تواصل الجدل في تونس حول دستورية "وثيقة قرطاج 2"

26 مايو 2018
وجهت انتقادات للسبسي بسبب "وثيقة قرطاج 2"(Getty)
+ الخط -
يتواصل الجدل في تونس حول دستورية "وثيقة قرطاج 2" ومآلاتها. ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الوثيقة لها سلطة سياسية معنوية وشبيهة بالحوار الوطني الذي أخرج تونس من أزمتها في 2013، وبالتالي يمكن من خلالها طرح تغيير رئيس الحكومة وانتقاد حكومته، يرى آخرون أن طرح مسألة التحوير الحكومي (التعديل الوزاري) ليس من ضمن صلاحيات "وثيقة قرطاج 2"، بل يعود القرار إلى مجلس نواب الشعب، معتبرين أن ما يحصل بمثابة سطو من قبل رئاسة الجمهورية على صلاحيات البرلمان وتجاوز صلاحياتها.

وفي ظل هذه التطورات، بادر عدد من نواب مجلس نواب الشعب إلى التوقيع على عريضة ضد "وثيقة قرطاج 2" ومخرجاتها، معتبرين أنّها "تجاهلت دور مجلس نواب الشعب كمؤسسة تشريعية ودستورية وقامت بتغييبه".

ويرى الموقعون على العريضة أن إقالة رئيس الحكومة أو استقالته تكون ''ضمن ما نص عليه الدستور فقط وليس بما يحدث الآن في قصر قرطاج".



وفي السياق، قال النائب عن حركة "مشروع تونس"، حسونة الناصفي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تغيير الحكومات يأتي عبر مؤسسات الدولة الشرعية، أي مجلس نواب الشعب، ولا يمكن فكها بالقوة عبر أي مسار آخر، فالمجلس هو المؤهل الوحيد دستورياً لسحب الثقة من أي عضو من أعضاء الحكومة".

اعتبر الناصفي أنّ "ما يحصل حالياً في "وثيقة قرطاج 2" غريب ولا يمكن أن ينسجم مع الديمقراطية"، لافتاً إلى أنّ "الأحزاب المتحملة أعباء الحكم في تونس هي التي تتحمل حصيلة النتائج الموجودة".


وأشار إلى أنّ "الشعور السائد اليوم هو أن مسار "وثيقة قرطاج" ككل أصبح الهدف منه تحوير الحكومة وتغيير رئيسها دون التركيز على مسائل أخرى أهم وهي الإصلاحات الكبرى"، معتبراً أنّ ""وثيقة قرطاج 2" بحسب المفاوضيين باستثناء حزبين كبيرين النهضة ونداء تونس، ليست لها الشرعية الدستورية والقانونية للحسم في موضوع التحوير الوزاري وتغيير رئيس الحكومة".

وتابع أن "الفشل يرجع للحزبين اللذين تحملا أعباء الحكم منذ 2014، وكان أولى بهما أن يقيما نفسيهما"، معتبراً أنّ الذهاب إلى ""وثيقة قرطاج 2" هو محاولة للتغطية على الفشل، وأن البحث عن أسباب للفشل وتحميله للحكومات المتعاقبة يعتبر تهرباً من المسؤولية وقد بدأ ذلك منذ "وثيقة قرطاج 1"".

من جهة ثانية، قال المكلف بالشؤون السياسية في "نداء تونس"، برهان بسيس في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ ""وثيقة قرطاج 2" ليست اكتشافاً جديداً ليعتبر بعض النواب، أنه ليس من صلاحياتها المطالبة بتغيير رئيس الحكومة، وهذه الدعوات هي من قبيل المناورة السياسية".

وأضاف بسيس، أنه "لم يسمع أي صوت من هذه الأصوات عندما بدأت "وثيقة قرطاج 2" في العمل، وأفرزت حكومة الوحدة الوطنية، وعندما تم طرح تغيير رئيس الحكومة، أصبح البعض يشكك في شرعيتها السياسية رغم أنها لم تدّعِ يوماً أنها تملك الشرعية القانونية والدستورية، مبيناً أنّ "شرعيتها أخلاقية وسياسية وفي المحطات الفاصلة في 2011، فإن الأطر التي تحركت آنذاك لعبت دوراً أساسياً في الاستقرار أكثر من تلك التي تملك شرعية دستورية".

وذكر أنه "في 2013، عندما شارفت تونس على أزمة سياسية خانقة لم يكن الحل في المجلس التأسيسي بل في إطار رمزي اسمه الحوار الوطني الذي أنقذ البلاد".

وحول الانتقادات الموجهة لـ"نداء تونس"، باعتباره حزباً حاكماً اختار الحكومة ويطالب الآن بتغييرها؛ قال بسيس "النداء لم يختر لوحده الحكومة، بل كان ضمن وثيقة قرطاج الأولى، التي شارك فيها طيف واسع من الأحزاب، ممكن شكلوا حكومة الوحدة الوطنية، وبالتالي يوسف الشاهد، أتت به وثيقة قرطاج الأولى".

وأضاف أنّ "من يقدم النداء على أساس أنه اتخذ موقفاً غريباً وانقلب على حكومته غير صحيح"، موضحاً أن "الحزب يتعامل مع حكومة وحدة وطنية بالأساس، وهو مكون من مكوناتها، ويملك الحق في تقييم نتائجها وانتقادها والمطالبة بتغيير رئيس الحكومة".



كذلك ردّ رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، في افتتاح اجتماع الموقّعين على وثيقة قرطاج، أمس الجمعة، على الانتقادات الموجهة للرئاسة كونها سطت على صلاحيات البرلمان، قائلاً إنّه "يحترم الدستور ومن واجبه فرض أحكام الدستور وهو ليس بحاجة لأخذ دروس من أي شخص كان".

وتابع أنّه "في ظل التأويلات والتأويلات معاكسة، فإنّه لا بد من التوضيح أن لديه سلطة أصلية لأنه منتخب من الشعب، ووفق الدستور الذي ينص على مدنية الدولة وليس على مرجعيات أخرى".