تنسيق استخباراتي متطور بين مصر وفرنسا بشأن ليبيا

25 ابريل 2018
تطور التنسيق بعد زيارة السيسي إلى باريس(فيليب لوبز/فرانس برس)
+ الخط -
تكثّف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المصرية والفرنسية التعاون في مجال مراقبة الأوضاع في ليبيا ميدانياً وسياسياً، بالتزامن مع الاستعداد لزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة خلال النصف الأول من شهر مايو/ أيار المقبل. ومن المنتظر أن تتطرق الزيارة بشكل أساسي إلى الأوضاع الليبية في ظل غموض الحالة الصحية لقائد قوات برلمان طبرق الليبي خليفة حفتر الموجود في أحد مستشفيات باريس، والصراع الدائر بين الشخصيات الطامحة لخلافته، والمباحثات القائمة لتعديل اتفاق الصخيرات السياسي.

وكشفت مصادر أمنية مصرية أن التنسيق المصري - الفرنسي حول الأوضاع في ليبيا تطور بشكل واضح بعد زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى باريس في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، على خلفية اتفاق بين الطرفين على دعم حفتر بعد الأزمة بينه وبين إيطاليا الصيف الماضي، بعدما عملت روما على تحجيم تحركات مليشياته في اتجاه سرت، التي كانت تسيطر عليها في ذلك الوقت مليشيات موالية لرئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج.

وأضافت المصادر أن التنسيق المصري - الفرنسي يهدف في الأساس لرصد وتتبّع حركة "الجماعات التكفيرية والإرهابية" عبر الدروب الصحراوية بين ليبيا وتشاد من جهة، وبين ليبيا ومصر من جهة أخرى، وأن هذا التنسيق أسفر خلال الشهرين الماضيين عن تدمير العديد من الدروب التي كانت تُستخدم بكثافة من قبل جماعات صغيرة غير مركزية تابعة لتنظيمي "داعش" و"القاعدة" بالتنقل من معسكرات صغيرة جنوب غرب ليبيا، متمركزة بشكل أساسي في واحات مأهولة بالسكان المحليين.
كما كشف التنسيق، بحسب المصادر، عن ضلوع مليشيات تابعة لبعض المجموعات السياسية الليبية في تسهيل تهريب الأسلحة من الصحراء الغربية المصرية وإليها، وتسهيل تهريب المخدرات بأنواعها والسيارات المصفحة عبر الحدود الدولية، بهدف تحقيق أرباح مالية، من دون أن تتورط في المساندة الفعلية لـ"المجموعات التكفيرية" أو المشاركة في العمليات الإرهابية.

وأشارت المصادر إلى أن التعاون الاستخباراتي بين القاهرة وباريس يشمل أيضاً إرسال معلومات عن طبيعة معسكرات التدريبات الخاصة بـ"التنظيمات التكفيرية"، الأمر الذي تهتم به فرنسا باضطراد، نظراً لوجود دلائل على تلقي "العناصر التكفيرية" المضبوطة لديها تدريبات في بعض تلك المعسكرات، الأمر الذي تستطيع فرنسا من خلال وسائط التجسس الحديثة رصده، لكن من دون معرفة طبيعة ما يحدث داخل تلك المعسكرات، وهو الأمر الذي يُتاح للأجهزة المصرية نتيجة توسعها في القبض على مئات المصريين العائدين من تلك المعسكرات، سواء كانوا راغبين في اعتزال الحرب، أو كجزء من عمليات مخططة لاستهداف الداخل المصري.


وفسّرت مصادر دبلوماسية مصرية تطور التنسيق الاستخباراتي بين البلدين على أنه "ضرورة لكل منهما لمواكبة تطور الأوضاع الميدانية في ليبيا"، مشيرة إلى وجود تنسيق أيضاً بين مصر وإيطاليا لكنه لا يركز بشكل أساسي على تتبّع مسارات "التنظيمات التكفيرية"، بل عصابات وأنشطة الهجرة غير الشرعية. ولفتت إلى أن التقدّم في ملف التنسيق الاستخباراتي يسير بالتوازي مع تطوير التعاون العسكري وشراء مصر مزيداً من الأسلحة الفرنسية في المستقبل، والتي من بينها توريد 12 طائرة "رافال" جديدة إلى مصر، وفق التفاهم المنصوص عليه في الاتفاق الأول الذي تضمّن 24 طائرة عام 2015، على الرغم من وجود متطلبات برلمانية فرنسية، يعمل مسؤولون فرنسيون على استيفائها في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان تحديداً.

وأكدت المصادر أن تطور التعاون في تلك الملفات يمنع حدوث صدام بين مصر وفرنسا بشأن سورية، على الرغم من اختلاف المواقف من استمرار نظام بشار الأسد والوجود الروسي المؤيد له، الأمر الذي انعكس على لهجة البيانات الرسمية الصادرة من البلدين بشأن الاتصال الأخير الذي دار بين ماكرون والسيسي بعد الضربة الثلاثية للأسد. فقد كرر السيسي مطالبته بالكف عن توجيه ضربات للنظام السوري، وفي الوقت نفسه طالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية في المعلومات عن استخدام الأسد أسلحة كيميائية ضد المدنيين.

وكان نصيب فرنسا من الأموال المصرية منذ تولي السيسي الرئاسة 950 مليون يورو، مقابل شراء حاملتي مروحيات من طراز "ميسترال"، والمحتمل حالياً أن يتم تأجير واحدة منهما على الأقل لروسيا، خصوصاً بعدما امتنعت باريس عن بيعهما لموسكو مقابل 900 مليون يورو فقط لأسباب سياسية. كما اشترى السيسي من باريس 24 طائرة مقاتلة من طراز "رافال" مقابل 5.2 مليارات يورو في ظل تراجع الطلب العالمي عليها.
وتتجه مصر لمنح فرنسا 4 عقود في مجال توليد الطاقة لإنشاء محطتين لتوليد الطاقة الشمسية ومحطتين أخريين صغيرتين لتوليد الطاقة الكهربائية في الصعيد، وذلك مقابل منحة فرنسية لا تُرد كتمويل للدعم الفني لإنشاء المشاريع الأربعة، وتدريب الفنيين المصريين، علماً أن المشاريع ستضمن حصول الشركتين الفرنسيتين على ربح يتخطى 60 في المائة من إجمالي حصيلة الكهرباء المولدة والمباعة على مدار 25 عاماً.