"الثلاثاء الكبير": هل يُنهي الديمقراطيون تردّدهم؟

03 مارس 2020
صراع بين التيارين الوسطي والتقدمي في الحزب (وين ماكنامي/Getty)
+ الخط -
تترقب الولايات المتحدة، اليوم الثلاثاء، اقتراعاً قد يكون مفصلياً للحزب الديمقراطي، في الانتخابات التمهيدية لاختيار المرشح الذي سيُنافس الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، في رئاسيات العام 2020، في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. 14 ولاية أميركية، من ماين إلى كاليفورنيا، تستعجل هذا العام لكي تكون لها كلمةٌ مبكرةٌ في التمهيديات الديمقراطية، في ما يُعرف بتصويت "الثلاثاء الكبير"، وهو أشبه بعُرفٍ بدأ في العام 1988، واختلفت مرّات كثيرة أسماء الولايات وأعدادُها التي تصوّت فيه. اليوم، يأمل الحزب الديمقراطي من هذا الاستحقاق، أن يُمكّن سريعاً من تقليص المنافسة بين المرشحين، والتركيز فقط على اسمين منهم، سيكون المرشح الاشتراكي بيرني ساندرز (يمتلك حالياً 60 مندوباً)، على الأرجح، أحدهما، فيما تذهب الترجيحات الأخرى بغالبيتها إلى نائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن (ارتفع عدد المندوبين الذين حصدهم إلى 53).
 
ومع احتمالات كبيرة بانطلاق عدّاد الانسحابات بعد إعلان نتائج "الثلاثاء الكبير"، يبقى هذا اليوم مفصلياً لحملتي هذين المرشحين تحديداً: الأول، أي ساندرز، في محاولةٍ لحصد عددٍ مُريح من المندوبين، بعد استطلاعات الرأي التي تعطيه تقدماً كبيراً في عددٍ من الولايات، وبايدن لإقرارٍ بشبه هزيمة، أو تثبيت نفسه كالمرشح النهائي المعتدل الذي سيواصل السباق حتى جلاء الصورة الديمقراطية أكثر، كلما ارتفع عدد الولايات المصوتة في التمهيديات خلال الأشهر المقبلة. وفي ما عدا معرفة هوامش انتصارات ساندرز، والتي سيكون لكلٍّ منها تأثيره على مجريات السباق التمهيدي حتى يونيو/حزيران المقبل، فإن تصويت 14 ولاية دفعة واحدة، قد يرسم ملامح المنتصر هذا العام في الصراع بين التيارين الوسطي والتقدمي داخل الحزب. ويرى متابعون في هذا السياق، أن ثلث الناخبين الديمقراطيين لا يحددون خياراتهم قبل هذا اليوم، ما يعني أيضاً اهتمام المرشحين بكسب الأصوات المترددة.

وليس بإمكان "الثلاثاء الكبير"، على الرغم من أهمية الولايات المشاركة فيه، وأحجامها، وعدد المندوبين الذين تمنحهم للمرشحين، حسم المعركة التمهيدية بهذه السرعة. ما يمكنه فعله هو تنقية الصورة، بعد انطلاق السباق التمهيدي بشكلٍ "تجريبي" في انتخابات أيوا ونيوهامبشير ونيفادا وكارولينا الجنوبية، ما يجعل "الثلاثاء الكبير" بمثابة اقتراع ديمقراطي وطني، لما يعكسه من تنوع يضم مجموعات ديمغرافية مختلفة، عرقية واجتماعية، من البيض والسود واللاتينيين، وذوي التحصيل العلمي أو غير المتعلمين، ومن الطبقات الوسطى أو الغنية، وكذلك تلك المرتبطة بصراع الأجيال داخل الحزب. وفي المحصلة، يُبدّل المرشحون استراتيجياتهم مع "الثلاثاء الكبير"، ليركزوا على ولايات بعينها، وهم يتنافسون في هذا اليوم على حوالي ثلث عدد المندوبين الذين يحتاجهم الفائز لمؤتمر الحزب الديمقراطي الوطني المقرر الصيف المقبل لاختيار المرشح الرئاسي، مع تمييزٍ عن تمهيديات تجري في ولايات أخرى، وهي أنه يحق فقط للمرشحين الذين يتخطون عتبة الـ15 في المائة من نتائج التصويت في كلّ ولاية، أن يحصلوا على نسبتهم من المندوبين عنها. ولكن قد يقرر عددٌ من المرشحين، على الرغم من حلولهم في المركز الثالث أو الرابع، مواصلة السباق الممتد حتى يونيو/حزيران المقبل، إذا ما رأوا أنهم قدّموا نتائج جيدة في هذا اليوم.

وتصوّت اليوم في "الثلاثاء الكبير" للحزب الديمقراطي (للجمهوريين أيضاً ثلاثاء كبير، لكن لم تحصل منافسة هذا العام) 14 ولاية هي: كاليفورنيا، ألاباما، ماين، مينيسوتا، فيرجينيا، كولورادو، فرمونت، كارولينا الشمالية، أوكلاهومو، يوتا، أركنساس، تينيسي، تكساس، وماساتشوستس، وكذلك جزيرة ساموا الأميركية على الهادئ. كما يبدأ الديمقراطيون الأميركيون المقيمون في الخارج الإدلاء بأصواتهم. وتحتاج الولايات الكبيرة المشاركة في "الثلاثاء الكبير" أياماً لإعلان النتائج النهائية، ويقدم هذا اليوم 1357 مندوباً من أصل نحو 4 آلاف مندوب في مجمل الولايات (أي ما يعادل 34 في المائة من السباق التمهيدي). ويفوز بترشيح الحزب من يحصد 1991 مندوباً. وضاعفت كاليفورنيا الحماسة، مع مشاركتها هذا العام في التصويت الكبير، بعدما اعتادت أن تُصوّت في يونيو، وتقدم لوحدها 30 في المائة من مندوبي هذا اليوم. وتضم ولايات "الثلاثاء الكبير" 53 في المائة من البيض، 25 في المائة من الجاليات ذوي الأصول الإسبانية، و11 في المائة من السود.

ولكن ما هو الوضع على الأرض مع انطلاق "الثلاثاء الكبير"؟
تحتدم المنافسة، مع افتتاح ولاية فرمونت للسباق، بين السيناتور الممثل لها، المرشح الاشتراكي بيرني ساندرز، الذي فاز في الولايات الثلاث الأولى، ونائب الرئيس السابق جو بايدن، الذي استعادت حملته الزخم مع فوزه السبت الماضي في ولاية كارولينا الجنوبية، بفضل أصوات الأميركيين السود خصوصاً. وفي مقابل إنهاء المرشّح بيت بوتيدجيدج رسمياً حملته أول من أمس الأحد، بعد نتيجة مُخيّبة في هذه الولاية، يدخل الملياردير مايكل بلومبيرغ كذلك رسمياً السباق، بعدما أغدق مئات ملايين الدولارات على حملته، وهو اختار الثلاثاء الكبير لإدخال اسمه على عملية الاقتراع. ويترقب الأميركيون ما قد يحصده بلومبيرغ، لكن التركيز يبقى على الثلاثي بايدن – ساندرز – إليزابيث وارن، إذ لم تعلن المرشحة التقدمية انسحابها بعد، وهو ما كان أراح بايدن، كما أنها من المتوقع أن تقدم أداء مقبولاً في بعض الولايات.

وإذا ما صحّت آخر استطلاعات الرأي، فإن ولاية كاليفورنيا (15.5 مليون أميركي من أصول إسبانية يعيشون فيها)، قد تمنح دفعاً قوياً لحملة ساندرز، مع احتمال أن يكون المرشح الوحيد الذي يتخطى عتبة الـ15 في المائة فيها، بحسب "نيويورك تايمز". ووفقاً لاستطلاع لـ"سي بي إس" و"يوغوف" "Yougov" أجري الأحد، يتقدم ساندرز في كاليفورنيا بنسبة 31 في المائة، يليه بايدن 19 في المائة، ثم وارن بـ18، وبلومبيرغ أخيراً بـ12 في المائة. ويعطي استطلاع آخر ساندرز 34 في المائة، فيما وارن خلفه، ولكن بـ14 في المائة. وتعني نتائج الاستطلاع الأول أن ساندرز سيتقاسم المندوبين مع بايدن ووارن، فيما سيحصل عليهم جميعهم إذا ما صحّ الاستطلاع الثاني. وبحسب أربعة استطلاعات رأي أجريت خلال الـ48 ساعة الماضية، فإن ساندرز هو المرشح المفضل كذلك في ولاية تكساس، لكن النسبة متقاربة مع المرشحين الآخرين، بعكس كاليفورنيا. إلا أن استطلاعاً لـ"إن بي سي" يعطيه تقدماً هناك عن بايدن بـ15 نقطة. ومن المتوقع أن يتصدر بايدن نتائج السباق في ألاباما، التي تضمّ شريحة كبيرة من السود. وفي استطلاع لجامعة كريستوفر نيوبورت، يسبق بايدن بقليل ساندرز في فيرجينيا (22 مقابل 17). وفي ماساتشوستس، مسقط رأس وارن، تتعادل الأخيرة مع ساندرز في الاستطلاعات. وتسعى آمي كلوبوشار للفوز بمسقط رأسها في مينيسوتا (29 في المائة مقابل 23 لساندرز في استطلاع لمينابوليس ستار تريبيون)، لكن أسمها لا يظهر في استطلاعات الولايات الأخرى.