"أنا مسؤول عن كل حاجة بتتعمل في مصر، وعن كافة القرارات الاقتصادية الصعبة التي يتم اتخاذها في الدولة.. وأنا مابستخباش (لا أختبئ)"، بهذه الكلمات أعلن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، بوضوح، عن تحمله لجميع قرارات رفع الأسعار التي تتخذها حكومته تحت ذريعة "الإصلاح الاقتصادي"، معتبراً أنه "لا مفر من مواجهة التحديات الراهنة، حتى تكون الدولة المصرية قوية، وذات شأن وقيمة".
وقال السيسي، على هامش إفطار نظمته الرئاسة بأحد فنادق الجيش، مساء الثلاثاء: "مافيش حاجة هاتتعمل في مصر، أنا مش مسؤول عنها، وهانواجه أي مشكلة.. يجب أن نتألم ونقاسي حتى نكون دولة، ويجب أن نكون جميعاً على خط واحد لمواجهة التحديات.. ولو كان فيه حد تاني يقدر يحل المشاكل والتحديات التي تواجهها مصر بطريقة أخرى، خلاف ما نقوم به، يتفضل ييجي يتحمل المسؤولية".
وأضاف السيسي: "اللي يتصور إن ده ممكن يحصل من غير كده ييجي يقف مكاني، ويقول لي إزاي!"، مستدركاً "رغم كل هذه الظروف، إلا أن الحل بسيط، وهو أن يقف المصريون جميعاً مع بعضهم البعض، لأن التغلب على المشكلات أسهل ما يكون بشرط أن نتحمل جميعاً.. والدولة أطلقت يد المؤسسات الرقابية على الفساد، ومابنهزرش، ولن نقبل بأي شخص يتجاوز، ولازم المجتمع يساعدنا".
وتابع: "قالوا لي الحكومة القديمة (المستقيلة) تشيل عبء إجراءات رفع الدعم التي ستتخذها الدولة الفترة القادمة، ولكنني رفضت العمل بتلك الطريقة، ومايصحش إني أعمل كده.. ونحن كمصريين جميعاً لا بد أن ندفع الثمن مع بعض.. فنحن نقدم أرخص ثمن في العالم لخدمات عامة تقدمها الدول لمواطنيها، سواء في الطاقة أو الوقود أو أسعار السلع"، حسب زعمه.
وزاد السيسي: "الدولة تتحمل 332 مليار جنيه دعماً سنوياً، ونحن جادين فى إيصال الدعم لمستحقيه.. ومصر تقدم الدعم لكل أسرة مكونة من 6 أفراد، ولكل مواطن يملك بطاقة تموينية ثلاث جنيهات دعماً يومياً للخبز.. وذلك لحين إعداد منظومة متكاملة، وقاعدة بيانات حقيقية، حتى نحدد من يستحق الدعم، ومن لا يستحقه"، من دون الإشارة إلى استهداف الحصيلة الضريبية نحو 770 مليار جنيه في العام المالي الجديد، بما يتجاوز ضعف قيمة الدعم.
كما قال إن "الدولة تقدم دعماً بحوالي ألف جنيه شهرياً لكل أسرة مصرية، لأن كل 4 أفراد في الأسرة يحصلون على دعم بقيمة 200 جنيه على بطاقة التموين، إضافة إلى دعم في منظومة الخبز يتراوح ما من 400 إلى 500 جنيه شهرياً، ودعم شهري لأنبوبة البوتاغاز بقيمة 260 جنيه، حال حصول المواطنين على أنبوبتين.. .. وأنا عايش في الكلام ده بقالي أكثر من ثلاثين عاماً، وبحلم أشوف مصر دولة قوية فتية".
وواصل حديثه: "الدعم الذي تقدمه الدولة يرتفع سنوياً، ولا يوجد دولة تستطيع أن تطلب دعم خارجي من دول أخرى، لأنه مافيش حد هايصرف على دولة بحجم مصر.. ونحن نريد أن يكون هناك تعليماً جيداً، وعلاجاً جيداً، ولكن موارد الدولة لا تمكننا من ذلك.. وعلى المصريين أن يفهموا هذا الكلام جيداً، ويعلمون حقيقة الوضع الذى تعيشه بلدهم.. وإحنا من جانبنا لن نضيع المصريين"، حسب تعبيره.
وعن الزيادة الجديدة في أسعار الكهرباء للمنازل بنسب وصلت إلى 70%، اعتباراً من فاتورة يوليو/تموز المقبل، ادعى السيسي أن الكيلو وات من الكهرباء يكلف الدولة نحو 1.40 جنيه، والشريحة الأولى (تستهلك أقل من 50 كيلو وات شهرياً) تكلف الدولة 70 جنيهاً، مطالباً جميع أبناء الشعب المصري بألا يعطوا ظهورهم لبلدهم، والوقوف إلى جانبها في مواجهة التحديات الحالية.
وقال أيضاً: "أنا لم أعط ظهري لهذه التحديات، وكان من الممكن تأجيل الإصلاحيات الاقتصادية الحالية إلى من يأتي بعدي، ولكني سأحاسب أمام الله"، متابعاً "المشكلات والتحديات التي تواجه الدولة المصرية حالياً ليست وليدة تلك الفترة، ولكنها منذ أكثر من 50 عاماً.. وكان من الممكن احتواؤها في البداية، لو تمت الإصلاحات في العام 1977"، في تلميح منه إلى قرارات الرئيس الراحل، أنور السادات، بشأن رفع الأسعار، وتراجعه عنها نتيجة هبة شعبية.
وتحدث السيسي كعادته عن دور الإعلام في دعم نظامه، مشدداً على أهمية الكلمة التي تنشر وتقال في وسائل الإعلام للمواطنين حول الدعم الذي تقدمه الدولة في كافة الخدمات، وأيضاً على أهمية دور المثقفين والسياسيين في تشكيل "الوعي المجتمعي" لما يتم توصيفه للمواطنين، مستطرداً "ياريت ماحدش يعبث بمستقبل وأمن بلد فيها 100 مليون مواطن.. وكل واحد يخلي باله من كلامه علشان تشكيل الوعي بتاع الناس".
وأشار كذلك إلى أن حكومة شريف إسماعيل التي قدمت استقالتها "تعبت وتعذبت خلال عملها في السنوات الماضية"، مواصلاً "أوعوا تكونوا فاكرين المسؤولين بيقضوا وقت جميل في مناصبهم، لأ دول بيتعذبوا.. وربنا حفظ مصر مرتين في 2011 و2013، والظروف التي تمر بها تحتاج إلى تكاتف وتحمل الجميع.. وأنا ممكن ما أكلش، وما أشربش، وماحدش يجاملني.. قسماً بالله ممكن أمشي 10 كيلوات، وماركبش مع حد عربيته".
ونوه السيسي إلى قيمة تكلفة المعاشات ستتجاوز حوالي 300 مليار جنيه بحلول العام 2023، كما أن خدمة الدين تجاوزت هذا العام 540 مليار جنيه، وهو ما يزيد الأعباء على الدولة، مدعياً أن نظامه استطاع توفير ثلاثة ملايين فرصة عمل خلال الأربع سنوات الماضية، من خلال تنفيذ المشروعات القومية بمختلف المحافظات.
وحذر السيسي من معدلات الزيادة السكانية، بقوله: "يجب مراعاة الظروف التي تمر بها مصر، ويعني كل أسرة يبقى عندها طفل في الأول، وبعد 3 أو 4 سنوات يجبب طفل ثاني.. وإلا مايسألش مصر، هأياكلهم منين!"، داعياً في نهاية حديثه المواطنين الذين عليهم مستحقات ضريبية للدولة بضرورة الالتزام بسدادها، وذلك مراعاة للظروف الاقتصادية الحالية.