يمين الوسط يقود اليونان: هل تهزم الأزمة المالية ميتسوتاكيس بعد تسيبراس؟

08 يوليو 2019
حصل ميتسوتاكيس على غالبية مريحة في البرلمان (بانايوتيس تزاماروس/Getty)
+ الخط -
تُمثّل عودة حزب "الديمقراطية الجديدة" يمين الوسط، إلى السلطة في اليونان استمرارية لمرحلة الاضطراب التي تعاني منها اليونان منذ عام 2009. رئيس الوزراء الجديد كيرياكوس ميتسوتاكيس، ليس طارئاً على المشهد اليوناني، لكنه مضطر لتغيير مسار البلاد، في ظلّ فوضاها المستمرة منذ عام 2008، تاريخ بدء الأزمة المالية في أثينا، وفشل مختلف الأحزاب في إيجاد حلّ يوائم بين حاجات المواطنين وشروط الدائنين. اليوم الإثنين، يؤدي ميتسوتاكيس اليمين الدستورية رئيساً لوزراء اليونان بعد فوزه على زعيم حزب "سيريزا" اليساري، أليكسيس تسيبراس، الذي قاد البلاد لأربع سنوات. حصل حزب ميتسوتاكيس "الديمقراطية الجديدة" على 39.8 في المائة من الأصوات، ما منحه 158 مقعداً في البرلمان المكون من 300 عضو، بأغلبية حاكمة مريحة. في المقابل، حصل "سيريزا" على 31.5 في المائة من الأصوات، ولم يبقَ إذاً بحوزته سوى 86 مقعداً من أصل المقاعد الـ144، التي يشغلها في البرلمان المنتهية ولايته. وبالنسبة إلى اليونانيّين، فإنّ الحكومة المنتهية ولايتها "لم تلتزم" وعودها وفرضت التقشّف، كما أن خيبتهم كبيرة، إذ اقترع 57 في المائة من الناخبين فقط وهي أدنى نسبة منذ فترة طويلة، رغم أن القانون يُلزم الاقتراع، غير أنه لم يعاقب أياً من المعتكفين.

انطلاقاً من النسبة المتدنية، وعد ميتسوتاكيس بـ"إنهاض" اليونان بعد مرحلة "مؤلمة"، وقال إنّ "صفحة مؤلمة تُطوى اليوم". وأضاف: "أريد أن أرى هذا الشعب يزدهر مجدّداً، أريد أن أرى عودة الأولاد الذين كانوا قد غادروا". ووعد ميتسوتاكيس بـ"إحياء الاقتصاد" و"ترك الأزمة وراءنا". من جهته، أقرّ رئيس الحكومة اليونانية المنتهية ولايتها بـ"الانتصار الواضح" لمنافسه، مهنّئاً إيّاه، وواعداً بأن يكون "نشِطاً في صفوف المعارضة".

إذاً، سيتعين على ميتسوتاكيس التحرك سريعاً للتعامل مع عدد لا يحصى من المشكلات التي لا يزال يعاني منها الاقتصاد اليوناني، وخصوصاً أن وزراء مالية أوروبا سيجتمعون في بروكسل اليوم الإثنين وسيناقشون ملف اليونان، التي لا تزال عليها التزامات مالية صارمة يجب الوفاء بها.

أما الناخبون فبدوا متفائلين، فقالت أفروديت إنّ "اليونان تشهد عشر سنوات من الأزمة، والحكومة الجديدة سيكون عليها مهمة ثقيلة لإعطاء فرصة للبلاد للتعافي أو الغرق". أما أثينودوروس فأبدى أمله "في أن نتمكن من تنفس الصعداء ابتداءً من اليوم". واتهم تسيبراس ميتسوتاكيس، بسوء إدارة "كارثي" أسفر عن "فقدان مئات الألوف من الوظائف وانهيار عدد كبير من الشركات"، أثناء عمله وزيراً للإصلاح الإداري، بين عامي 2013 و2015. ويتعهد ميتسوتاكيس الآن تأمين وظائف "أفضل" من خلال النمو والاستثمار الأجنبي والاقتطاعات الضريبية وتذليل العقبات أمام الشركات.



ميتسوتاكيس هو نجل كونستانتينوس ميتسوتاكيس الذي كان رئيساً للوزراء (1990 ـ 1993). كما أن شقيقته، دورا، تسلمت مهامّ وزارية عديدة، وكانت عمدة أثينا (2003 ـ 2006). كيرياكوس عانى في طفولته، عقب انقلاب الجيش عام 1967، وخصوصاً بعد إعلان المجلس العسكري الحاكم أن والد كيرياكوس "شخص غير مرغوب به في اليونان". هربت العائلة إلى تركيا عام 1968، وظلّت فيها حتى سقوط الحكم العسكري في أثينا عام 1974.

بعد ذلك، تعلّم كيرياكوس ميتسوتاكيس في معهد أثينا، ثم ارتاد جامعة هارفارد الأميركية عام 1986، حيث نال شهادة في العلوم الاجتماعية عام 1990، وجوائز أخرى. ثم عمل محللاً مالياً في مصرف تشايز في لندن، بين عامي 1990 و1991، قبل أن يؤدي خدمته العسكرية في سلاح الجو اليوناني، بين عامي 1991 و1992. بعدها أكمل دراسته وتعلّم في جامعة ستانفورد الأميركية بين عامي 1992 و1993، ونال ماستر في العلاقات الدولية، ثم عاد إلى هارفارد، ودرس فيها بين عامي 1993 و1995، ونال امتيازاً في إدارة الأعمال. وبين عامي 1995 و1997 عمل في شركة "ماكنزي" في لندن، وخصوصاً في قطاع الاتصالات والخدمات المالية. وفي 1997 عاد إلى أثينا، وعمل في مصرف "ألفا"، مستشاراً للاستثمارات. عام 1999، أسس قسم "رأس المال الاستثماري" التابع للمصرف المركزي اليوناني، وظلّ رئيساً للقسم حتى عام 2003، فاستقال مدشناً مسيرته السياسية. واختاره المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2003 "قائداً عالمياً للمستقبل".

في السياسة، انتُخب نائباً عام 2004 عن حزب "الديمقراطية الجديدة". ثم وزيراً للإصلاح الإداري بين عامي 2013 و2015، أي في أصعب أوقات اليونان المالية، في حكومة أنتونيس ساماراس، قبل أن يستغل عجز حزب "سيريزا" اليساري على تنفيذ إصلاحات وعد بها، بعد فوزه عام 2015، فانتصر على منافسه أليكسيس تسيبراس، يوم الأحد. وعن مسار ميتسوتاكيس المستقبلي يكفي قوله، إبان مفاوضات وزير المالية الأسبق يانيس فاروفاكيس مع الجهات الدائنة عام 2015، إن "يانيس يخلق لنا مشكلة في موقع التفاوض اليوناني في الأزمة المالية، في كل مرة يفتح فمه". ربما تحتاج الجهات الدائنة إلى ميتسوتاكيس، أكثر مما يحتاج إليه اليونانيون.