يعقد مجلس الأمن الدولي، اليوم الثلاثاء، جلسة خاصة حول تطورات الأزمة اليمنية، عقب الجولة الأخيرة التي قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في دول عدة في المنطقة، وفي ظل جمود يرافق الجهود الأممية لاستئناف مشاورات السلام منذ أشهر، وبعد تطورات محورية شهدتها البلاد حديثاً، وتحديداً في المحافظات الجنوبية.
وقالت مصادر سياسية يمنية، لـ"العربي الجديد"، إن الجلسة المقرر أن تنعقد اليوم، على درجة من الأهمية، تتمثل في كونها ستحدد إمكانية قدرة مجلس الأمن على اتخاذ خطوات لإحياء عملية السلام الهشة، مع التدهور المستمر للأوضاع الإنسانية، التي دفعت المنظمات الدولية لتكثيف ضغوطها على مجلس الأمن لاتخاذ ما من شأنه أن يضع حداً للأزمة في البلاد. وفيما تتجه الأنظار إلى الحادثة المثيرة، المتعلقة بتعرض موكب المبعوث الأممي لإطلاق نار لدى وصوله إلى صنعاء، استبق شريكا الانقلاب في صنعاء، الممثلين بجماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر، الذي يترأسه علي عبدالله صالح، الجلسة بتوجيه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، وإلى مجلس الأمن، تتضمن شرحاً لمواضيع متعلقة، منها الزيارة الأخيرة للمبعوث الأممي إلى صنعاء.
وكشف وزير الخارجية في حكومة الانقلابيين، هشام شرف، في لقاء عقده مع المنسق الأممي في اليمن، جيمي ماكغولدريك، أول من أمس، عن لقاء موسع عُقد في 23 مايو/ أيار الحالي في صنعاء، بين ولد الشيخ أحمد ومسؤولين من حكومة الانقلابيين، أبرزهم رئيس الحكومة، عبد العزيز بن حبتور، وأعضاء في حكومته، وهو اللقاء الذي لم يكن معلناً في حينه، إذ كان المبعوث الأممي زار صنعاء لثلاثة أيام. وأعلن الحوثيون أن اللقاء به مشروط بحل أزمة المرتبات، إلا أن الواضح أنه التقى مسؤولين في الحكومة التي يحرص شريكا الانقلاب على أن تكون الإطار الذي يمثلهم. وأشارت تقارير إلى أن جلسة الثلاثاء تتضمن شقاً سياسياً، إذ سيدلي ولد الشيخ بإفادة حول التطورات في البلاد وموقف الأطراف من الجهود التي يقودها لحل سلمي، على ضوء الجولة الأخيرة التي قام بها إلى المنطقة، وشملت السعودية وقطر، بالإضافة إلى العاصمة اليمنية صنعاء، والواقعة تحت سيطرة الحوثيين وأتباع صالح. ومن المتوقع أن تتطرق الجلسة، في السياق، إلى موقف الحوثيين، الذي وجه انتقادات شديدة إلى الأمم المتحدة ودورها، بالإضافة إلى حادثة استهداف موكب المبعوث الأممي لدى وصوله لصنعاء. وكان موكب ولد الشيخ تعرض، في 22 مايو الحالي، إلى إطلاق نار من أوساط متظاهرين موالين للانقلابيين منعوا مرور موكبه أمام المطار. وفيما نفت السلطات الأمنية الموالية للحوثيين بصنعاء لاحقاً الحادثة، مشيرة إلى أن قوات الأمن أطلقت النار في الهواء، أكد المبعوث الأممي، في بيان، الحادثة، معرباً عن قلقه إزاءها. كما أكدها حزب المؤتمر، الذي يترأسه صالح، عبر بيان مقتضب، على موقعه بعد يومين من الحادثة، وأعرب فيه عن إدانته لها.
في الشق الإنساني، من المقرر أن يستمع مجلس الأمن إلى إفادة من رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، بالإضافة إلى إفادة من رئيسة منظمة "مواطنة" اليمنية لحقوق الإنسان، رضية المتوكل، والتي ستطلع المجلس، باسم منظمات المجتمع المدني، على طبيعة الأوضاع في البلاد ومطالبته بالقيام بدور لإنهاء الأزمة في البلاد. وبعثت 22 منظمة دولية ويمنية، بينها منظمة "مواطنة" التي ترأسها المتوكل، رسالة مشتركة إلى مجلس الأمن الدولي، تتضمن نداء إلى أعضاء مجلس الأمن يطالبهم بالعمل "من أجل تحقيق وقف فوري لإطلاق النار في اليمن، وإنهاء الأزمة الإنسانية، ودعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة الساعية للتوصل إلى حل سياسي شامل للصراع". واعتبرت أن على المجلس "بذل المزيد من الجهود من أجل حماية المدنيين من كوارث الكوليرا والجوع والهجمات العشوائية من قبل جميع أطراف الصراع". واقترحت المنظمات الحقوقية والإنسانية عدداً من الخطوات، منها "الإقرار بأن الأزمة في اليمن، والتي هي من صنع الإنسان، قد تفاقمت بشكل كبير، وأصبح أثرها هائلاً على المدنيين"، ومطالبة أطراف الصراع بتنفيذ التزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وأن "يضمن جميع أطراف الصراع الفاعلية والتشغيل الكامل للخط الحيوي المتمثل بميناء الحديدة"، والمطالبة بـ"إعادة فتح مطار صنعاء للرحلات التجارية، حتى يمكن إدخال المزيد من الإمدادات الإنسانية إلى البلد، وكي يتمكن الأشخاص، الذين يحتاجون إلى رعاية طبية، من المغادرة". ودعت إلى "خطة لاستئناف عمل وتشغيل البنك المركزي، وبالتالي تمكين دفع مرتبات القطاع العام، وكذلك صرف التحويلات النقدية للرعاية الاجتماعية".
الجدير ذكره، أن الجلسة المقرر أن تعقد الثلاثاء، تعد الأولى بعد التطورات الأخيرة التي شهدها جنوب اليمن، إذ تم الإعلان عن قيام "المجلس الانتقالي الجنوبي"، برئاسة محافظ عدن السابق، عيدروس الزبيدي. ويسعى المجلس لتأسيس كيان منفصل لجنوب اليمن، وهو التطور المتوقع أن يكون له تأثير على أي مقترحات سياسية أو جهود دولية للتسوية في البلاد، وفقاً لعناصر الصراع الجديدة التي برزت. ومع الرفض الذي يبديه شريكا الانقلاب في صنعاء، للجهود الأممية، مع احتمال تعرضهما لضغوط إضافية من مجلس الأمن، فإن الحكومة الشرعية، التي يدعمها التحالف العربي بقيادة السعودية، ليست في موقف أفضل، إذ إن من شأن التطورات جنوباً أن تساهم بإضعاف موقفها التفاوضي. وبالنظر إلى التصريحات الأممية والبيانات الصادرة عن المسؤولين الدوليين، فإنه من الواضح أن ميناء الحديدة (المرفأ الأول في البلاد)، والذي سبق أن أعلنت الحكومة الشرعية أنها تعد خطة عسكرية للسيطرة عليه، من أبرز مواضيع نقاشات مجلس الأمن، بالإضافة إلى التركيز على الوضع الإنساني ودعوة الأطراف للتعاون مع المبعوث الدولي للوصول إلى حل سياسي للأزمة في البلاد. ومنذ اختتام مشاورات السلام في الكويت، مطلع أغسطس/ آب 2016، دخلت الجهود التي ترعاها الأمم المتحدة في حالة من الجمود، على الرغم من مبادرة وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، التي أعلنت، خلال الأشهر الأخيرة قبل مغادرته منصبه. كما دخلت الجهود الأممية مرحلة أكثر جموداً منذ مجيء الإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة دونالد ترامب، وعقب فشل "خارطة الطريق" التي طرحتها الأمم المتحدة بنيل قبول الأطراف اليمنية أواخر العام الماضي.