قتلى بسبب نزاعات أسرية في باكستان

25 يوليو 2023
تقتل النزاعات العائلية كثيرين في باكستان (حسين علي/ Getty)
+ الخط -

في 28 يونيو/ حزيران الماضي حين كان المسلمون يحتفلون بعيد الأضحى، شهدت منطقة بتخيلا الباكستانية حادثاً مؤلماً هزّ المنطقة كلها، وقلب أجواء العيد فيها من فرح إلى حزن ومأساة نتجا من قتل أحد سكان المنطقة، الذي يُدعى جليل خان، تسعة من أبناء عمه بعد حدوث جدل مع زوجته التي كانت بين القتلى إلى جانب ثلاثة من أخواتها وأمها وأبيها وأربعة من إخوتها.
يروي مسؤول التفتيش في شرطة المنطقة محمد جميل لـ"العربي الجديد" أن "جليل خان دخل ليلة عيد الأضحى منزل حسن شاه، وهو أبو زوجته، وفي يده مسدس مجهّز لإطلاق النار ورصاصات إضافية، وهو يعرف منافذ البيت جيداً وكيف يدخله ويخرج منه. ثم وجد 13 من أفراد أسرة زوجته نائمين، فأطلق النار تباعاً على والد زوجته ثم زوجته نفسها وأمها وأخواتها وإخوانها، وقتل 9 أشخاص، فيما بقي ثلاثة أطفال على قيد الحياة، ثم هرب". 
يضيف: "استغرق وصول الشرطة إلى المنطقة وقتاً طويلاً، لأن المنطقة جبلية ووعرة، ولأن المطر كان يهطل بغزارة في ليلة الجريمة، ثم اعتقل أفرادها الجاني في اليوم التالي، واعترف خلال التحقيق معه بارتكاب جناية قتل زوجته وثمانية من أفراد أسرتها".
ويقول محمد جميل إن "الجاني أبلغ الشرطيين أن شجاراً حصل بينه وبين أفراد في أسرة زوجته قبل ثمانية أشهر، وأنه حاول احتواء هذا الإشكال، لكن بلا جدوى، لذا قتلهم جميعهم، وهو ما يعترف به، لكنه يؤكد أنه اتخذ قراراً خاطئاً في لحظة غضب".
وبعد الحادث، قال نائب عمدة منطقة بتخيلا، شكيل أحمد، إن "منفذ عملية القتل يبدو سليماً، ولا يواجه مشاكل نفسية، ولا يدمن المخدرات ولا يتناول سجائر، لكنه نفذ عمله في لحظة غضب دفعته إلى إطلاق عشرين رصاصة على القتلى التسعة. وقريباً ستحوّل القضية إلى المحكمة".
إلى ذلك، قتل محمد أرشد خان البالغ 28 من العمر زوجته باستخدام حبل داخل غرفته حين كان في حال غضب وتشاجر معها في منطقة سيدو شريف شمال غربي باكستان في 13 يونيو/ حزيران الماضي. ثم هرب واختفى لمدة أسبوعين قبل أن تعتقله الشرطة.

ويوضح مسؤول في شرطة منطقة سيدو شريف، محمد فضل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الشاب قتل زوجته في بيت أبيها الذي انتقلا إليه بعدما تشاجرا مع والد الزوج، وعاشا فيه ثمانية أشهر. وحين حصل الشجار بينهما داخل غرفة، ضرب الشاب زوجته التي بدأت بالصراخ داخل الغرفة، ثم طوّق عنقها بحبل وقتلها، وتركها مع ابنهما البالغ ثمانية أشهر داخل الغرفة، وخرج بعدما أغلق الباب".
يضيف: "اعتقدت أسرة الزوجة القتيلة أنها موجودة مع زوجها داخل الغرفة، لكن أفرادها استيقظوا جميعهم في الصباح باستثناء الفتاة وزوجها، وكان الطفل يصرخ في الداخل، فطرقوا الباب من دون أن يجيب أحد، ثم كسروا الباب وشاهدوا الحادث الفظيع".

تنتهي عداوات بين أسر وقبائل بارتكاب جرائم (رضوان تبسّم/ فرانس برس)
تنتهي عداوات بين أسر وقبائل بارتكاب جرائم (رضوان تبسّم/ فرانس برس)

ويؤكد فضل أن "حوادث القتل المرتبطة بصراعات عائلية تتفاقم وتتصاعد لأسباب هشّة وصغيرة. واللافت أن الجناة يشعرون بأسف لما فعلوه، وبأسى قد يتواصل لسنوات خلال وجودهم وراء القضبان، أو في أماكن هروبهم من الوطن".
ويقول الناشط محمد إعجاز الذي يقيم في مدينة كالام شمال غربيّ باكستان لـ"العربي الجديد": "تسبب الأعراف القبلية المتجذرة جرائم القتل. فالرجل القبلي ترعرع في مجتمع ذكوري، ولا يقبل أن تقف المرأة في وجهه، وهو يقتلها لأن الخيارات الأخرى معدومة. ففي المجتمع القبلي لا بدّ أن يعيش الرجل مع زوجته طوال حياته، رغم أنه يستطيع أن يتزوج امرأة ثانية وثالثة. وهو يقتلها بالتالي من دون أن يفكر في البدائل". 
ويؤكد أن "لا أحد يعمل في باكستان للقضاء على النزاعات العائلية، ويعتقد كثيرون أن علماء الدين وشيوخ القبائل يجب أن يؤدوا دوراً فعالاً من أجل القضاء على الظاهرة المتفشية في كل منطقة شمال غربيّ باكستان".
وعموماً، يخلق تفشّي الجرائم حالة قلق وخوف كبيرين في باكستان التي تفتقر إلى آليات رقابة اجتماعية، وتعاني من ضعف كبير في نظامها للعدالة الجنائية. وتشمل الجرائم كل الأقاليم، لكن المدن الكبرى تعتبر الأكثر تأثراً بها.

ويشير الناشط الاجتماعي أويس أحمد، في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن جذور الجرائم تعود إلى وقت طويل، لكنها تشهد ارتفاعاً لأسباب عدة، بينها البطالة المستشرية وإدمان المخدرات. والقضية لا تنحصر في إقليم دون آخر أو مدينة دون أخرى، بل تشمل كل الأقاليم بوتيرة مختلفة.
أيضاً، يربط خبراء تزايد الجرائم بأمراض نفسية تزداد نتيجة الفقر والبطالة. ويوضحون أن المشكلة تكمن في عدم وجود برامج معنية بالقضاء على الأسباب الرئيسية لتفشي الأمراض النفسية، مثل الفقر والبطالة والجهل، وكيفية التعامل مع المرضى. ولا يتردد البعض في القول إن "استخدام التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي بين الأسباب الرئيسية لزيادة الأمراض النفسية".

المساهمون