بغداد تشدّد عقوباتها على أربيل.. والأمم المتحدة تنفي الوساطة

09 أكتوبر 2017
بغداد تعاقب كردستان ردّاً على استفتاء الانفصال(الأناضول)
+ الخط -
شدّدت السلطات العراقية في بغداد، اليوم الإثنين، عقوباتها المفروضة على إقليم كردستان، على خلفية استفتاء الانفصال الذي أجري في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، فيما جدّدت إصرارها على ملاحقة موظفي الإقليم، الذين نفذوا إجراءات الاستفتاء، وقررت نقل مقرات شركات الاتصالات والهواتف النقالة من الإقليم إلى بغداد.

وعقد مجلس الأمن الوطني العراقي، اليوم، اجتماعاً لبحث تطورات الأزمة برئاسة رئيس الوزراء، حيدر العبادي. وقرر المجلس متابعة رفع الدعاوى القضائية من قبل الادعاء العام لملاحقة موظفي الدولة، الذين أشرفوا على إجراءات الاستفتاء المخالف لقرارات المحكمة الاتحادية، مؤكداً وجود قائمة بالأسماء المتهمة تم إعدادها لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقها.


ولفت بيان، صادر عن مكتب العبادي، إلى أنّ "المجلس تابع الإجراءات التي تم اتخاذها من قبل فريق استرداد الأموال العراقية من حسابات إقليم كردستان، وحسابات المسؤولين في الإقليم ممن تودع أموال تصدير النفط في حساباتهم"، مبيناً أنّ مجلس الأمن الوطني قرر نقل شبكات الاتصالات للهواتف النقالة من إقليم كردستان إلى بغداد.


وتابع أنّ "المجلس طالب بإغلاق جميع المنافذ مع إيران وتركيا وإيقاف كل التعاملات التجارية لحين تسلم إدارتها من قبل الحكومة الاتحادية"، مشدّداً على ضرورة أنّ يتم التعامل في هذا الملف مع الحكومة الاتحادية حصراً.

في السياق نفسه، يبحث رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، تعزيز أمن محافظة كركوك بقوات إضافية من بغداد، لأجل السيطرة على الوضع الأمني فيها، في وقت دعا فيه مسؤولون في المحافظة إلى إبعادها عن الخلافات السياسية.

وقال مسؤول تركماني في كركوك، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الأمن في محافظة كركوك غير مستقر، وإنّ هناك جهات حزبية مرتبطة بالأحزاب الكردية تنتشر بشكل كبير في شوارع المحافظة، وتعمل وفق أجندات خاصة لها"، مبينا أنّ "هذه الجهات تستفز الأهالي من غير الكرد وتهدد أمنهم".

وأضاف أنّ "هذه الجهات لا يستبعد تنفيذها أعمال عنف ضدّ العرب والتركمان، خصوصا مع التشنج الحاصل بين تلك المكونات على خلفية الاستفتاء"، مبينا أنّ "مسؤولي ونواب المحافظة من التركمان والعرب قدموا طلبا إلى رئيس الحكومة حيدر العبادي بإرسال قوات أمنية عراقية لتعزيز الأمن في المحافظة في ظل ما تشهده من ظروف".

وأوضح أنّ "العبادي يدرس الطلب، ووعدنا بتأمين حمايتنا بأسرع وقت ممكن"، مرجحا أن "يرسل العبادي القوات خلال الأيام القليلة المقبلة لتتولى مهام تأمين محافظة كركوك وأهلها من أي جهة تعتدي عليهم".

من جهته، دعا رئيس تجمع عرب كركوك، إلى "إبعاد المحافظة عن أي خلاف وصراع بسبب الخلافات السياسية"، وقال الشيخ إسماعيل الحيدري، في تصريح صحافي، إنّ "محافظة كركوك تشهد حالة من عدم الاستقرار الأمني والخوف نتيجة التطورات السياسية والخلافات والصراعات التي يشهدها العراق بسبب الاستفتاء".

وأكد أنّ "كركوك تدفع ثمنا كبيرا وباهظاً منذ العام 2003، بسبب الخلاف بين بغداد وأربيل الذي تفاقم اليوم بشكل كبير"، داعيا الطرفين إلى "إبعاد المحافظة عن أي خلاف واحتدام".

وطالب جميع الفرقاء السياسيين بـ"الشروع بالحوار والتفاهم وإعادة الاستقرار واستثمار الانتصارات التي تحققت في بلدة الحويجة وقراها، لأجل الحفاظ على وحدة العراق وإعادة النازحين". وشدّد على "أهمية الحلول السياسية التي تحفظ أمن وسلامة العراق ووحدة أراضيه". 

إلى ذلك، نفى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، اليوم، وجود أية مبادرة أممية لحل أزمة الاستفتاء، بحسب بيان صادر عن مكتب نائب الرئيس العراقي، نوري المالكي، مبيناً أنّ الأخير التقى كوبيتش في بغداد لبحث تداعيات استفتاء إقليم كردستان.


ونقل البيان عن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق نفيه صدور مبادرة لحل الأزمة من قبل الأمم المتحدة، مدعومة من قبل الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، مجدداً الموقف الأممي الداعم لوحدة العراق ونظامه الديمقراطي الاتحادي، والمعارض لإضعاف هذه الوحدة وتقسيم البلاد.


من جهته، شدّد المالكي، وفقاً للبيان ذاته، على ضرورة إلغاء نتائج الاستفتاء والمضي في حوار مع الحكومة العراقية لحل القضايا الخلافية بموجب الدستور، موضحاً أنّ موقف جميع القوى الفاعلة في العراق يرفض الاستفتاء، وكذلك الحال مع القوى الدولية المعارضة لانفصال الإقليم.


ويأتي الضغط المحلي على إقليم كردستان متزامناً مع ضغوط إقليمية ودولية، أبرزها من تركيا وإيران الرافضتين بشدة لاستفتاء الانفصال.


وفي هذا الشأن، رأى الخبير في العلاقات الدولية، محمد المعيني، أنّ الكيان الكردي في حال ولد فإنه سيولد صغيراً، ومشوهاً، ومن الصعوبة بمكان أن يستمر لوجود عدة عقبات، في مقدمتها: المقيد الإقليمي المتمثل بتركيا شمالاً وإيران شرقاً، موضحاً أن هاتين الدولتين بمثابة الكماشة التي تحيط بإقليم كردستان.


وأضاف، في تصريح صحافي، أنّ "تركيا وايران ستجهضان المشروع الانفصالي للأكراد بسبب تناقض المصالح الحيوية بين الأكراد من جهة وهاتين الدولتين من جهة أخرى"، معتبراً أنّ وقوف أنقرة وطهران بوجه هذا المشروع يأتي لمنع أكراد الدولتين من القيام بتجارب مماثلة.


غير أنه لفت بالمقابل إلى أنه "من السابق لأوانه الحديث عن تدخل عسكري أو القيام بضربة تكتيكية استباقية"، مؤكداً أن الحكومة تمتلك ورقة ضغط مهمة تتمثل باعتماد سياسة الحصار والعزل لإقليم كردستان.