يرقى عمل الأطفال في إنتاج الكاكاو بالدول الفقيرة إلى اعتباره "عبودية"، حيث يعتبر هذا القطاع من أكثر الأعمال التي تعتمد على الأطفال لإنجازها.
وأظهرت دراسة حديثة لمنظمة العمل الدولية أن طفلا من بين كل خمسة أطفال في أفقر دول العالم منخرط في عمالة الأطفال، فيما يوجد بمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكبر نسبة من الأطفال العاملين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما.
ارتفع عدد الأطفال العاملين حول العالم إلى 160 مليون في عام 2020
ووفقا للدراسة ذاتها، ينخرط أكثر من طفل من أصل أربعة في عمل يعتبر ضارا بصحتهم ونموهم في أقل البلدان نموا بالعالم.
والتزم المجتمع الدولي بإنهاء عمالة الأطفال بحلول نهاية عام 2025، ومع ذلك لا يزال هناك نحو 3.3 ملايين طفل في أوضاع عمل قسرية، ونحو 79 مليون طفل في أعمال خطرة في وقتنا الحاضر، بحسب المنظمة.
كما ارتفع عدد الأطفال العاملين حول العالم إلى 160 مليوناً في عام 2020، ومن المتوقع أن يصل إلى 168.9 مليوناً بحلول نهاية 2022.
صناديق للتعويض عن عبودية الأطفال
حثت "إمباكت إنترناشيونال"، وهي مؤسسة فكرية مقرها لندن، كلا من سويسرا والاتحاد الأوروبي على تقديم تعويضات مالية عن مظاهر استخدام الأطفال عبيداً في بعض الأعمال.
وقالت المؤسسة في بيان، مؤخرا، إن العديد من الشركات السويسرية والأوروبية "انخرطت وما زالت تستغل الضعفاء في عمليات الإنتاج لتعظيم أرباحها المالية"، في إشارة منها إلى عمالة الأطفال.
وأوضحت المؤسسة أن حوالي 1.5 مليون طفل يعملون في حقول الكاكاو في ساحل العاج وغانا المجاورة، والتي تنتج 60% من إمدادات الكاكاو في العالم.
وذكرت أن المزارعين في حقول الكاكاو يحصلون على نحو 0.78 دولار أميركي (يوميا) فقط في كوت ديفوار ودولار واحد في غانا، وهو أقل بكثير من خط الفقر المدقع الذي حدده البنك الدولي بـ 2.15 دولار.
واعتبرت المؤسسة، في دراسة سابقة، أن منتجات الشوكولاتة ذات الوزن الثقيل، مثل "نستله" و"هيرشي" و"مارس"، كانت تبيع منتجات شارك الأطفال في إنتاجها بشكل جزئي، ما يرقى إلى أن تصنف هذه الممارسات بأنها تشبه "العبودية".
وأضافت المؤسسة أن "هؤلاء الأطفال، في كثير من الحالات، يجبرون على العمل الشاق لفترات تصل إلى 80 و100 ساعة أسبوعيا، في ظروف عمل خطرة تهدد سلامتهم".
ووفقًا للدراسة، يُهرّب آلاف الأطفال من الدول الأفريقية المجاورة إلى ساحل العاج للعمل في الزراعة، ويجبرون على العيش في ظل "ظروف عمل غير عادلة، ولا يتلقون غذاءً كافيا، علاوة على تعرضهم للعنف الجسدي أو التهديد، خاصة إذا حاولوا الفرار".
وتابعت المؤسسة: "علاوة على ذلك، اكتشفت الدراسة أن عددًا كبيرًا من الأطفال في مزارع غربي أفريقيا يعملون مجانًا".
وفي مايو/ أيار الماضي، رحّبت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة باعتماد "نداء ديربان للعمل"، الرامي إلى القضاء على عمالة الأطفال.
وقال الخبراء في بيان إن نداء ديربان "يؤكد الحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة في هذا الشأن، على خلفية أن جائحة كورونا والنزاعات المسلحة، إلى جانب الأزمات الغذائية والإنسانية وتغير المناخ، تهدد جميعها التقدم الذي أحرز خلال سنوات ماضية من أجل التصدي لعمالة الأطفال ووضع نهاية لها".
يتم تهريب آلاف الأطفال من الدول الإفريقية المجاورة إلى ساحل العاج للعمل في الزراعة
وأضاف البيان: "قلقون للغاية من أن ملايين الأطفال سيُدفعون قريبا إلى العمل، الأمر الذي يمكن أن يعرض صحتهم الجسدية والعقلية لخطر شديد".
الرقابة على عمالة الأطفال
يذكر أن بعض الشركات الأوروبية في أفريقيا بدأت كهدف دولي، تم تحديده لعام 2025، في تفعيل نظام مراقبة يسمى (CLMRS) لمنع عمالة الأطفال ومعالجة هذه المشكلة، لدى المجتمعات المرتبطة بعمليات إنتاج الكاكاو.
وأعلنت شركة "نستله"، أكبر شركة للأغذية والمشروبات في العالم، عن خطة جديدة لمعالجة مخاطر عمالة الأطفال في إنتاج الكاكاو.
وقالت الشركة السويدية، في يناير/كانون الثاني الماضي، إن 159 ألفاً و783 طفلاً في كوت ديفوار وغانا تلقوا حتى الآن الدعم من خلال هذا النظام الرقابي.
من جانبها، بدأت شركة الشوكولاتة الأميركية "هيرشي" تفعيل نظام (CLMRS) في عام 2021، وطبق على 102 ألف و942 طفلاً حتى الآن.
وفقًا للشركة، توقف ألف و899 طفلًا عن القيام بأعمال غير مناسبة، جراء تطبيق النظام.
(الأناضول)