في اجتماع لم يُعلن عنه، ولم يتسرّب الكثير من تفاصليه، اقتنع حزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق، نوري المالكي، في وقت متأخر من مساء الأحد الماضي، بتسليم رئاسة التحالف الوطني إلى زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم بعد عامين من الصراع، وستة أعوام من هيمنة إبراهيم الجعفري عليه. وقد حضر الجعفري ورئيس الحكومة، حيدر العبادي، الاجتماع، بالإضافة إلى المالكي، وزعيم منظمة بدر، هادي العامري، مع غياب ممثل عن التيار الصدري، الذي يقاطع اجتماعات التحالف منذ مطلع العام الحالي، معتبراً أنه تحول من كتلة وطنية إلى "مؤسسة طائفية".
وتتصدّر مهام الحكيم إنجاز كتابة نظام داخلي، كان يفترض أن يتم الانتهاء منه قبل أكثر من عام، فضلاً عن ترتيب أوضاع البيت الداخلي للتحالف وإصلاح المشاكل والتقاطعات بين كتله الرئيسية السبع. وسيتعين على الكتلة الصدرية، بحسب مخرجات الاجتماع، الالتزام بـ"المواقف الموحدة للتحالف، وإلا فإنه سيعد خارجاً عن التحالف".
وفي تبدل غامض للمواقف، قال برلمانيون عن التحالف الوطني لـ"العربي الجديد"، إن "حزب الدعوة ـ جناح نوري المالكي، الذي كان معارضاً لتولّي الحكيم رئاسة التحالف، وافق على ذلك، باعتبار أن الدعوة يترأس الآن الحكومة"، مؤكدين أن "تشظّي التحالف الوطني والخوف من تصدّع بنيانه في حال استمر الخلاف أكثر، سهّل حسم قضية رئاسته".
وحول ذلك أكد النائب في البرلمان العراقي رسول أبو حسنة، أن "التحالف شكّل لجنة تنسيقية تتكوّن من كل أطراف التحالف الوطني باستثناء التيار الصدري الذي قاطع الاجتماع". وشدّد على أن "اللجنة الجديدة ستدير التحالف بشكل دوري كل عام"، مشيراً إلى أن "التحالف سيوحّد الموقف والخطاب السياسي، ويمنع اتخاذ مواقف أحادية من أيّ طرف". ولفت أبو حسنة إلى أن "اللجنة التنسيقية ستجتمع مع كل أعضاء التحالف، وسيكون لها قرارات حول سياسة الحكومة والقوانين التي تشرّع في البرلمان". وبما يتعلق بإمكانية عودة التيار الصدري إلى المشاركة في قرارات التحالف الوطني، نوّه أبو حسنة إلى أن "التيار مرحّب به، لكن عليه أن يلتزم بمواقف التحالف الموحدة".
من جهته، أعلن النائب عن كتلة الأحرار، ماجد الغراوي، رفض التيار الصدري الانضمام مرة أخرى إلى التحالف الوطني، الذي وصفه بـ"المؤسسة الطائفية". وقال في حديثٍ مع"العربي الجديد"، إن "كتلة الأحرار لم تشارك في اجتماع التحالف الأخير"، مؤكداً أن "كتلته تخلّفت عن منصب نائب الرئيس الذي كانت تشغله النائبة ماجدة التميمي". وشدّد على أن "كتلة الاحرار لا تريد أن تكون جزءاً من التحالف الذي كان له دور سلبي من الإصلاحات وضد التظاهرات". ورأى النواب الصدريون أن "هناك اتفاقيات غير معلنة جرت داخل التحالف أدت إلى تخلي كتلة المالكي عن المنصب".
في سياق متصل، أشارت مصادر سياسية في المنطقة الخضراء ببغداد لـ"العربي الجديد"، إلى أن "اختيار الحكيم جاء لأسباب أخرى أو إضافية، أبرزها قرب موعد الانتخابات وقطيعة نوري المالكي مع الأكراد بشكل تامّ، وفي حال تسلّم المالكي رئاسة التحالف، فإن إعادة التحالف الكردي الشيعي مرة أخرى إلى لُحمته الأولى ستكون صعبة، وبما أن عمار الحكيم له علاقة طيبة مع الأكراد فإنه الشخص الأنسب".