اليمن أمام أفق مسدود: مفاوضات متعثرة وسفارات مغلقة

15 فبراير 2015
استمرار التظاهرات المنددة بالانقلاب الحوثي في صنعاء (الأناضول)
+ الخط -

تغلق سفارات الدول الغربية والعربية أبوابها في اليمن تِباعاً، منذ أيام، ويرتفع القلق في الشارع اليمني على هامش مغادرة السفارات واستمرار الفراغ السياسي لأكثر من ثلاثة أسابيع من دون التوصل إلى اتفاق. وعلى العكس من ذلك، فإن المفاوضات القائمة تدور في حلقة مفرغة، ولا يخفي المتحاورون أنفسهم اليأس من تحقيق أي تقدم.

وانضمت تركيا والإمارات الى قائمة الدول التي أغلقت سفاراتها في صنعاء، وهي أميركا، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، السعودية، وتمثل هذه الدول أبرز الأطراف الدولية الراعية لاتفاق التسوية السياسية الموقع أواخر العام 2011، ويعتبر محللون يمنيون أن مغادرتها تِباعاً إقرار ضمني بوفاة العملية السياسية.

كما كشفت مصادر قطرية، لـ"العربي الجديد"، عن أنّ الدوحة سحبت بعثتها الدبلوماسية من صنعاء، قبل عدة أشهر، وأعادت كل الدبلوماسيين العاملين فيها إلى الدوحة، من دون الإعلان رسمياً عن ذلك، بعد تردي الأوضاع الأمنية وسيطرة الحوثيين على السلطة هناك.

وأصبح اليمن، لأول مرة، محل خلاف في مجلس الأمن الدولي، إذ فشل المجلس، يوم الخميس الماضي، في إصدار بيان يدين انقلاب جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، بسبب معارضة روسيا، في تطور يُذكّر بالأزمة السورية.

وكانت بيانات وقرارات مجلس الأمن خلال الأعوام الماضية تصدر بالإجماع. وأخيراً دخلت روسيا على خط المعارضة، وانعكس موقفها أيضاً، بعدم إغلاق سفارتها في صنعاء، إذ أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن سفارتها اتخذت إجراءات إضافية لتوفير الأمن لموظفيها، الذين قالت إنهم "يقومون بدور لإعادة الأمور لطبيعتها في البلاد عن طريق الاتصال مع القوى الرئيسية السياسية في اليمن".

في هذه الأثناء، تستمر المفاوضات التي يرعاها المبعوث الدولي جمال بنعمر، في فندق موفنبيك في صنعاء، وتدور في حلقة شبه مفرغة، إذ كلما تحدثت أطراف عن تقدّم، خرجت أطراف أخرى تنفي.

وأكد مصدران قياديان في حزبي "المؤتمر الشعبي العام" و"التجمع اليمني للإصلاح"، لـ"العربي الجديد"، أن فرص التوصل إلى حل سياسي من خلال المشاورات الجارية "ضئيلة".

وبحسب مصادر متطابقة، فإن ما يزيد من تعقيد المفاوضات هو أن الأحزاب لم تتفق على رؤية موحّدة في مقابل الحوثيين، في وقت يصر فيه حزب "المؤتمر" على أن أي حل يجب أن يمر عبر البرلمان، كآخر مؤسسة دستورية، وتؤيده في ذلك بعض الأحزاب والمكوّنات الأخرى.

وظهرت خلال اليومين الأخيرين بوادر تصعيد بين "المؤتمر" و"أنصار الله" على خلفية إصرار الجماعة على حل البرلمان، فقد نشر "المؤتمر" على موقعه تصريحاً على لسان مصدر مسؤول، أن ممثلي الحزب في الحوار "يحملون موقفاً مبدئياً لا يقبل التفريط أبداً لما في ذلك من مخاطر على وحدة الأرض والإنسان اليمني وعلى مستقبل الأجيال، وأنه لا يمكن أن يمرر ما يتناقض مع الشرعية الدستورية ليتيح لأصحاب المشاريع الصغيرة تمرير مشاريعهم والتفريط بالوحدة اليمنية".

وبين التصعيد الإقليمي والدولي بسحب السفارات، وانسداد المفاوضات الداخلية، يتصاعد القلق في الشارع اليمني الذي يتخوف من السيناريوهات المقبلة، في ظل غموض يكتنف المشهد عن الخيارات التي قد تلجأ إليها القوى السياسية، والخوف من تطور الأزمة إلى مواجهات مسلّحة مجهولة الملامح والحدود، مع استمرار تصاعد الدعوات الانفصالية وهجمات تنظيم "القاعدة" ضد الجيش والأمن.

وتشهد العديد من المدن اليمنية منذ أيام تظاهرات شعبية مناهضة للحوثيين، وخصوصاً في مدينتي تعز وإب، ذات الكثافة السكانية المرتفعة، جنوبي غرب البلاد. وبينما يعوّل كثيرون في اليمن على الانتفاضة الشعبية المتصاعدة، لوضع حد لسيطرة الحوثيين على الدولة، يرى آخرون أنها عامل ضغط، لكن استمرارها بصورة سلمية مهدد جراء القمع الذي يعمد إليه الحوثيون في مواجهتها، إذ منعوا، الأربعاء الماضي، التظاهر في صنعاء، وأغلقوا أبرز الميادين لصالح المتظاهرين المؤيدين لهم.

المساهمون