تلعب ميريل ستريب دور معلمة موسيقى متعاونة، تعلّم الكمان لأطفال حيّ هارلم. تبدأ رحلة لا يتوقّع أحد نتائجها، إلى أن تتمكّن من تعليم مئات الأطفال وتغيير حياتهم وحياة أهاليهم. وفجأة ينزل قرار الإدارة الموقرة بإيقاف البرنامج التعليمي، لضيق الميزانية. ألا يُذكّركم هذا بشيء؟ ولكنها تقاوم وتصمد، هي والأهالي وفنانون مشهورون، وتتمكّن من تمويل البرنامج على مدى سنوات، وتواصل أنبل ما على وجه الأرض، نشر الحب والموسيقى في قلوب الأطفال، وإقناعهم بأن كل شيء ممكن وأن المستحيل غير موجود…
فيلم إذا تذكّرت نفسك وأنت تشاهده، تذرف دمعة، لأنك تشتهي أن يحدث هذا في بلدك، أن ترى الثقافة تنتشر وتصمد، وتجد من يدافع عنها وينتصر لها. تتمنى أن يخرج رئيسك أو وزيرك من قصره ليذهب إلى قسم في مدرسة نائية يسأل تلاميذها، هل تتعلمون الموسيقى؟ هي أحلام التونسيين وكل الشباب العربي الذي خرج يثور على الدنيا ويحلم بقلب ترتيبها وإعادة تشكيل الأشياء، ولذلك خرج فنانو تونس وشبابها يحملون آلاتهم الموسيقية ويملؤون الشوارع بهجة أيام الثورة، حتى راجت أغانيهم بين المعتصمين ودفّأتهم في تلك الليالي الباردة.
منذ أيام، كان وزير الثقافة التونسي محمد زين العابدين يقدّم موازنته للعام المقبل تقريباً أمام كراسٍ فارغة، غادر أصحابها إلى بيوتهم وكأن الأمر لا يعنيهم.
الشباب في تونس يحلم ويؤمن بثورة على طريقة ميريل ستريب، ترتقي فيها الثقافة والمعنى، وسينتظرون أن يتحقق ذلك ولن يتنازلوا باعتقادي. بقي أن يفهم مسؤولونا المنهمكون بمعاركهم الصغيرة هذا الأمر، وأن يذهبوا أولاً لمشاهدة فيلم قد يحرّك شيئًا فيهم.