نشطاء بالحراك الشعبي الجزائري لـ"العربي الجديد": تعديل الدستور لعبة سياسية

11 يناير 2020
نشطاء الحراك الشعبي يطالبون بإسقاط النظام(أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
لا يبدي نشطاء كثر في "الحراك الشعبي" بالجزائر موقفاً إيجابياً من مقترح الرئيس عبد المجيد تبون القاضي بتشكيل فريق خبراء يتولى صياغة مسودة دستور تطرح لاحقاً للتشاور السياسي مع الأحزاب والمكونات المدنية.

ويشكك الناشط الحقوقي والوجه البارز في الحراك الشعبي، عبد الغني بادي، في حديث مع "العربي الجديد"، بالنوايا الحقيقية التي دفعت الرئيس إلى المبادرة بطرح مقترح تعديل الدستور.

ورأى بادي أنّ "النظام يريد استخدام ذلك لحل مشكلاته"، معتبراً أن الأمر سابق لأوانه". وقال إن "السلطة تعول دائماً على الانتخابات والمشاورات كحل لأزمتها، كل ما كان النظام في أزمة يلجأ إلى تعديل للدستور، وينتج لنا دستور أزمة، بحيث أصبح في الجزائر لكل رئيس دستور ولكل أزمة دستور"، مضيفاً أن "النظام لا يفهم تعديل الدستور إلا في هكذا اتجاه".

وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أعلن قبل أيام تشكيل لجنة دستورية تضم 17 خبيراً في القانون الدستوري برئاسة الخبير الأممي السابق أحمد لعرابة، لصياغة مسودة دستور، ما وصفها بـ"الجزائر الجديدة"، في غضون شهرين. كما تعهد بأن تكون المسودة محل تشاور مع المكونات السياسية والمدنية، قبل طرحها للاستفتاء الشعبي في غضون ثلاثة أشهر من الآن.

بدوره، اعتبر الناشط في الحراك الشعبي والصحافي سعد بوعقبة، في حديث مع "العربي الجديد"، أن طرح فكرة تعديل الدستور عبر فريق من الخبراء يشكلون لجنة دستورية، هو "التفاف بليد على مطالب الحراك الشعبي".

وأكد بوعقبة أن "مطالب الحراك واضحة وتدعو إلى دستور مغاير تماماً لكل الدساتير التي شهدتها الجزائر حتى الآن"، مشدداً على أن "أي دستور مستقبلي للبلاد يجب أن ينبثق من إرادة شعبية وعبر نقاش يتم داخل المجتمع وعبر مجلس تأسيسي ينتخبه الشعب بشكل مباشر، على أن يكون هذا الدستور غير قابل للتغيير أو التحوير أو الالتفاف عليه مستقبلاً، وبناءً عليه تبنى مؤسسات الدولة الحديثة".

ويذهب ناشطون إلى أن فكرة تعديل الدستور تنطوي على مسعى لرسملة النظام وإعادة تجربة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ذاتها، وبحسب سفيان هداجي وهو من الوجوه الأولى التي دعت إلى الحراك الشعبي في فبراير/شباط الماضي، فإن هناك لدى السلطة نوايا للالتفاف على مطالب الشعب بشكل أو بآخر.

وأوضح هداجي رأيه في حديث مع "العربي الجديد"، قائلاً إن "هذه اللجنة لم تكن ضمن مطالب الحراك، الحراك وجد من أجل التغيير الجذري للنظام وليس الدستور، وإنشاء لجنة لتعديل الدستور، هو محاولة لرسملة للنظام، مثلما فعل بوتفليقة، والحصول على شرعية شعبية بعد طرح الدستور للاستفتاء الشعبي".

ويشكك ناشطون في الحراك في أن يسهم تعديل الدستور أو إعادة توزيع الصلاحيات الدستورية في إطلاق مسار ديمقراطي حقيقي في البلاد، ويعتقد الإعلامي والناشط في الحراك الشعبي، خالد درارني، أن تجارب تعديل الدستور لم تنتج الديمقراطية في الجزائر.

وقال درارني، لـ"العربي الجديد"، إن "الجزائر بحاجة إلى تغيير شامل للنظام وإتاحة الفرصة للشعب لاتخاذ القرار والمسار الذي يخدم مستقبله، وليست بحاجة إلى تعديل للدستور لا يغير من طبيعة النظام"، مشيراً إلى أن "التجارب السابقة في الجزائر في تعديل الدساتير تؤكد أن التعديلات ليست مخرجاً ولا تؤدي بالضرورة إلى سياق ومسار ديمقراطي، كل رئيس جاء في الجزائر خلق لنفسه دستوراً خاصاً به، ولذلك نعتقد أن هذا لا يؤدي إلى الديمقراطية".

من جهة ثانية، تتحفظ فضاءات مدنية ضمن مكونات "الحراك الشعبي" على فكرة تشكيل اللجنة الدستورية، وتعتبر أنه انفراد بالسلطة أيضاً عبر اختيار أعضاء اللجنة الأمر الذي لا يوفر هامشاً كبيراً للثقة إزاء ما هي بصدده، وقال الناشط مسعود بوذيبة، وهو المتحدث باسم مجلس أساتذة التعليم، العضو في التكتل المدني للتغيير، إن "قوة أية فكرة تكمن في منطلقاتها، نعتقد أن تأسيس لجنة لتعديل الدستور يفسر كامل العملية، ولا يؤسس للثقة وللطمأنينة، كان على السلطة أن تفكر بشكل أفضل، خاصة أن هامش الثقة ضعيف جداً بين السلطة والمجتمع السياسي والمدني".

المساهمون