ليبيا: صراع على وراثة مجلس طبرق

طرابلس

هشام عبد الحميد

avata
هشام عبد الحميد
18 نوفمبر 2014
+ الخط -

يتصاعد خلاف حاد من أروقة مجلس النواب الليبي المنحل المنعقد في طبرق شمالي البلاد، بدأت ملامحه تصل إلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، كتعبير صريح بحسب مراقبين عن الصراع حول تشكيل مجلس عسكري يدعو إلى إنشائه أنصار "عملية الكرامة" داخل البرلمان المنحل وخارجه، تكون له صلاحيات أعلى من صلاحيات مجلس النواب وحكومة عبدالله الثني المنبثقة عنه والتي تتخذ من مدينة البيضاء شرقي بنغازي مقراً لها.

وكان مجلس النواب المنحل قد أكد في بيان أمس الأول، "أن عملية الكرامة هي عملية عسكرية شرعية تابعة لرئاسة الأركان العامة والحكومة الليبية المؤقتة، وتستمد شرعيتها من الشعب الليبي"، داعياً المجتمع الدولي لتبيان "موقفه الصريح والعلني من الحرب على الإرهاب والتي يخوضها الجيش الليبي تحت اسم عملية الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر". وشدد البيان على "دعمه المطلق لرئاسة الأركان المنتخبة، التي تُمثل مجلساً عسكرياً بُعرف دول أخرى".

ويرى متابعون أن الدعوة إلى تشكيل مجلس عسكري بقيادة حفتر، جاءت بعد أن أعلنت الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، عدم شرعية فقرة في التعديل الدستوري السابع والذي على أساسه تم انتخاب مجلس النواب الليبي في طبرق كجزء من مرحلة انتقالية ثالثة.

وبعدما لاقى حكم المحكمة العليا بعدم دستورية انعقاد مجلس النواب قبولاً شعبياً لدى المعارضين لـ"عملية الكرامة"، فإنه وضع المجلس أمام معضلة عدم الشرعية والدستورية، حتى وإن كان أعلن رسمياً عدم اعترافه بحكم المحكمة العليا، وعلى الرغم من عدول أغلب القوى الإقليمية والدولية عن الاعتراف بالمؤتمر الوطني العام ممثلا شرعيا عادت له الشرعية بموجب الحكم الدستوري، لما لهذا الحكم من تبعات سياسية قد تُورّط مسؤولين غربيين، وبالأخص أميركيين بسبب دعمهم غير المباشر لحفتر، وكذلك تجريم الهجمات الجوية الأجنبية ضد ليبيا بشكل مباشر وصريح.

لهذا اتجه حفتر ومؤيدوه إلى محاولة إنشاء مجلس عسكري، له سلطات شبيهة بتلك التي كانت لدى المجلس العسكري المصري إبان الإطاحة بالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في العام 2011، كصلاحية إعلان حالة الحرب، والدعوة إلى انتخابات برلمانية، وإصدار قانون للطوارئ، وغيرها من الصلاحيات الاستثنائية.

وفشل حفتر حتى الآن في إنجاز مهمة السيطرة التامة على مدينة بنغازي، مع احتمال إدانته بارتكاب جرائم حرب بسبب الأعمال الانتقامية وحرق وتهديم المنازل في بنغازي وقصف الأحياء السكينة بالأسلحة الثقيلة، مما تسبّب في نزوح قرابة عشرة آلاف عائلة بحسب إحصاء لهيئة محلية معنية بشؤون النازحين.

كما يرى حفتر ومناصروه أن مجلس النواب في طبرق يمكن السيطرة عليه باعتبار مقره في عقر دار مؤيدي "عملية الكرامة" العسكرية، وأن حكومة الثني أضعف من أن تقوم بأي عمل لصالح برنامجه العسكري ولا تملك الموارد المالية الكافية لدعمه، لذلك دعا إلى إنشاء مجلس عسكري يضم إليه رئاسة الأركان المكلّفة من قِبل مجلس نواب طبرق، على أن يستمد شرعيته الجديدة من التأييد الشعبي له من قِبل المؤيدين لـ"عملية الكرامة"، وكذلك المساندة الإقليمية والدولية له.

إلا أن حزب "تحالف القوى الوطنية" بقيادة محمود جبريل داخل مجلس النواب الليبي المنحل، يرى أن دور حفتر يجب أن يتوقف بعد فشله في تحقيق وعوده في السيطرة على بنغازي قبل الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، وهو الموعد الذي أصدرت فيه الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية حكمها بعدم دستورية مجلس النواب.

ويعتبر الحزب وبعض مؤيديه من التيار الفيدرالي في البرلمان، أنه يمكن العمل من خلال الهياكل الحالية كمجلس النواب المنحل وحكومة الثني، ورئاسة الأركان برئاسة عبد الرازق الناظوري، باعتبار أن حكم الدائرة الدستورية لم يلقَ اعترافاً أو قبولاً من أهم القوى الإقليمية والدولية.

إضافة الى ذلك، فقد أفادت معلومات بأن الثني غادر مدينة البيضاء بعد أن حاولت مجموعة مؤيدة لـ"عملية الكرامة" الاعتداء على مقر إقامته، مطالبة بمغادرته مدينة البيضاء ومتهمة إياه بالضعف ونهب المال العام، وهو تحرك جديد يرى فيه المراقبون أنه يدخل في إطار خطوات أنصار "عملية الكرامة" للإطاحة بمجلس نواب طبرق وحكومة الثني تمهيداً لإنشاء المجلس العسكري.

كما أن مؤيدين لـ"عملية الكرامة" في مدينة طبرق، تظاهروا أمس الأول مطالبين برحيل مجلس النواب المنحل ومتهمين إياه بالفشل.

ويرى خبراء في الشأن الليبي أن المرحلة المقبلة في ليبيا ستشهد صراعاً جديداً بين رفاق سلاح الأمس حول الصلاحيات والهياكل، والذي بدأت بوادره بين حفتر، ورئيس الأركان العامة عبد الرازق الناظوري.

ذات صلة

الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
الصورة
عمال بحث وإنقاذ في درنة في ليبيا (كريم صاحب/ فرانس برس)

مجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على الفيضانات في شمال شرق ليبيا على خلفية العاصفة دانيال، لا سيّما تلك التي اجتاحت مدينة درنة، وتضاؤل فرص الوصول إلى ناجين، صار هاجس انتشار الأوبئة والأمراض يثير القلق.
الصورة
دمر الفيضان عشرات المنازل كلياً في درنة (عبد الله بونغا/الأناضول)

مجتمع

ترك الفيضان كارثة كبيرة في مدينة درنة الليبية، كما خلف آلاف الضحايا، وقد تدوم تداعياته الإنسانية لسنوات، فالناجون تعرضوا لصدمات نفسية عميقة، وبعضهم فقد أفراداً من عائلته، أو العائلة كلها.

المساهمون