العمومية، إذ كان في الواجهة في الوقت الذي تراجع فيه القطاع الخاص".