لم يتوقف البحث الإسرائيلي في أجهزة الاستخبارات ومراكز الأبحاث وأروقة السياسة عن أسباب الانتفاضة الفلسطينية الحالية وجذورها، على الرغم من محاولات إنكار حقيقتها باعتبارها انتفاضة على الاحتلال. كما وصفت دولة الاحتلال الهبة الشعبية الفلسطينية بأنّها بداية موجة إرهاب، وحاولت كل من الرقابة العسكرية الإسرائيلية، وقيادة الجيش، ومكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي منع أو تفادي استخدام تعبير "الانتفاضة".
وفيما يواصل المستوى السياسي ممثلاً بحكومة بنيامين نتنياهو التمسك بتعبير "موجة الإرهاب" لربط الانتفاضة بالحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتوظيفها لخدمة السياسة الإسرائيلية، خرج المستشرق شاؤول برطيل، أخيراً، بدراسة أكاديمية يدعي فيها، أن كافة الخيوط والمؤشرات تفضي إلى استنتاج أنّ الانتفاضة الحالية، ليست انتفاضة أفراد وغير منقطعة عن تشكيل سياسي فلسطيني، "بل يتم توجيه الانتفاضة بطريقة ذكية للغاية من قبل حركة المقاومة الإسلامية، حماس".
ويستشهد الأكاديمي ذاته لإثبات كلامه بخطاب نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، الذي استذكر في خطابه الثلاثاء، جريمة اغتيال إبراهيم مقادمة. كما يورد بارطيل تفاصيل مأخوذة من نشاط وانتماء عدد من منفذي العمليات الفدائية في الانتفاضة الحالية، تشي بعلاقات تربطهم بحركة المقاومة الاسلامية، وتبنيهم لفكرها، أو انتماء عائلاتهم لها. ويلفت الباحث الإسرائيلي إلى أن "حماس" أصدرت بيانات نعي متشابهة من حيث النص والتصميم للشهداء، مشيراً إلى مضامين على صفحة منفذ عمليات الطعن في يافا، الشهيد بشار محمد مصالحة، والنعي الذي أصدرته "الحركة" لكل من الشهيد عبد الرحمن محمود رداد، وفؤاد أبو رجب التميمي.
اقرأ أيضاً حصيلة: استشهاد 197 فلسطينيا منذ بداية "الهبة الشعبية"
ويدعي الباحث الإسرائيلي أن منفذي العمليات الفردية عملوا في واقع الحال بناءً على توجيهات لكرّاس أصدرته "حماس" بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 تحت عنوان، "جهود حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتفاضة الفلسطينية 1987-1994". وشمل إرشادات بوجوب "من يقرر تنفيذ عملية بمفرده، ألا يطلع عليها أحداً، حتى لا يكون تحت دائرة الرصد الإسرائيلية، وحتى يضع عراقيل أمام الاحتلال تمكّنه من تتبع خيوط العمل وانتماءات منفذها". ويضيف هذا الباحث أنه على الرغم من أن الكراس المذكور وضع قبل ولادة عدد من منفذي العمليات الحاليين، يبقى ساري المفعول اليوم ويبيّن مدى الجهد الذي تبذله "حماس" في إخفاء بصماتها، لمنع إدانتها عالمياً، بحسب ادعائه.
ويزعم بارطيل أنّه "استناداً إلى 17 عملية وقعت بين يوليو/تموز 2014 وأغسطس/آب 2015، فإنّها كلها باستثناء عملية واحدة نفذت من قبل أشخاص ينتمون بشكل أو بآخر لحركة حماس أو كانوا أعضاء فيها لبعض الوقت". ويشير إلى أن نمط تنفيذ العمليات بشكل فردي من قبل مَن ينتمون لفصائل فلسطينية بات سائداً ويدلّ على ذلك بأن منفذ إحدى العمليات إبراهيم عكاري من جبل المكبر، هو شقيق موسى عكاري أحد خاطفي الجندي الإسرائيلي نحشون فاكسمان عام 1994.
ويضيف أنّ حركة "حماس" تقوم بعملية توثيق دقيقة، وهي لا تدرج في جداولها مَن ليسوا من أعضائها. كما أنها تدقق في إحصاء العمليات المختلفة بين دهس وطعن، مع الإشارة لعدد القتلى الإسرائيليين في العمليات. ووفقاً للباحث، "يشير تقرير الحركة عام 2015 إلى مقتل 29 صهيونياً، وإصابة 755 آخرين. كما أن تقرير حماس عن شهر فبراير/ شباط الماضي يبيّن تنفيذ 9 عمليات طعن، وإلقاء 69 زجاجة حارقة، و17 عملية إطلاق نار، و16 عملية زرع عبوات ناسفة، وارتقاء 19 شهيداً فلسطينياً، وإصابة 237 فلسطينياً، مقابل مصرع 3 إسرائيليين، وجرح 39 آخرين".
اقرأ أيضاً إسرائيل: إيواء النايف في السفارة الفلسطينية خرق لاتفاقية فيينا