جرائم الأطفال في الصين... مسؤولية المجتمع أم الدولة؟

10 يوليو 2024
معاقبة الصغار ليست سبيلاً للحلّ (أنتوني كوان/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في عام 2023، حاكمت الصين 97 ألف طفل دون سن الثامنة عشرة، مع ارتفاع في جرائم السطو والاعتداء الجنسي، مما أثار دعوات لفرض عقوبات أشد.
- تم تعديل القانون الجنائي في ديسمبر 2020 لخفض سن المسؤولية الجنائية عن الجرائم الخطيرة من 14 إلى 12 سنة، مما ساهم في تراجع معدلات جرائم الأطفال.
- أكدت الباحثة لورا شانغ على أهمية التوجيه النفسي والتثقيف الاجتماعي، وكشفت دراسة أن 70% من الأطفال المحتجزين من سكان الريف وثلثهم متروكون بسبب ظروف عمل آبائهم.

حاكمت السلطات القضائية في الصين 97 ألف طفل دون سن الثامنة عشرة عام 2023، من بينهم نحو 10 آلاف طفل دون سن السادسة عشرة، وفق تقرير حديث صدر عن النيابة الشعبية العليا في شهر مارس/آذار الماضي. كانت الجرائم الأكثر شيوعاً هي السطو، والاقتتال في الأماكن العامة وافتعال المشاجرات، إضافة إلى الاعتداء الجنسي، وكانت الغالبية العظمى من المجرمين من الذكور في مقابل 5% فقط من الإناث. 
وشهدت الصين خلال السنوات الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في معدل جرائم الأطفال، وتصدرت تلك الجرائم عناوين الصحف ونشرات الأخبار، وأثار ذلك ردود فعل غاضبة في وسائل التواصل الاجتماعي، ودعا مستخدمو الإنترنت أجهزة إنفاذ القانون إلى فرض عقوبات أكثر صرامة لثني الأطفال عن ارتكاب الجرائم، بينما أثيرت تساؤلات حول السن التي تُعتبر مناسبة لفرض العقوبات وإيداع الأطفال المجرمين في السجون.
وبموجب القانون الجنائي الصيني الذي تم تعديله في ديسمبر/كانون الأول 2020، تم خفض سن المسؤولية الجنائية عن الجرائم الخطيرة مثل القتل من 14 إلى 12 سنة، وذلك بعد سلسلة من جرائم الأطفال المروعة خلال السنوات الخمس الماضية. وكانت السن الأصلية للمسؤولية الجنائية محددة بموجب تعديل للقانون الجنائي عام 1997، وزعم كثيرون أن هذه السن لم تعد مناسبة لمجتمع تغير بشكل كبير منذ ذلك الحين. 

تقرر خفض سن المسؤولية الجنائية عن الجرائم الخطيرة مثل القتل

في تعليقه على ارتفاع معدلات الجريمة بين الأطفال، يقول أستاذ الدراسات الاجتماعية السابق في جامعة صن يات سن، وي لي فنغ، لـ "العربي الجديد": "لا شك أن هناك مبالغة في التقارير الإعلامية بشأن الأرقام المتعلقة بجرائم الأطفال، لكن الحقيقة أن هناك جرائم تحدث في سن مبكرة، الأمر الذي دفع الحكومة إلى الاستجابة للمطالب الشعبية، وإثر ذلك قامت بخفض سن المسؤولية الجنائية، إذ أصبح من الممكن تحميل من تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة المسؤولية جزئياً، مع فرض مستويات مختلفة من العقوبات عليهم وفقاً لأعمارهم وخطورة جريمتهم".
يتابع: "لاحظنا من خلال الإحصاءات الأخيرة تراجعاً في معدلات جرائم الأطفال، ولو تم إجراء هذه التعديلات في وقت سابق، لكُنّا سننقذ مستقبل العديد من الأطفال قبل الوقوع في شراك الجريمة. هناك تسارع في النضج العقلي والفكري للأطفال مقارنة بالأجيال السابقة، فجيل اليوم من الأطفال يتصرف كالبالغين، والعديد من مرتكبي الجرائم منهم أظهروا قدرة عالية على المعرفة، وقد ظهر ذلك جلياً في الكيفية التي حاولوا من خلالها إخفاء جرائمهم". 

يحتاج الصغار إلى الرعاية والتوعية بالقانون (Getty)
يحتاج الأطفال إلى الرعاية والتوعية بالقانون (Getty)

واعتبرت الباحثة في مركز دونغوان للإرشاد والتأهيل النفسي، لورا شانغ، في حديث لـ "العربي الجديد" أن "عدم صرامة القانون ليس سبباً في ارتفاع معدلات الجريمة بين الأطفال. لمنع الأطفال من ارتكاب الجرائم، نحتاج إلى مزيد من التوجيه النفسي والتثقيف الاجتماعي أولاً، ثم نحتاج إلى الرقابة والمسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتق الأسرة، فالكثير من الأطفال لا يفهمون القانون، ولا يدركون أن ما فعلوه جريمة، ومعظم هؤلاء الأطفال يعانون من مشكلات نفسية نتيجة غياب دور الأسرة، سواء بسبب انفصال الوالدين أو نتيجة ظروف العمل التي تحتم على الآباء السفر إلى المدن الصناعية وترك أبنائهم في الريف".

تضيف: "المشكلة متعددة الأوجه، وخفض سن المسؤولية الجنائية إلى 12 سنة من شأنه أن يؤدي إلى اكتظاظ السجون بالأطفال ليس أكثر، والمطلوب هو توجيه الجهود نحو تثقيف الأطفال للحيلولة دون وقوعهم في المحظور. أعداد جرائم الأطفال تتفاقم بسبب حرصهم الكبير على إخفاء جرائهم، ما يشير إلى عدم الوعي، ولذلك فإن دور الأسرة يُعتبر ركيزة أساسية في مسألة التثقيف، وقد أبرزت دراسة حديثة أن أكثر من 70% من الأطفال المحتجزين هم من سكان الريف، وثلثهم من الأطفال المتروكين الذين يعمل أحد والديهم أو كلاهما في مدينة أخرى، وغالباً ما يتركونهم في كفالة أجدادهم، وبالتالي لا يمكننا فصل تصرفات هؤلاء الأطفال عن أوضاع آبائهم". 

قضايا وناس
التحديثات الحية

وكشف تقرير صدر عن النيابة العامة الشعبية العليا، مطلع العام الحالي، أن 39% من الأطفال المدانين بجرائم جنائية عاطلون عن العمل، بينما يعمل 22% منهم في الزراعة، و8% فقط من الطلاب، وأن العدد الأكبر منهم غير ملتحق بالمدارس، ولا يتلقى الرعاية والاهتمام الكافيين في المنزل. 
وحسب "شبكة حقوق الطفل الدولية" فإنّ متوسط ​​السن العالمي للمسؤولية الجنائية هو 14 سنة، وتوصي لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل البلدان برفع السن الدنيا قدر الإمكان. في الهند مثلاً، يمكن تحميل الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 7 سنوات مسؤولية جنائية، فيما تحدد الولايات المتحدة السن الأدنى للمسؤولية الجنائية بـ 11 سنة. 

المساهمون