البوصلة نحو صواريخ إيران

04 ديسمبر 2018
تستمر الخلافات بشأن ملف الصواريخ الإيرانية (عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -
عاد التراشق السياسي حول البرنامج الصاروخي الإيراني إلى الواجهة مجدداً، بعدما تحدث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن إجراء إيران تجربة لصاروخ بالستي، معتبراً أن هذه الاختبارات العسكرية تنتهك القرار 2231، وهو ذاته الخاص بصك الاتفاق النووي.
لم تتردد إيران في رفض ما وصفته بالاتهامات الأميركية غير المنطقية، مستندة بذلك لنص القرار الأممي نفسه، فهو الذي يمنع إيران من امتلاك صواريخ بالستية قابلة لحمل رؤوس نووية، والحصول على تكنولوجيا التصنيع والمعدات التي تكون أحياناً ذات أغراض متعددة لا عسكرية وحسب. وركز مسؤولوها في الجهاز الدبلوماسي المتمثل بالخارجية، دون تأكيد أو نفي إجراء تجربة صاروخية جديدة، على مسألة الاعتقاد الأميركي بأن تلك الصواريخ تنتهك القرار ذاته الذي داست عليه واشنطن فانسحبت من الاتفاق وأعادت فرض العقوبات.
وتكررت التأكيدات العسكرية والسياسية حول مسألة أن الصواريخ دفاعية وتهدف لرفع قوة الردع، ولا يحق لأي طرف خارجي التدخل بها. وفي تغريدة على تويتر، اعتبر وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن أميركا هي التي تخرق هذا القرار وتهدد الآخرين ممن لا يريدون تطبيق عقوباتها على إيران، وتتهم بلاده بانتهاك الاتفاق في المقابل. وفي تغريدة ثانية، اعتبر ظريف أن الولايات المتحدة تلعب دوراً تخريبياً في الإقليم، متهماً إياها بتسليح السعودية والإمارات ودعم الإرهاب.
هذه القاعدة التي تنطلق منها تصريحات الأخذ والرد والتي تستند لمعادلتي الأمن القومي والإقليمي، تعود بقوة في الوقت الراهن، ما يعني محاولة لإعادة توجيه البوصلة نحو إيران باستخدام ملف الصواريخ نفسه، الذي تنتقده أطراف أوروبية عديدة، بعضها لا يزال يتباحث مع طهران على طاولة واحدة للحفاظ على الاتفاق النووي.
في فبراير/ شباط العام الماضي، تحول ملف صواريخ إيران البالستية لعقبة إضافية تهدد اتفاقها النووي، وهو أساساً ما عطل التوصل للاتفاق لسنوات، حينها اعترف وزير الدفاع الأسبق حسين دهقان متأخراً بإجراء تجربة جديدة على صاروخ بالستي متوسط المدى، بعد نقل الملف لطاولة مجلس الأمن بطلب أميركي. صحيح أن إدارة الرئيس دونالد ترامب لم تحقق ما تريده طيلة الأشهر الماضية، بسبب سلوك هذا الأخير إلى جانب الأخطاء السعوديّة، لكن هذين الطرفين يحاولان معاً تضييق الخناق على طهران من بوابة بعيدة عن النووي والعقوبات، ويريدان إعادة التركيز على الصواريخ. وتصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس الذي قال أخيراً إن أمن الشرق الأوسط بات مبعث قلق وسط الأزمة التي أوجدتها قضية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، تؤشر كذلك لمحاولة إعادة توجيه الأسهم نحو إيران التي ستتعرض لضغوط جديدة.

المساهمون