التهديد الإيطالي يعقّد مهمة الوفد المصري بقضية ريجيني اليوم

06 ابريل 2016
تظاهرة إيطالية ـ مصرية أمام السفارة المصرية في روما(Getty)
+ الخط -
يصل وفد قضائي أمني مصري، اليوم الأربعاء، إلى العاصمة الإيطالية روما، يضم قياديين  بالنيابة العامة، يترأسهم النائب العام المساعد، وعدداً من المسؤولين بالمباحث الجنائية بوزارة الداخلية وأجهزة أمنية أخرى لحضور جلسات استماع ومناقشة مع المحققين الإيطاليين والمدعي العام لروما، للوقوف على آخر تطورات التحقيق في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي عثر على جثته مطلع فبراير/ شباط الماضي بطريق مصر ـ اسكندرية الصحراوي بعد نحو أسبوع من الاختفاء. 

وطلبت مصر، أمس الأول الاثنين، تأجيل زيارة الوفد الرسمي 24 ساعة، بعدما كانت مقرّرة، أمس الثلاثاء، بحجة الانتهاء من جمع كافة الأدلة المتعلقة بالتحقيقات حول مقتل ريجيني. وقبل انطلاق الوفد المصري، هدّدت إيطاليا، أمس الثلاثاء، أنّها ستتخذ إجراءات "فورية وملائمة" ضد مصر إذا لم تتعاون بشكل كامل في الكشف عن الحقيقة. وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني للبرلمان: "إذا لم يطرأ تغير في المسار الذي تتخذه السلطات المصرية، فإن الحكومة مستعدة للتصرف واتخاذ إجراءات ستكون فورية وملائمة". وردّ الطرف المصري على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، مؤكّداً أنّ هناك علاقات قوية ومتشعبة وتاريخية بين مصر وإيطاليا، على المستويين الرسمي والشعبي. ورفض أبو زيد التعقيب على التصريح الإيطالي الذي يزيد من تعقيد الموقف، ولا سيما أنه يأتي قبل يوم واحد من وصول فريق المحققين المصريين إلى إيطاليا.

وعن إرسال الوفد المصري، يقول مصدر قضائي مصري إنّ "تعليمات عليا من رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي للنائب العام، نبيل صادق هي التي دفعته لإرسال وفد من النيابة لمساعدة محققي الشرطة في الاجتماعات مع الطرف الإيطالي، وذلك بهدف تخفيف الضغط عن الشرطة، وامتصاص الانتقادات المتوقعة لأداء المباحث والتحريات الأمنية المصرية. ويُضاف إلى ذلك، تكريس التصور الذي تريد مصر إبرازه وهو وجود صلة مباشرة أو غير مباشرة بين حادث القتل وبين التشكيل العصابي الذي لقي مصرعه كاملاً الشهر الماضي، وادعت الشرطة أنه مسؤول عن الحادث ثم تراجعت عن ذلك".

ويضيف المصدر القضائي الذي تربطه صلة بالفريق المختص بنظر القضية، أن ممثلي النيابة العامة سيعرضون ما بين أيديهم من معلومات، وهي عبارة عن تحريات الشرطة التي تدعمها أقوال شقيقة أحد أعضاء العصابة المقتولين، والتي ركزت فقط على مسألة السرقة، ولم تتحدث عن القتل. ويتوقّع المصدر القضائي ذاته أن يوجّه المحققون الإيطاليون اتهاماً رسمياً لعدد من المسؤولين الشرطيين المصريين، من بينهم رئيس مباحث الجيزة اللواء خالد شلبي، باعتباره الرئيس الأعلى لقوات الشرطة التي تؤمن إيطاليا بأنها هي من خطفت ريجيني من حي الدقي بالجيزة، سواء لحساب المباحث الجنائية أو جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً) أو جهة أمنية أخرى.


وكان شلبي المتهم الأول المُدان في قضية قتل وتعذيب مواطن يدعى فريد شوقي بالإسكندرية عام 2000، إذ حُكم عليه بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ. كما أنه كان رئيس مباحث الإسكندرية خلال فترة واقعة خطف وتعذيب وقتل الشاب السلفي الإسكندري سيد بلال، قبيل اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وهو من القياديين الشرطيين الذين تم نقلهم من الإسكندرية بناء على ضغوط شعبية ورفض مجتمعي لاستمرارهم بعد الثورة.

في هذا السياق، يرى مصدر حكومي بمجلس الوزراء ذو خلفية أمنية أن "شلبي قد يكون كبش الفداء الأول في هذه الواقعة"، مشيراً إلى أن "الطرف الإيطالي ليس بالسذاجة التي يقبل بها يتقديم كبش فداء في مثل هكذا قضية، وأية محاولات لإسكات الإيطاليين بتقديم متهمين وهميين ليست في مصلحة مصر"، وفقاً له. ويضيف المصدر الحكومي أنّه "لا يجوز في قضية جنائية مثل قتل ريجيني أن توجّه أصابع الاتهام لأشخاص لمجرد أنهم القيادات العليا في الجهاز الأمني المتهم"، مستدركاً كلامه قائلاً، "بالتأكيد ستكون عليهم مسؤولية، لكن إيطاليا تريد معرفة المتهمين الحقيقيين وظروف خطف ريجيني التي أدت لهذه المأساة". ويرجّح المصدر ذاته أن "تكون إيطاليا راغبة في طرح الأسئلة على شلبي وغيره من القيادات الشرطية لمعرفة الحقيقة بالتفصيل".

ووسط شائعات ومعلومات متناثرة في أوساط المراقبين المصريين عن امتداد صراع دوائر نظام السيسي إلى هذه القضية، ومحاولة بعض الدوائر تصدير شخصيات بعينها فيها لإخفاء الحقائق أو حماية شخصيات أخرى، يقول مصدر دبلوماسي رفيع المستوى إن "اجتماع اليوم قد يؤدي لقطيعة بين مصر وإيطاليا إذا لم يقبل المحققون الإيطاليون بالتصورات المصرية. ويضيف أنّ الإيطاليين سيكشفون عن الخيوط التي يمتلكونها والأدلة التي يرون أنها تثبت تورط جهاز أمني رسمي مصري في اختطاف ريجيني وتعذيبه".

ويصف المصدر الدبلوماسي التهديد المبطن الذي أطلقه وزير الخارجية الإيطالي، أمس الثلاثاء، بالتصرف الفوري إذا لم تثبت مصر جدّيتها، بأنه "خطير جداً، ويكشف أن إيطاليا تحضر بدائل عديدة للتصرف مع مصر إذا ثبت تورط جهاز رسمي في قتل ريجيني، قد يكون من بينها وقف السياحة وحركة الطيران من وإلى القاهرة، أو خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، أو التقدم بشكوى لدى الاتحاد الأوروبي، مما قد يؤدي لاتخاذ إجراءات صارمة سياسياً واقتصادياً ضد مصر". على حدّ تعبيره. ويشير المصدر إلى أنّ "استباق الشرطة المصرية اﻻجتماع المشترك المتفق عليه مع المحققين اﻹيطاليين بالرواية التي أذاعتها ثم تملّصت منها عن تورط تشكيل عصابي في الواقعة، سيضاعف صعوبة مهمة الشرطة المصرية في إقناع المحققين اﻹيطاليين بهذه الرواية، خصوصاً في ظل عرض جميع متعلقات ريجيني".

المساهمون