الأزهر في مصر يؤكد "حق الكد والسعاية" للمرأة

24 فبراير 2022
فتوى الأزهر تحفظ حقوق المرأة العاملة (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

أثارت دعوة شيخ الأزهر أحمد الطيب لإحياء فتوى "حق الكد والسعاية" من أجل حفظ حقوق المرأة العاملة، ردود فعل واسعة وصلت صداها إلى منظمات للدفاع عن حقوق المرأة وأخرى عن العمال في مصر، والتي طالبت بأن تأخذ ربة المنزل التي بذلت جهداً في تنمية ثروة زوجها، وشاركت في مكاسبه خلال حياتهما، نصف هذه الثروة في حال وفاته. 
وجاءت فتوى "حق الكد والسعاية" التي تقرّ بهذا الحق، وتحكم للمرأة بنصيب الإرث الإسلامي العادي في النصف الباقي، وهو نصيبها الشرعي من الميراث، والذي يقدر بالثمن في حال وجود أطفال، وبالربع في حال عدم وجودهم، في خضم جدل مثار منذ عشرات السنوات حول قضايا المساواة بين الجنسين والأمور التي تمسّ بحقوق المرأة في مال الزوج، سواء في حال الطلاق أو الوفاة، وذلك مقابل عملها ومشاركتها إياه في تكوين الثروة خلال فترة الزواج. وتتناغم الفتوى مع المستجدات الاقتصادية، وتغيّر نمط الحياة وظروفها التي أوجبت عمل النساء ومساهمتهن بجزء أو بقسم كبير من إنفاق الأسرة، ومشاركتهن أزواجهن في تحمّل أعباء المصاريف، إلى جانب قيامهن بالمهمات المنزلية ودورهن الاجتماعي، من دون أي تقدير مادي من الدولة أو الزوج. 
واعتبرت منظمات للدفاع عن حقوق العمال أن الفتوى تحفظ حقوق النساء العاملات ومنهن الزوجات وربات البيوت العاملات المرتبطة ببذلهن جهوداً مادية ومعنوية، ومشاركتهن أزواجهن في كل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الخاصة ببناء الأسرة. 
وعلى خلفية فتوى الطيب، ذكّرت المنظمات المهتمة بحقوق العمال ونشطاء ونقابيون بأن أعضاء هيئة كبار العلماء وأساتذة الفقه المقارن في جامعة الأزهر أكدوا أن "إحياء فتوى حق الكد والسعاية يضمن كل الحقوق المالية للمرأة في حال حدوث ضرر"، وأيضاً بتصريح مفتي مصر السابق وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة بأن "فقهاء كُثراً في المذهب المالكي أفتوا بحق الزوجة في اقتسام ثروة زوجها التي اكتسباها خلال فترة زواجهما بمقدار جهدها وسعايتها، وبينهم شيخ مذهب المالكية في عصره العلامة أبو العباس أحمد بن عرضون، ما يعكس إجماع المذاهب الفقهية الإسلامية على حق الكد والسعاية، لا سيما المالكية والحنفية". 

وتقول دار الخدمات النقابية والعمالية إنه "في وقت يناقش هذا المبدأ الفقهي في مصر حالياً، سبق أن طبقته دول عربية إسلامية عدة، حيث حكم القضاء المغربي بموجب المادة 49 من قوانين الأحوال الشخصية، استناداً إلى حق الكد والسعاية، في قضايا عدة بحصول الزوجة على نصف مال زوجها، سواءً بعد وفاته أو بعد الطلاق. وألزمت الزوجين توقيع اتفاق لتنظيم ما سيجمعانه من أموال خلال فترة الزواج، وتقسيمه بعد الانفصال أو بعد وفاة أحدهما. كما أقرّت تونس هذا الحق في قانون صدر عام 1998، من خلال وضع نظام لمشاركة الزوجين في الملكية يكرّس واقع تعاونهما في تصريف شؤون العائلة. ومنح القانون التونسي الزوجين حرية اختيار النظام المالي الذي يرغبان في الخضوع له".
كذلك أشاد المؤتمر الدائم للمرأة العاملة بفتوى الطيب "في حق الكد والسعاية"، وطالب بالدعوة إلى إدراج المواد المحددة في قانون الأحوال الشخصية، ومصادقة مجلس النواب عليها، وتأكيد مبدأ المساواة والإنصاف، مع ضرورة أن يتضمن الأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر التي تقوم بها النساء، والتي يقدرّها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بخمس ساعات ونصف يومياً، وذلك وفقاً لطبيعة تقسيم الأدوار التي فرضها المجتمع على النساء، باعتبارها طبيعية نشأ وتربى عليها المجتمع وتوارثتها الأجيال، وتعتبر بديلاً من المساعدات الخارجية التي يدفع الزوج الأموال من دخله للحصول عليها. 

المرأة شريكة الرجل في الكدّ (محمد الشاهد/ فرانيس برس)
المرأة شريكة الرجل في الكدّ (محمد الشاهد/ فرانيس برس)

وسأل المؤتمر الدائم للمرأة العاملة: "هل يمكن أن نعتبر أن ربة المنزل التي تركت عملها من أجل تلبية احتياجات أسرتها وتربية أطفالها، أو للسفر والإقامة مع زوجها في مكان عمله، ليست في شراكة مالية مع الزوج تستحق تطبيق حق الكد والسعاية عليها؟".
وكان المجلس القومي للمرأة قد توجه بالشكر والتقدير إلى شيخ الأزهر لتأكيده ضرورة إحياء فتوى "حق الكد والسعاية" من التراث الإسلامي، من أجل حفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهداً في تنمية ثروة زوجها. وأكد أن "التراث الإسلامي غني بحلول لقضايا شتى، ما يؤكد عمقه وغزارته، وحرص الشريعة الإسلامية على صون حقوق المرأة وضمان كل ما من شأنه أن يحفظ كرامتها".
وشدد المجلس القومي للمرأة على أن "الحياة الزوجية لا تبنى على الحقوق والواجبات، بل على الود والمحبة والمواقف التي يساند الزوج فيها زوجته التي تكون سنداً له، من أجل بناء أسرة صالحة وقادرة على البناء والإسهام في رقي وتقدم مجتمعها، وتربية أجيال قادرة على البذل والعطاء".

وفي سياق متصل، وافقت اللجنة الدينية في مجلس النواب المصري في اجتماع عقدته الأحد الماضي على مشروع قانون قدمه النائب طارق رضوان و60 نائباً (أكثر من عُشر عدد أعضاء المجلس)، لتعديل بعض أحكام قرار رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في القانون رقم 51 لعام 2014، والتي تتناول تنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد وما في حكمها، ومناقشة فتوى "الكد والسعاية" التي أعلنها الطيب مع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية.

المساهمون