وحسب البيان الختامي للمؤتمر، فقد أكد الوزراء "احترام الاتفاق السياسي في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، باعتباره إطاراً لحل الأزمة الليبية والدفع نحو تطبيقه بواسطة الليبيين أنفسهم، على أساس التمسك بالخيار السياسي وتشجيع الحوار بين الليبيين أنفسهم، مع إيلاء موضوع الجنوب أهمية قصوى والدعوة إلى تكثيف التنسيق الفعلي بين دول الإقليم في إطار محاربة الإرهاب والعنف والأنشطة الإجرامية".
وجدد البيان، مساندة وزراء الخارجية للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المنبثقة عن الاتفاق السياسي، مرحبين بكل مبادرات تحقيق الوحدة الوطنية وإيجاد مخرج للأزمة الليبية، بما في ذلك جهود توحيد المؤسسة العسكرية.
كما جدد الوزراء، التزامهم بدعم ليبيا ومساندتها في إطار انتقال سياسي سلمي يستند على تطبيق توافقي للاتفاق السياسي، الذي يرمي إلى التوصل إلى مصالحة وطنية وإقامة مؤسسات وطنية موحدة وقوية ذات مصداقية لكافة الليبيين.
واتفق الوزراء على عقد الاجتماع الوزاري القادم، في مدة أقصاها 6 أشهر في أي من دول الجوار بالتشاور.
وحول التقاطعات ما بين مبادرات دول الجوار الليبي والمبادرات الغربية، قال الدرديري محمد أحمد، في تصريحات صحافية أعقبت المؤتمر، إن "الجهود الفرنسية والألمانية والإيطالية، تهدف لجمع شمل الليبيين، وأنها تأتي في إطارعلاقات تلك الدول المتوسطية مع ليبيا، وأنه من حق الليبيين تقييم تلك المبادرات والإفادة منها".
وأشار الوزير، إلى أن دول الجوار الليبي "غير معنية بلم شمل الليبيين، بعدما بادرت بذلك فرنسا وإيطاليا، بقدر ما تسعى مبادرة الجوار لجمع شمل دولها، للتصدي للمهددات الحقيقية التي تواجهها، نتيجة الأوضاع المضطربة في الجنوب الليبي".
وأوضح أن دول جوار ليبيا، "كانت تعمل في محورين، الأول ثلاثي في محور الشمال ومحور رباعي خاص بدول الجنوب"، منوهاً إلى أن اجتماع الخرطوم "يؤذن بلم شمل المحورين في محور واحد، يدعم في نفس الوقت الجهود التي يبذلها المبعوث الأممي، غسان سلامة التي تمضي نحو قيام مؤتمر حول ليبيا".
وقبل ذلك، قال الوزير السوداني في كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن الخرطوم "تتطلع لقيام دول الإقليم والاتحاد الأفريقي بدور إيجابي في رفد هذه الجهود لإحلال السلام في ليبيا"، معرباً عن أمله "أن يساهم التنسيق والعمليات الأمنية المشتركة على الحدود الليبية، في إزالة خطر وجود بعض المجموعات المسلحة الوافدة إلى الجنوب الليبي، التي حولت ذلك الجزء من ليبيا لساحة معارك بديلة".وأوضح أن بلاده اختارت هذا التوقيت لاستضافة الاجتماع، اعتبارا لما سماها الرياح المواتية التي بدأت تهبّ في المنطقة، مستشهدا باستئناف العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا، وبالاتفاق الذي تم بين أفرقاء الأزمة في جنوب السودان.
وشدد الوزير السوداني على "أهمية التعاون بين دول الإقليم نتيجة المصير المشترك، ومواجهة أخطار وتحديات الحركات الأفريقية المسلحة المتمركزة في ليبيا، والإرهاب والجرائم المنظمة والعابرة للحدود".
وتوقع الوزير، أن يتوصل اجتماع الخرطوم إلى "توافق يساعد الأطراف الليبية، في إحراز مزيد من التقدم في سبيل تحقيق تسويات وتفاهمات سياسية ومجتمعية، تكفل لليبيا العودة إلى مكانها الطبيعي والرائد بين دول المنطقة والقارّة الأفريقية والعالم العربي"، وأكد أن الأمر معقود على الليبيين أنفسهم لتحقيق الأهداف المرجوة.
من جانبه، حذر غسان سلامة، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، من "تسلل متطرفين من دولة النيجر مؤخرا، إلى الجنوب الغربي من ليبيا"، محملا إياهم مسؤولية "عمليتين إرهابيتين" وقعتا في جنوب ليبيا.
وقال سلامة إن الأمم المتحدة، "تتفهم قلق دول من نشاط الحركات الإرهابية في ليبيا وانتشار حركات مسلحة، فضلا عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المزرية"، داعيا لـ"وقف القتال وحماية المدنيين، وتعزيز وحدة المؤسسات الليبية".
مؤتمر جامع
من جانبها، اقترحت أميرة الفاضل، ممثلة الاتحاد الأفريقي إلى ليبيا، تنظيم مؤتمر جامع للسلام والمصالحة في ليبيا، يصل إلى "تشكيل حكومة انتقالية جديدة وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية، بعيدا عن الإقصاء، وبمراقبة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي".
ويأتي اجتماع الخرطوم استكمالا للاجتماعات الوزارية المتعاقبة لآلية دول جوار ليبيا، التي تُعقد بشكل دوري وبالتناوب بين عواصم تلك الدول.
وترأس الاجتماع وزير الخارجية السوداني الدكتور الدرديري محمد أحمد، بمشاركة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، ووزير الخارجية بحكومة الوفاق الليبية محمد الطاهر سيالة، وممثل أمين عام جامعة الدول العربية السفير صلاح الدين الجمالي، ووزير الخارجية المصري سامح شكري ومبعوثي الاتحاد الأفريقي مفوضة الشؤون الاجتماعية أميرة الفاضل، ومساعد مفوض الأمن والسلم الأفريقي للشؤون السياسية ومستشار رئيس الاتحاد للشؤون الاستراتيجية محمد الحسن اللباد، والمبعوث الفرنسي إلى ليبيا فريدريك ديسانيو، وممثل إيطاليا فابريزيو لوباسو سفيرها بالخرطوم.
وشارك كذلك صبري باش طبجي، كاتب الدولة للشؤون الخارجية التونسية، ونعمون عبد المجيد، رئيس ديوان وزير الشؤون الخارجية الجزائرية، وصالح حامد هقيرا، سفير تشاد بالخرطوم، وأقادا قاردا، القنصل العام للنيجر بالخرطوم.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار أحمد حافظ، إن اجتماع الخرطوم يهدف لدفع جهود التسوية السياسية في ليبيا، ومناقشة انعكاسات الأوضاع فيها على الأمن الإقليمي، وقضايا الإرهاب وتهريب البشر والجريمة العابرة للحدود.
وكان وزيرا الدفاع المصري محمد زكي والسوداني أحمد عوض بن عوف، قد وقّعا منذ أيام قليلة اتفاقيات أمنية، جاء من بينها تسيير دوريات مشتركة بطول المنطقة الحدودية بين البلدين، وكذلك منطقة المثلث الحدودي المشترك بين مصر وليبيا والسودان، لمواجهة الأنشطة الإرهابية في تلك المنطقة، وكذلك الهجرة غير الشرعية.
وبحسب مصادر مصرية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الحديث في اللقاء المشترك الذي جمع الوزيرين منتصف الأسبوع في الخرطوم، "تناول ضرورة أداء السودان دورا أوسع في منع انتقال السلاح لمجموعات ومليشيات مسلحة تنشط في الأراضي الليبية، وتؤدي دورا في زعزعة الاستقرار وضرب الجهود الرامية للتوصل لحل للأزمة".
كما أشارت المصادر، إلى أنه "جرى الاتفاق خلال اللقاء على توثيق التعاون الأمني والاستخباراتي ونشْر ضباط اتصال في منطقتي وادي حلفا وأسوان، لمراقبة التجاوزات التي تحدث في الحدود".
ولفتت المصادر، إلى أن "هناك استيعابا مشتركا بين الجانبين على أن تلك المنطقة تشهد تحركات وإيقاعات سريعة، وأن الأمن الوطني لمصر والسودان لا بد أن يكون مشتركا والتنسيق مستمرا".
وأوضحت أن الطرفين "اتفقا أيضا على إقامة مشروعات مشتركة للقوات الرئيسية في البلدين، وتوسيع الدورات التدريبية للضباط وضباط الصف، وزيادة عدد الفرص في المعاهد العسكرية السودانية والمصرية".
وأكدت أن اللقاء "لم يقتصر على مسألة تأمين المنطقة الحدودية فقط؛ ولكن تطرّق لقضايا إقليمية في مقدمتها مسألة تشكيل قوة عسكرية خاصة بتأمين منطقة البحر الأحمر".