يُقتل طفل على الأقل أسبوعياً في المملكة المتحدة بسبب الإهمال أو سوء المعاملة، ومن المحتمل أن تكون هذه الأرقام أعلى وذلك لأسباب عديدة، منها التعقيد القانوني لإثبات العوامل التي أدّت إلى حالة الوفاة، أو خطأ في تشخيص سبب الوفاة أو أنّ الإساءة لم تكن السبب المباشر لها لكنها كانت عاملاً مساهماً، وذلك بحسب تقرير الجمعية الوطنية لمنع القسوة الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2021.
خلال الأسابيع الأخيرة، انشغل الإعلام البريطاني بقضيتي مقتل طفلين نتيجة العنف المنزلي الذي تعرضا له.
وتتصدر الصحف البريطانية، اليوم الأربعاء، قضية مقتل الطفلة ستار هوبسون (16 شهراً)، التي توفيت في 22 سبتمبر/أيلول 2020، حيث أصدرت محكمة التاج في برادفورد، عصر الأربعاء، حكماً بسجن فرانكي سميث والدة ستار، ثماني سنوات، بعد إدانتها بالتسبب في وفاة ابنتها أو السماح بذلك. كما حكمت على سافانا بروكهيل، شريكة سميث، بالسجن مدى الحياة لمدة لا تقلّ عن 25 عاماً بعد إدانتها بجريمة القتل العمد.
وقُتلت ستار على يد بروكهيل بعد تعرّضها للضرب باستمرار، وذلك على الرغم من إبلاغ أفراد عائلتها والأصدقاء، خمس مرات، الخدمات الاجتماعية عن الأذى الذي تعرّضت له الطفلة خلال الأشهر التي سبقت وفاتها.
أُصيبت ستار بجروح "كارثية" على يد سافانا بروكهيل (28 سنة). وتسبّب الاعتداء الشديد على الطفلة الصغيرة في إصابات خطيرة في جسدها، أدّت إلى تمزّق وريدها الأجوف السفلي، وهو الوريد الرئيسي الذي ينقل الدم إلى القلب من الجزء السفلي من الجسم، وهو ما تسبّب بوفاتها في غضون دقائق. كما أُدينت والدة الفتاة فرانكي سميث (20 عاماً)، بتهمة التسبّب في وفاة طفل أو السماح بحدوثها، لكن تمّت تبرئتها من جريمة القتل والقتل غير العمد.
وقد أصدرت هيئة المحلّفين حكمها بعد مداولة منذ ظهر الخميس، وتأجيل النطق بالحكم إلى اليوم الأربعاء. واستمرّت محاكمة بروكهيل وسميث لثمانية أسابيع ومن المقرّر أن تنتهي اليوم.
من جهته، علّق بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، على النهاية المأساوية للطفلة ستار، بالقول إنها جريمة قتل مروّعة ومفجعة للقلب، وأضاف: "يجب علينا حماية الأطفال من هذه الجرائم الهمجية وضمان تعلّم الدروس".
وحالياً يواجه مجلس مدينة برادفورد المساءلة القانونية لفقدانه السيطرة على قسم خدمات الأطفال وبعد إهماله العديد من الفرص لحماية الطفلة ستار. وفي السياق، تقول وزارة التعليم إنّ وفاة ستار هوبسون كانت "مقلقة للغاية"، وإنها "لن تتردد" في إزالة مهمة مراقبة خدمات الأطفال من مجلس برادفورد "إذا لزم الأمر".
تبيّن المكالمة الأخيرة التي أجرتها بروكهيل بخدمات الطوارئ عندما قتلت الطفلة، والتي قدمتها الشرطة في المحكمة، أنّها كانت هادئة خلال حديثها بينما كانت الطفلة تُحتضر. وأشارت إلى أنّ ستار ربما تكون قد سقطت عن الأريكة فقط.
كما تظهر أيضاً أنّ الطفلة كانت تعاني من كسر في الجمجمة وكسور في ساقها اليمنى بسبب "التواء قوي". ويبرز شريط فيديو التقطته كاميرات المراقبة (CCTV) وتمّ عرضه أمام المحكمة، ضرب بروكهيل المستمرّ لستار 21 مرة، في سيارة على مدار ما يقرب من ثلاث ساعات وقبل حوالي ثمانية أيام من قتلها.
تمّ إجراء خمس إحالات إلى الخدمات الاجتماعية في الأشهر الثمانية التي سبقت وفاة ستار. بيد أنّ العديد من هذه القضايا أغلقت، على الرغم من إثارة الأصدقاء والعائلة مخاوف بشأن الكدمات. وكانت سميث تنفي هذه التقارير وتصفها بأنها كيدية وتقدّم أعذاراً عن الإصابات.
وتضمّنت المشاكل التي تمّ إبلاغ الأخصائيين الاجتماعيين بها، كدمات وتغيير سلوك وحتى الادعاء أنّ ستار تعرّضت "للاختناق" وأنّ بروكهيل رفعتها من رقبتها وألقت بها على الأرض.
ومع ذلك تمّ إغلاق معظم تلك القضايا. في 22 سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بعد أسبوع من إغلاق الإحالة النهائية التي تمّ تلقيها، توفيت ستار متأثرة بجروح "كارثية" أصيبت بها في المنزل.
الطفل آرثر
ويأتي الحكم بمأساة ستار بعد أسبوع من قضية آرثر لابينجو هيوز (6 سنوات)، الصبي الذي قُتل على يد والده توماس هيوز وشريكته إيما توستين، في سوليهول، وست ميدلاندز، في يونيو/حزيران من العام الماضي. وتصدّرت قصته الصحف البريطانية خلال الأسبوع الماضي، بعد الحكم على المجرمين بالسجن.
الطفل بيتر
تقول أنيتا سميث، جدّة ستار المفجوعة، إنّها حذّرت العاملين الاجتماعيين قبل أسابيع من وفاة حفيدتها وسألتهم عما إذا كان سينتهي بها الحال مثل "الطفل بي".
و"الطفل بي" هو بيتر كونيلي، من هارينجي، شمال لندن، الذي توفي في المستشفى عام 2007، عن عمر يناهز سنة واحدة، بعد أشهر من سوء المعاملة على يد والدته وصديقها. وعُرف الطفل في البداية باسم "الطفل بي" بأمر من المحكمة.
يقدّر تقرير صادر عن الجمعية الوطنية لمنع القسوة أنّ 3.2% ممن هم دون 11 عاماً و2.5% ممن تراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً، تعرّضوا للعنف المنزلي، العام الماضي. إنّ تطبيق ذلك على أحدث إحصاءات السكان للمكتب الوطني للإحصاء في المملكة المتحدة يعني أنّ ما لا يقل عن 15000 طفل تعرّضوا للعنف المنزلي خلال فترة عيد الميلاد عام 2020.