العراق: ضغوط واضطرابات نفسية وأمراض تؤثر على التعليم

20 ديسمبر 2022
داخل إحدى مدارس العراق (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

مع اقتراب نهاية الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي الجاري في العراق، تُواجه الكوادر التربوية في المدارس وأولياء الأمور تحديات كبيرة تُعرقل سير العملية التعليمية، وفق الخطط المرسومة من قبل وزارة التربية وإدارات المدارس. ومن بين أبرز التحديات الأمراض والاضطرابات النفسية التي تعيشها غالبية العائلات العراقية والتلاميذ والمعلمين، نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية والخدمات الصحية والإهمال وغير ذلك.
ويقول الأستاذ الجامعي حسام الكربولي لـ "العربي الجديد": "على الرغم من عودة التعليم حضورياً هذا العام بعد انتهاء أزمة كورونا، فإنه ما زال يواجه تحديات كبيرة تعرقل العملية التربوية والتعليمية"، مبيناً أنّ "غالبية المدارس تُعاني بسبب انتشار الأمراض المعدية، ولا سيما أمراض الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية بسبب ما عاشه العراق منذ عام 2002". ويوضح أن "غالبية العائلات العراقية تعاني بسبب تدهور أوضاعها المعيشية"، لافتاً إلى أنّ "أكثر من 40 في المائة من المجتمع العراقي يعيش تحت خط الفقر، الأمر الذي انعكس سلباً على مستوى التلاميذ وسلوكهم في المدارس". كما يشير إلى أنّ "المشاكل النفسية والسلوكية التي يعاني منها التلاميذ باتت من أكبر المعوقات التي يشهدها قطاع التعليم في البلاد"، مشيراً إلى أن "هذه المشاكل التي تحولت عند البعض إلى اضطرابات نفسية أدت في النهاية إلى ضعف التعليم، وانهيار العلاقة بين التلميذ والمعلّم من جهة، والتلميذ وأسرته من جهة أخرى". 
من جهتها، تقول المشرفة التربوية نزهت الحمداني، لـ "العربي الجديد": "التعليم في المرحلة الابتدائية يعدّ من أهم المراحل، وعلى أساسها تبنى المراحل العلمية الأخرى. لذلك، يجب توفير أجواء ملائمة لإعداد التلاميذ بعيداً عن المشاكل الاجتماعية التي تعيشها غالبية الأسر العراقية". تضيف: "الأوضاع الصعبة والأزمات المتعاقبة التي مرت بها البلاد في الآونة الأخيرة، ومنها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية، كان لها أثر سلبي شديد على الواقع التعليمي والتربوي والصحي"، مشيرة إلى أنّ "الذكور أكثر قلقاً من الإناث، بسبب عوائق تحول دون قيام التلاميذ بدورهم بصورة كاملة، منها ما يتعلق بالحالة الاقتصادية والاجتماعية للأسرة".

في هذا السياق، يعرب عدد من أولياء الأمور عن استيائهم من الأوضاع المزرية التي يعيشها أبناؤهم في المدارس، بسبب ضعف الوقاية الصحية والخدمات، فضلاً عن زيادة المصاريف اليومية بسبب النقص الكبير في القرطاسية والمناهج الدراسية. ويقول المواطن كريم العبد الله لـ"العربي الجديد" إنّ "غالبية العائلات العراقية تعاني ضائقة مادية كبيرة بسبب الفقر وانتشار البطالة وغلاء الأسعار، وتعجز الكثير منها عن توفير المصاريف اللازمة لأبنائها، الأمر الذي يضطر التلاميذ للعمل أثناء الدراسة، وقد تكون أعمالاً شاقة، ما يجعل التلميذ يعيش في دوامة من الاضطرابات النفسية والمشاكل التي تؤثر على دراسته وتعامله مع زملائه، على عكس أسر أخرى تركز كلّ اهتمامها على تفوق أبنائها وتوفر لهم معظم احتياجاتهم".

مدرس في العراق (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
المشاكل الصحية والنفسية والانفعالية لدى الكثير من التلاميذ تتسبب في الهدر التربوي (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

ويشكو العبد الله من "ازدحام التلاميذ في القاعات الدراسية، خصوصاً في المراحل الابتدائية، وقد يصل عدد التلاميذ إلى 70 في القاعة الواحدة، ما يؤدي إلى صعوبة في الحصول على المعلومات، فضلاً عن انتشار الأمراض بين التلاميذ، وخصوصاً أمراض الجهاز التنفسي التي انتشرت بشكل سريع بين التلاميذ والكوادر التعليمية".

قضايا وناس
التحديثات الحية

إلى ذلك، يقول أستاذ علم النفس التربوي فراس الطائي لـ"العربي الجديد" إنّ "المشاكل الصحية والنفسية والانفعالية لدى الكثير من التلاميذ تتسبب في الهدر التربوي المتمثل في عدم استفادة التلميذ من المنهاج، والتسرب من المدارس، وارتفاع معدل الرسوب، ما ينتج عنه الكثير من المشاكل الاجتماعية والصحية التي تؤثر في المجتمع بأسره". ويوضح أنّ "تحديات كبيرة تواجه إدارات المدارس من جهة وأطراف العملية التربوية الأخرى الممثلة بالآباء والبيت والمحيط من جهة أخرى. ومن هذه المشاكل العنف والشغب والسلوك الفوضوي والعنف والتدخين". كما يشير الطائي إلى أنّ "المشاكل وضغوط الحياة لا تقتصر على التلاميذ وأولياء الأمور فحسب، بل تشمل جميع الكوادر التربوية من معلمين ومعلمات، باعتبارهم جزءاً من هذا المجتمع، ولديهم الكثير من المشاكل والتحديات التي تشكل ضغطاً كبيراً عليهم"، مشدداً على "ضرورة عدم تأثير هذه الضغوط والمشاكل على أدائهم في شرح المنهاج التربوي المخصص وبمواقيته المحددة".

المساهمون