أحلام الأسير المحرر عبد الرحمن الزغل في مهب تعنت الاحتلال الإسرائيلي

30 ديسمبر 2023
عبد الرحمن الزغل (رويترز)
+ الخط -

رغم خروج الأسير المحرر عبد الرحمن الزغل البالغ من العمر أربعة عشر عاماً من سجون الاحتلال الإسرائيلي ضمن الدفعة الثالثة من صفقة تبادل الأسرى بين حماس والاحتلال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، غير أن أحلامه ما زالت مقيدة بتعقيدات الاحتلال. إذ لا تزال حياة الزغل، أحد أصغر الأسرى الفلسطينيين المحررين، بعيدة تماماً عن حياة أيٍّ من أقرانه من الفتية العاديين، إذ يتعافى من إصابات خطيرة أصيب بها يوم اعتقاله. وقال الزغل إن مدرسته لا تزال تنتظر تصريح إسرائيل له بالحضور.

وأضاف الزغل أنه تعرّض لإطلاق نار في أغسطس/ آب عندما غادر منزله لشراء الخبز، لكن بعد استيقاظه وجد نفسه مقيداً بسرير أحد المستشفيات، وكان مصاباً بطلقات نارية في الرأس والحوض، ومن حوله شرطيان إسرائيليان.

الاحتلال يطلق النار على عبد الرحمن الزغل

واتهمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الزغل بإلقاء قنبلة حارقة، وهي الواقعة التي ينفيها. إذ قالت والدته نجاح إنه أصيب برصاص أحد المستوطنين بالقرب من منزلهم في القدس الشرقية.

وقالت شرطة الاحتلال في بيان ليلة إطلاق النار على الزغل إن أفراداً من الشرطة أطلقوا النار على فتى لم تذكر اسمه وأصابوه بجروح خطيرة بعد أن شعروا بأن حياتهم في خطر.

وباعتباره أحد سكان القدس، فقد نظرت محكمة الاحتلال في قضية الزغل. وأمر القاضي بوضعه تحت الإقامة الجبرية خارج الحيّ الذي يسكن فيه، حتى نهاية محاكمته.

الزغل الذي قفز فرحاً يوم إطلاق سراحه، تقول والدته إن أجواء الاحتفال غابت عن المنزل، لأنه كان على وشك الخضوع لعملية جراحية لعلاج ضرر في الدماغ ناجم عن حادث إطلاق النار.

ومن بين 240 فلسطينياً أفرجت عنهم قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال هدنة مؤقتة في نوفمبر، كان عبد الرحمن الزغل واحداً من بين 104 أطفال تحت سنّ 18 عاماً.

وأطلقت حماس في المقابل سراح 110 من النساء والأطفال والأجانب المحتجزين لديها منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.

وأظهرت سجلات الاحتلال أن أكثر من نصف الفلسطينيين المفرج عنهم في إطار اتفاق التبادل كانوا محتجزين دون توجيه اتهامات إليهم.

وقالت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال ــ فرع فلسطين إن الجيش الإسرائيلي احتجز نحو 13 ألف طفل فلسطيني، معظمهم تقريباً من الفتية الذين تراوح أعمارهم بين 12 و17 عاماً، منذ عام 2000.

وقالت ميراندا كليلاند، المسؤولة في الحركة: "في كل مكان يتجه إليه طفل فلسطيني، يوجد الجيش الإسرائيلي لممارسة نوع من السيطرة على حياته".

 واستناداً إلى إفادات خطية جُمعت من 766 طفلاً كانوا محتجزين بين عامي 2016 و2022 لدى الاحتلال الإسرائيلي، وجدت الحركة أن نحو 59 بالمئة من هؤلاء الأطفال اختطفوا على أيدي جنود ليلاً.

وتعرّض نحو 75 بالمئة من الأطفال لعنف جسدي، فيما استُجوب 97 بالمئة منهم دون حضور أي من أفراد أسرهم أو محامٍ. وقالت كليلاند إن واحداً من كل أربعة يوضع في الحبس الانفرادي لمدة يومين أو أكثر حتى قبل بدء المحاكمة.

وأضافت أن المحامين يعملون على التوصل إلى اتفاقات تسوية للأطفال لأن نسبة إدانتهم تتجاوز 95 بالمئة.

وقالت الدكتورة سماح جبر، وهي طبيبة نفسية ترأس وحدة الصحة النفسية بوزارة الصحة الفلسطينية، إن أحد التحديات التي تواجههم خلال تقديم استشارات للفتيان المفرج عنهم، أنهم يتوقعون احتجازهم مجدداً، وهو ما يحدث بالفعل للعديد منهم.

وقال الزغل إن القوات الإسرائيلية اعتقلته مرتين من قبل. وأوضح أنه في المرة الأولى كان عمره 12 عاماً، وأن الجنود ضربوه حينها ببنادقهم بينما كان يلعب مع ابن عمه في أريحا. وقال إنهم اتهموه برشق الحجارة، وهو ما نفاه.

وقالت مؤسسة الضمير الفلسطينية لرعاية الأسير وحقوق الإنسان إن إلقاء الحجارة أكثر التهم شيوعاً بحق القاصرين الفلسطينيين المحتجزين في الضفة الغربية، ويعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 20 عاماً بموجب القانون العسكري الإسرائيلي.

ويتذكر عبد الرحمن الزغل كيف كان يذهب مع والده الراحل إلى أحد حمامات السباحة في تل أبيب خلال عطلة نهاية الأسبوع، ويقول إنه يريد أن يصبح منقذاً. وقال إنه يحب المدرسة ويتوق للعودة إليها.

وقالت وزارة التعليم الإسرائيلية إن الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون الإسرائيلية لن يلتحقوا بالمدارس حتى يناير/ كانون الثاني 2024، بينما لم تردّ الوزارة على أسئلة من "رويترز" عن سبب هذا القرار.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون