ليبيا: الثقة للسرّاج اليوم ولو خارج طبرق؟

21 ابريل 2016
يراهن مؤيدو السرّاج على تأمين الأكثرية البرلمانية(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
تضيق الخيارات أمام حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فائز السرّاج ومؤيّديها داخل برلمان طبرق، في ظل استمرار عجز البرلمان عن عقد جلسة يمنح بموجبها الثقة للحكومة، وهو ما دفع النواب المؤيدين لحكومة الوفاق إلى تحديد اليوم الخميس موعداً للاجتماع ومنح الحكومة الثقة.
ويبدو أن النواب الـ101 الموقّعين لمنح الثقة للحكومة ومعهم المجتمع الدولي الذي يساندهم، قد قرروا أخيراً القفز فوق حضور معارضيهم، بعدما استدعت الخلافات الجوهرية بين مؤيدي ومعارضي الحكومة إفشال انعقاد جلسة البرلمان والعمل على إطالة المشاورات وتمديد الأزمة، وترك الأمور معلّقة دون حسم لتبقى الحكومة مكبَّلة، إذا لم ترضخ لشروط معارضيها.

وأوضح النائبان الأول والثاني لرئيس مجلس النواب امحمد شعيب وحميد حومة (المختلفان مع رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح) أنهما عقدا جلسة في مقر مجلس النواب "حرصاً على تجاوز الأزمة، وإعمالاً للمادة 17 من اللائحة الداخلية فقد قررا الدعوة لعقد جلسة استثنائية لمجلس النواب اليوم الخميس لتنفيذ جدول الأعمال المعلن مسبقاً"، بحسب نص البيان.
من جهته، قال النائب محمد دومة، في تصريح تلفزيوني، إن هذا القرار جاء بعد أكثر من أسبوع من المفاوضات مع النواب المعارضين للحكومة، وتقريب وجهات النظر من أجل الوصول إلى حلول ترضي الجميع ولكن لم يتم التوصل إلى اتفاق". وأكد دومة أنه لتفادي أي اصطدام يحدث في الجلسات "قررنا أن يكون يوم الخميس هو نهاية المدة وإعلان منح الثقة لحكومة الوفاق".



وكان النائب الأول لرئيس مجلس النواب امحمد شعيب قد أشار إلى أنه مع النائب الثاني سيدعوان إلى عقد جلسة لمجلس النواب لمناقشة تعديل الإعلان الدستوري والتصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني، إذا فشلت الجهود خلال الـ24 ساعة المقبلة (الماضية) في انعقاد المجلس، وبعدما غادر صالح مدينة طبرق عائداً إلى بلدته القبّة.
وأضاف شعيب، في تصريح لـ "بوابة الوسط الليبية"، يوم الثلاثاء، أن دعوته إلى جلسة الخميس "تأتي تنفيذاً للمادة (17) من اللائحة الداخلية للمجلس"، مشيراً إلى أن رئيس المجلس غادر طبرق "دون اكتراث إلى أجواء الخلاف حول عقد الجلسة وتداعياته ونتائجه"، بحسب تعبيره.
وفي محاولة لتقريب وجهات النظر، كانت لجنة (6+6) التي تضم برلمانيين مؤيدين للحكومة ومعارضين لها، قد توصلت إلى اتفاق يوم الثلاثاء من 6 نقاط أبرزها "العمل على المصالحة بين أعضاء المجلس الرئاسي فيما بينهم، وكذلك بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب". وتم الاتفاق على "إحالة بعض التعديلات على الاتفاق السياسي إلى هيئة الحوار لإقرارها، وفي حال رفضها يقوم البرلمان مجتمعاً بتضمين هذه التعديلات للإعلان الدستوري من طرف واحد بقرار من مجلس النواب"، فضلاً عن إعادة هيكلة الحكومة في أضيق الحدود بضمان التمثيل الجغرافي العادي، فضلاً عن الاتفاق على تعديل جدول أعمال جلسة البرلمان بما يضمن "التصويت على تعديل الإعلان الدستوري ومنح الثقة لحكومة الوفاق في آن واحد"، لكن من غير المرجّح أن يجد هذا الاتفاق طريقه إلى التنفيذ.
ويطالب معارضو الحكومة بإلغاء المادة 8 وتبعاتها من الاتفاق السياسي، بحيث تبقى المناصب السيادية العليا بما فيها صفة القائد الأعلى للجيش والبرلمان، كما يطالبون بتعديل تشكيلة الحكومة وإقصاء بعض الوزراء وحذف بعض الوزارات والتسليم للبرلمان بكامل السلطة. وفي السياق، يلفت شعيب إلى أن "عدد المعارضين لحكومة الوفاق يقترب من 50 نائباً تقودهم كتلة السيادة الوطنية الداعمة للجيش (بقيادة خليفة حفتر)، فيما يتجاوز عدد النواب المؤيدين 105، الأمر الذي قد يدفع المؤيدين لعقد جلسة خارج مقر البرلمان، لاستحالة عقدها في ظل الخلافات والفوضى المصاحبة والتي تسبق عقد كل جلسة". من جهته، أكد النائب مصطفى أبو شاقور، أن "بعض النواب يفكرون بالانتقال خارج طبرق للتصويت على حكومة الوفاق الوطني". وكتب أبو شاقور، عبر حسابه على فيسبوك، إنه "في حال عدم تمكن البرلمان من الانعقاد، ستكون هناك دعوة قوية لنقل الجلسات إلى مدينة أخرى غير طبرق".
وعن أسباب عرقلة عقد الجلسة، وفي مشهد غريب، قال أبو شاقور إن "هناك شخص يدّعي أنه أحد شيوخ قبائل طبرق، وأنه المالك لفندق دار السلام، مقرّ البرلمان، ويتواجد هذا الشخص كل يوم ويهدد ويدخل القاعة، ويقسم أن الحكومة لن تمر وأن الجلسة لا يمكن أن تعقد".



واستمر التأزم في المشهد السياسي الليبي على الرغم من المشاورات التي كانت انطلقت منذ أكثر من أسبوع في القاهرة، وجمعت رئيس المجلس عقيلة صالح بنائبيْه امحمد شعيب وحميد حومة، ثم لقاء صالح بالمبعوث الأممي مارتن كوبلر في طبرق، واجتماعه بالنائبين مرة أخرى، فضلاً عن اللقاءات التشاورية بين النواب وتشكيل لجنة بين الفريقين. ولم يحرز النقاش أي تقدم يُذكر. ويبدو أن هذه الحالة قد ولّدت عند كثيرين حالة من اليأس، أولها، المبعوث الدولي إلى ليبيا مارتن كوبلر، الذي اعتبر في تغريدة له، أن "أعضاء مجلس النواب الليبي يواصلون التصارع فيما بينهم، دون إبداء أي إحساس بالمسؤولية، في وقت تستمر فيه معاناة الشعب الليبي بالتفاقم".
وتتسم الحالة الليبية منذ سنوات بأوضاع "انقلابية دائمة"، حيث تفرّخ كل مؤسسة معارضيها من داخلها، وتنتهي بالتحول إلى مؤسستين أو أكثر، تدعي جميعها الشرعية وتبقي وضع الصراع دائماً، كما تذهب به إلى مناصريها من المليشيات والكتائب ليصبح خلافاً عنيفاً أحياناً ويقسّم البلاد بحيث يسيطر كل طرف على حيّ أو مدينة منها. ضمن هذا السياق تعزز الانقسام البرلماني بعد الخلافات حول المصادقة على الحكومة. كما تكرّر المشهد نفسه داخل الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور. وعلى الرغم من أن أول من أمس (الثلاثاء) حمل خبراً إيجابياً عندما أعلنت الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور المصادقة على مسودة التوافق، ليصبح مشروعاً يعرض للاستفتاء، إلا أن صباح أمس الأربعاء جاء بعكس هذا التفاؤل. واعتبر عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور ضو المنصوري، أن اجتماع الهيئة التأسيسية غير قانوني، رافضاً "ما سُمي بالتوافق". وشدد في تصريح تلفزيوني على أنهم تغيبوا عن الجلسات كي لا يكونوا شهود زور على ما وصفها بالمهزلة الدستورية، بحسب تعبيره.