أحمد منصور ونبيل رجب.. الحرية بالشمع الأحمر

31 ديسمبر 2018
تلقى منصور قبل اعتقاله تهديدات بالقتل من السلطات الإماراتية(تويتر)
+ الخط -
يبدو أن هناك تنسيقا بين أبو ظبي والمنامة، على عدم تمرير سنة 2018 من دون فضيحة مدوية وانتهاك صارخ لحق حرية التعبير؛ فقد أيدت، اليوم الإثنين، المحكمة في الإمارات الحكم الذي صدر في يونيو/ حزيران الماضي بالسجن عشر سنوات على الناشط والشاعر الإماراتي أحمد منصور، وتناغمت معها المحكمة في البحرين بتأييد الحكم بالسجن خمس سنوات على الحقوقي والناشط نبيل رجب الذي صدر في فبراير/ شباط الماضي.

يحمل التوقيت استفزازا مع سبق الإصرار، ويعكس الروحية العامة لسلطات الحكم في هذين البلدين، ونظرتهما لحقوق الإنسان وحرية التعبير والنضال السلمي بالكلمة.

ليس هذا استخفافا بالعدالة، كما جاء في بيان منظمة "العفو الدولية" الخاص بنبيل رجب، بل هو احتقار للعدل والعدالة من طرف بلدين يقدمان نفسيهما على أنهما دعاة انفتاح واعتدال ومحاربة التطرف. ولا يمكن أن تستوي الإعلانات البراقة عن التسامح التي شكلت لها الإمارات وزارة، مع اعتقال وسجن الناشطين الذين لا تخرج تحركاتهم عن حدود التغريد على "تويتر"، أو النقد عبر ملاحظات "فيسبوكية" والمشاركة في توقيع بيانات تضامنية.

لم يسبق لنبيل رجب أن دعا أو انخرط في نشاط حزبي أو سياسي يتبنى مناهضة النظام في البحرين. وكل ما هو معروف عنه أنه ناشط حقوقي لا أكثر، حتى أنه لم ينخرط بصورة مباشرة في الحراك الذي عرفته البحرين في عام 2011، وتحركت السعودية لإجهاضه، وكان يغلب على نشاطات رجب الطابع الحقوقي، ولهذا السبب تم اعتقاله عدة مرات، وكان آخرها في فبراير/ شباط الماضي، حيث حكمت عليه المحكمة بالسجن خمس سنوات بتهمة نشر "أخبار كاذبة والحط من هيبة الدولة".

سيرة نبيل رجب المعروفة تقول إنه رئيس "مركز البحرين لحقوق الإنسان"، المدير المؤسس لـ"مركز الخليج لحقوق الإنسان"، ونائب الأمين العام للفدرالية الدولية لحقوق الإنسان وعضو المجلس الاستشاري لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمنظمة "هيومان رايتس ووتش". وإذا كانت حكومة البحرين نفسها تعرف ذلك، فهل تستدعي تغريدة واحدة عقوبة السجن خمس سنوات، تحت ذريعة "الحط من هيبة الدولة"، على حد ما جاء في حيثيات الحكم الجائر؟

أما أحمد منصور فإن حكايته لا تبتعد كثيراً عن حكاية نبيل رجب، فهو لم يكن قد شارك بصورة فعالة في أي نشاط قانوني، وكان على صلة بهيئات إعلامية مثل "مراسلون بلا حدود"، وتواصل معها في العقد الماضي بصورة علنية، وكان يصدر بيانات يتحدث فيها عن التضييق على الحريات الإعلامية وحقوق الإنسان.

كان منصور موظفا في شركة "الثريا" للاتصالات الهاتفية كمهندس إلكتروني، ولم يكن يحسب أن نشاطه الحقوقي يمكن أن يثير رد فعل عنيفا من طرف السلطات التي أزعجها قيام مواطن

بممارسة حق النقد الذي اعتبرته سلطات أبو ظبي جريمة "تشهير بالإمارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي". وكانت السلطات الإماراتية وضعت منصور تحت المراقبة الإلكترونية منذ عام 2011، بعد توقيفه على خلفية دعواته للإصلاح في البلاد في خضم موجة الربيع العربي. وظل معتقلا في زنزانة انفرادية، وتشير منظمة "العفو الدولية" إلى أنه تعرض لاعتداءات جسدية وتلقى تهديدات بالقتل. وبحسب المنظمة نفسها، فإن منصور قبل اعتقاله تعرض لحملة ترهيب وتحرش واعتداءات جسدية، وتلقى تهديدات بالقتل من السلطات الإماراتية ومن أنصارها.
وتشكل حالة منصور في الإمارات نموذجا صارخا عن رد الفعل الرسمي تجاه ممارسة حق النقد، وهناك إصرار رسمي على الملاحقة والتعذيب والمنع من العمل والسجن.

يشكل قرار المنامة وأبو ظبي في آخر يوم في السنة ختماً للحرية بالشمع الأحمر، وإمعاناً في القسوة تجاه الناشطين في ميادين حرية التعبير والدفاع عن حقوق الإنسان، وتكريساً للنفاق والزيف في هذين البلدين، خلافاً للديموقراطية والليبرالية والاعتدال ومحاربة التطرف.

المساهمون