السودان: المعارضة تحشد إيذاناً بالعصيان والحكومة تستشعر "الخطر"

السودان: المعارضة تحشد إيذاناً بالعصيان والحكومة تستشعر "الخطر"

10 ديسمبر 2016
العصيان يحمل رمزية لتزامنه مع أعياد الاستقلال(جوليان ماتيا/Getty)
+ الخط -

بدأت الأطراف السودانية بتعبئة قواعدها المختلفة تأييدًا ورفضًا لخطوة العصيان المدني المفتوح، الذي دعا ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي إلى بدئه في التاسع عشر من الشهر الحالي، حيث ضجت المواقع الإلكترونية بالتعليقات والمنشورات الخاصة بتلك المناسبة.

وسارعت قوى المعارضة المسلحة والسلمية إلى تأييد العصيان المعلن قبيل أسبوع من انطلاقه، ودعت قواعدها للانخراط فيه وتنظيم نفسها.

ونفّذ سودانيون في السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عصيانًا مدنيًا، أحدث صدى في الشارع السوداني، وقلّلت الحكومة من شأنه، حيث أكد الرئيس السوداني، عمر البشير، وقتها، أنه "فشل بنسبة مليون في المائة".

وعمّم ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وسم "العصيان المدني السوداني 19 ديسمبر"، وقد وجد تجاوبًا من عشرات الآلاف. وكان لاختيار تاريخ العصيان رمزية لتزامنه مع احتفالات البلاد بأعياد الاستقلال، حيث اتّخذ البرلمان في ذاك التاريخ، قبل 61 عامًا، قرار الاستقلال من الاستعمار الأجنبي.

وتحمل الأحزاب المعارضة، المسلحة والسلمية، أملًا في نجاح العصيان المدني، بالضغط على النظام في الخرطوم، حيث بدأت الترتيب له منذ نهاية الشهر الماضي، بتكوين لجان العصيان في مختلف الولايات السودانية، وتكثيف الدعوة له، مع وجود شكوك حول الدعوة، بالنظر إلى أن مطلقيها ما زالو مجهولين حتى تاريخ اليوم.

وينتظر أن يصل الوسيط الأفريقي، ثامبو أمبيكي، الخرطوم، في اليوم الثاني للعصيان المعلن، "عشرين ديسمبر"، في محاولة لتحريك جمود التفاوض بين الحكومة والحركات المسلحة، فضلًا عن المعارضة السلمية، للوصول لاتفاق من أجل ضم تلك القوى لعملية الحوار الوطني.

وحسمت "الجبهة الثورية" (تحالف يضم الحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان) أمرها في الحوار، وأعلنت أن سقفها للحوار سيكون تنحي الرئيس البشير، وتسليم السلطة للشعب.

وأهابت، في بيانها، بكافة جماهيرها في الولايات المختلفة للمشاركة الفاعلة في العصيان، داعيةً الأطراف المعارضة للاتفاق حول رؤية موحدة لإسقاط نظام الخرطوم، وإقامة نظام ديمقراطي يحافظ على أمن وسلامة البلاد.

ووفقًا لمصادر، فإن ثمة ترتيبات جارية لعقد اجتماعات عاجلة بين المعارضة المسلحة والسلمية المتحالفة، لبحث ترتيبات المرحلة المقبلة وعمليات التصعيد ضد النظام الحالي.

وشكل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان غرفة طوارئ لمواجهة العصيان المدني، وتأتي خطوة الحزب الحاكم في ظل الحراك الكبير الذي تشهده أوساط القوى المنادية بالعصيان المدني لجهة تكثيف الدعوات والتنظيم عبر تكوين لجان بالأحياء والمناطق المختلفة في العاصمة والولايات في محاولة لإنجاح العصيان ولتحقيق أهدافها في إسقاط النظام في الخرطوم.

وعقد حزب المؤتمر الوطني، يوم السبت، اجتماعاً ضم رؤساء شعب الجزب في أحياء العاصمة، حيث صدرت توجيهات للعمل بهدف الحد من العصيان المدني المعلن أخيراً.

وطالب نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني، وهو مساعد الرئيس السوداني، إبراهيم محمود، المجتمعين بـ"مواجهة التحدي الذي يجابه البلاد وتجاهل مروجي الشائعات والراغبين في الاعتصام باعتبارهم شخصيات لا وجود لها على الأرض"، وأشار محمود إلى "تعرض البلاد لاستهداف داخلي وخارجي فضلاً عن حملة جائرة لاستغلال موارده وثرواته".

إلى ذلك، أيّد حزب الأمة المعارض بقيادة الصادق المهدي، يوم السبت، رسمياً دعوات العصيان المدني، وطالب كل قياداته وكوادره بالانخراط في لجان العصيان المختلفة والمشاركة بفعالية لإنجاح الاعتصام.

وقالت الأمين العام لحزب الأمة، سارة نقد، في بيان اليوم، إن "حزب المؤتمر الوطني أصبح حزباً منتهيّ الصلاحية ولا يمكن إصلاحه"، مشددة على "ضرورة تقديم رموزة للمحاسبة للجرائم السياسية والجنائية التي ارتكبوها بحق الوطن والمواطن وذلك لتحقيق الاستقرار والأمن بالبلاد"، وطالبت نقد "القوى المعارضة والتنظيمات المختلفة ببلورة موقف موحد داعم للعصيان فضلاً عن برنامج مشترك لاستمرار مقاومة ومناهضة سيسات النظام".

وبدأت الأحزاب المعارضة، ليل السبت، في بث منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للعصيان وتشجع عليه حاملة جملة من المبررات للخطوة، وكان من بينها حزب الأمة والحزب الشيوعي والمؤتمر السوداني.

في المقابل دعت جهات حكومية لعدة حفلات في العاصمة الخرطوم بالتزامن مع يوم العصيان في محاولة لإفشال العصيان.





واقترح "حزب الأمة" المعارض، بقيادة الصادق المهدي، عقد مؤتمر جامع للمعارضتين، المسلحة والسلمية، خارج السودان، للاتفاق على ترتيبات الفترة الانتقالية ما بعد إسقاط نظام الخرطوم، ولوضع برنامج إقليمي ودولي لشرح الموقف الداخلي، وصولًا لمحاصرة النظام وإكمال السياسات البديلة.

ودعا الحزب، في بيانه، للانطلاق نحو الثورة والتغيير، بعد تعنّت النظام في الاستجابة للتسوية السياسية. ولكنه تحاشى التأييد صراحة لدعوة العصيان المعلنة، لا سيما وأن الحزب منح الحكومة فرصة حتى يناير/كانون الثاني المقبل للاستجابة للحوار وفقًا لشروط المعارضة.

واعتذرت "الحركة الشعبية" عن دعوة وجهها مركز الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، لعقد ورشة خاصة بعملية الحوار الوطني في السودان، ورصدت جملة مبررّات لرفض الدعوة، بينها تأييدها لخطوة العصيان المدني الجارية في الخرطوم، إلى جانب موقفها الرافض لأي حوار سياسي مع النظام، فضلًا عن غياب المناخ المواتي لمثل تلك التحركات، بالنظر للتضييق الأمني الذي تفرضه الخرطوم على الأحزاب والناشطين والصحف، وحالة الاعتقالات السياسية.

ولم يكن حلفاء الحكومة بعيدين عن الحدث، حيث دفعت قيادات في "الحزب الاتحادي الأصل" (أكبر حليف للحكومة) ببيان يدعو جماهيره الواسعة للالتفاف حول العصيان، والعمل على إنجاحه عبر المشاركة فيه بفعالية.

وبدأ كتّابٌ سودانيون ومحللون، بعضهم قريب من الحكومة، في تحذيرها من العصيان المعلن، والتقليل من شأنه، ومطالبتها باتخاذ جملة من الإجراءات لقطع الطريق أمام الخطوة، عبر جرعة سياسية عاجلة، بتسريع عملية إنفاذ مخرجات الحوار الوطني، الذي أنهى أعماله في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والإعلان عن حل الحكومة الحالية قبل نهاية الشهر الجاري، وتسريع تعيين رئيس الوزراء المقترح ليعمل على تشكيل حكومته.

واقترح بعضهم القياديَّ في "حزب الأمة" المعارض، مبارك الفاضل، الذي خالف حزبه وانضم للحوار، لمنصب رئيس الوزراء، بالنظر لعلاقاته بالحركات المسلحة، برغم فتورها، فضلًا عن علاقاته الخارجية، باعتبار أن اختياره من شأنه أن يربك المعارضة ويخمد دعوات التظاهر والعصيان المدني.

في المقابل، استشعر الحزب الحاكم خطورة العصيان المعلن، ونشط في تثبيط الدعوة له عبر إنشاء مجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي، ركزت في البحث عمّا من شأنه إيقاف مدّ العصيان المدني. وعمدت إلى تعميم منشورات حملت صورة الرئيس البشير، مع كلمات تعظم من أهمية الاحتفال بأعياد الاستقلال، والعمل على استقرار البلاد، وأخرى تحذر من الانجرار خلف العصيان، باعتبار أن البديل سيكون الحركات المسلحة، وبدأت في نشر عبارات على شاكلة "أنا سوداني ضد حركات التمرد وضد العصيان المدني".

المساهمون