هل انسحبت "الوحدات" الكردية من مدينة منبج شرقي حلب؟

16 يوليو 2018
تواتر أنباء عن انسحاب "الوحدات" من منبج(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
تُشير الوقائع الميدانية، في منبج، إلى أن مقاتلي "وحدات حماية الشعب" الكردية، ما زالوا يبسطون سيطرتهم على المدينة الواقعة في ريف حلب الشرقي، رغم إعلان "مجلس منبج العسكري" ليل أمس، أن "الدفعة الأخيرة من المستشارين العسكريين في وحدات حماية الشعب قد أكملت انسحابها.. بعدما أنهت مهمتها في التدريب والتأهيل العسكري لقواتنا، بالاتفاق مع التحالف الدولي".

الواقع والمعطيات الميدانية في منبج، بالإضافة إلى التواصل الأميركي – التركي حول بنود خارطة الطريق بين الطرفين المتعلقة بالمدينة، دفعت مصادر في الخارجية التركية اليوم الإثنين، للتقليل من أهمية الإعلان الكردي الذي اعتبرته "مبالغاً فيه"، ولا يعكس الحقيقة، وذلك بعد أيام من إبداء أنقرة إستياءها من تأخر هذا الانسحاب بشكلٍ كامل.

 واقع الميدان

وقالت مصادرُ محلية في منبج لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إن "لا شيء تغير على الأرض فعلياً، فعناصر الوحدات الكردية يسيطرون على المدينة، وعلى طرقاتها ومداخلها ومؤسساتها"، مشيرةً إلى أن "إعلان انسحاب الوحدات أقرب ما يكون للإعلان الإعلامي، فمجلس منبج العسكري، الذي يعتبر الجهة الأقوى على الأرض في منبج، يدين بولائه بالكامل للوحدات وقسد".

وكانت "وحدات حماية الشعب" الكردية قد أعلنت في الخامس من يونيو/حزيران الماضي، في بيانٍ لها، أنه "الآن، بعد مضي أكثر من سنتين من عملهم المستمر، ووصول مجلس منبج العسكري للاكتفاء الذاتي في مجالات التدريب، قررت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب سحب مستشاريها العسكريين من منبج"، مضيفة أن قوات (الوحدات) ستلبي النداء في ما إذا اقتضت الحاجة لأن نقدم الدعم والعون لأهلنا في منبج عندما يقتضي الأمر ذلك".

وجاء بيانُ "الوحدات" الذي صدر قبل نحو ستة أسابيع، بعد يومٍ واحد، من اتفاقٍ أميركي- تركي، تمّ الإعلان عنه في واشنطن بين وزيري خارجية البلدين، وينصُّ على وضع "خارطة طريق" لمستقبل مدينة منبج، يتمّ تنفيذها في غضون أقل من ستة أشهر، بحيث تنسحب "وحدات حماية الشعب" الكردية، من المدينة الواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات، نحو مواقع أخرى لـ"الوحدات" شرقي الفرات، ويتسلم إدارة المدينة مجلسٌ محلي، بينما تتم إدارة شؤون المدينة الأمنية، من قبل فصيل أو فصائل يتمّ التوافق عليها بين الولايات المتحدة وتركيا.

ويأتي بيان "مجلس منبج العسكري" أمس، في هذا السياق، إذ إن هذا المجلس، الذي يتبع لقيادة "الوحدات"، يسعى لإظهار استقلاليته عنها، ليكون الجهة التي تدير المدينة، على اعتبار أن أنقرة وواشنطن اتفقتا على خروج "الوحدات" من منبج، وتسليمها لاحقاً، على مراحل، إلى قوى محلية تسميها أنقرة وواشنطن، لتتولى عملية إدارة منبج، وبسط الأمن فيها.

ومنذ التوصل لاتفاق "خارطة الطريق" في منبج، بين الولايات المتحدة وتركيا، سيّرَ الجانبان، 14 دورية عسكرية مشتركة هناك، آخرها قبل يومين، في الرابع عشر من شهر يوليو الحالي.

وذكرت رئاسة الأركان العامة التركية، أخيراً، أن قوات تركية سيّرت، بالتنسيق مع نظيرتها الأميركية، الدورية المستقلة الرابعة عشرة على طول الخط الفاصل بين منطقتي "عملية درع الفرات" ومنبج.

وبدأ تسيير الدوريات في 18 يونيو/ حزيران الماضي، تطبيقاً لخارطة الطريق التي تنصّ على إخراج مقاتلي الوحدات الكردية من المدينة، وتوفير الأمن والاستقرار للمنطقة.


أنقرة: إعلان مبالغ فيه

ورداً على ما ورد عن مجلس منبج العسكري، رأت مصادر بوزارة الخارجية التركية، اليوم الإثنين، أن الأنباء المتواترة عن انسحاب كامل "وحدات حماية الشعب" الكردية من مدينة منبج السورية، تطبيقاً لاتفاق خارطة الطريق، مبالغ فيها، وأن مرحلة تطبيق الاتفاق مع الولايات المتحدة لا تزال متواصلة، ولذلك فإن أنباء الانسحاب الكردي لا تعكس الحقيقة.

وجاء تصريح مصادر الخارجية التركية، والذي تداولته مختلف وسائل الإعلام التركية اليوم، بعد تأكيد وكالة "رويترز" للأنباء انسحاب كامل مقاتلي "وحدات الحماية" الكردية، تنفيذاً لخارطة الطريق التركية - الأميركية الموقعة في الرابع من حزيران/يونيو الماضي.

وأوضحت مصادر الخارجية أن "المعلومات المتداولة عن انسحاب كامل لمقاتلي الوحدات الكردية مبالغ فيها، ومرحلة التطبيق لخارطة الطريقة لا تزال مستمرة، حيث تتواصل الانسحابات من النقاط المتواجدة على خط الدوريات المستمرة"، وأن أعمال الدوريات المشتركة "لا تزال متواصلة، ولذلك فإن الحديث في هذه المرحلة عن انسحاب كامل لوحدات الحماية الكردية من منبج، أمر لا يعكس الحقيقة".

وكانت مصادر تركية قد أعربت يوم الجمعة الماضي، عن استيائها من تأخر الجانب الأميركي في تنفيذ اتفاقية خارطة الطريق حول منبج، رغم مرور المرحلة الأولى التي تبلغ مدتها شهراً من توقيع الاتفاقية، إذ كان يفترض انسحاب مليشيات "الوحدات" الكردية اعتباراً من الرابع من تموز/يوليو الحالي.

ونقلت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" استياء الجانب التركي لتأخر تطبيق الاتفاقية، إذ إن أنقرة تعول على تنفيذ الاتفاق في منبج قبيل الانتقال إلى مناطق أخرى، وإذا لم تنفذ الاتفاقية في منبج، فمن الصعب الحديث عن اتفاقات أخرى، وتنفيذ الاتفاق هذا سيعزز من إجراءات الثقة بين الجانبين على الساحة السورية، إذ سبق أن تسبب الدعم الأميركي لـ"الوحدات" الكردية بانزعاج أنقرة وابتعادها عن واشنطن واقترابها من موسكو.