المغرب: ملامح أحزاب المعارضة غير محسومة

03 نوفمبر 2016
يواصل بنكيران مشاوراته تمهيداً لتشكيل الحكومة (فضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -
تغطي المشاورات التي تجري حالياً في المغرب لتشكيل الحكومة الجديدة، برئاسة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، على تحركات الأحزاب التي قد تشكل المعارضة في الجهة المقابلة للأغلبية الحكومية. وتشمل المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المكلّف جميع الأحزاب السياسية، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أعلن منذ ظهور نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تخندقه في صفوف المعارضة.

ولم تحسم مجموعة من الأحزاب السياسية مواقفها حيال المشاركة في الحكومة من عدمها، باستثناء حزبي الاستقلال الذي كان في الحكومة السابقة معارضاً، وحزب التقدم والاشتراكي الذي كان مشاركاً في الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته. وتعد مشاركة الحزبين محسومة.

في المقابل، لا تزال أحزاب الأحرار والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية تدرس خيارات المشاركة أو المعارضة. وكانت المعارضة السابقة تتشكل من أحزاب الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والاتحاد الاشتراكي، والاتحاد الدستوري، لكن في الحكومة المرتقبة يرجح انضمام أحزاب معارضة إلى مربع الائتلاف الحكومي، لا سيما حزب الاستقلال الذي حسم رغبته بالمشاركة.


أما حزب الاتحاد الاشتراكي فلم يحسم موقفه على الرغم من إعلانه أنه لن يعقد مهام رئيس الحكومة. كما يُنتظر الموقف النهائي لحزبي الأحرار، والاتحاد الدستوري، اللذين يربطهما اتفاق لتشكيل فريق برلماني موحد.

وفي حال رفض حزب الاتحاد الاشتراكي المشاركة في الحكومة الواحدة والثلاثين في تاريخ المغرب المستقل، ستتشكل المعارضة حينئذ من حزبين رئيسيين، هما الأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي، وربما أيضاً الأحرار أو الحركة الشعبية، بحسب ما ستؤول إليه المشاورات التي لا تزال في مراحلها الأولية.

ويطرح تواجد حزب الأصالة والمعاصرة وحده حالياً في المعارضة، منتظراً الأحزاب التي لن تتفق مع بنكيران، عدداً من التساؤلات بخصوص مدى قوة المعارضة المقبلة في البلاد، وإلى أي حد سيشكل هذا الحزب برفقة هيئات سياسية أخرى قد تقرر الاصطفاف إلى جانبه معارضة تعطي التوازن للمشهد السياسي.

يقول أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة القاضي عياض، إدريس لكريني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن التحالفات التي أفرزتها الانتخابات التشريعية لعام 2011 اتسمت إجمالاً بطابع الهشاشة وعدم الانسجام، وهو ما يعكسه تفكك التحالف الحكومي الأول. ويلفت لكريني إلى بروز بعض مظاهر عدم الإقرار بالمسؤولية التضامنية بين مكونات الحكومة في نسختها الثانية، وكذلك الأمر بالنسبة لتحالف المعارضة الذي برزت بعض ملامحه قبل إجراء هذه الانتخابات نفسها. ويشير إلى أن المعارضة بدت مشتتة ولم تستطع تفعيل الصلاحيات الهامة التي أتاحها لها الدستور في فصله العاشر بشكل كاف، تحديداً على مستوى المساهمة في صناعة التشريع ومراقبة العمل الحكومي والمساهمة في الدبلوماسية البرلمانية.

ويرى لكريني أن من بين أهم رهانات ما بعد انتخابات 7 أكتوبر/أكتوبر هو بناء تحالفات أكثر قوة وانسجاماً بما يسمح بتجاوز إشكالات الماضي، خصوصاً أن النتائج التي أسفرت عنها هذه الانتخابات جاءت في صالح حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة بفارق كبير عن صاحب الرتبة الثالثة.

وبحسب لكريني فإن هذين الحزبين دخلا في صراعات ونقاشات اتخذت طابعاً من القذف والاتهام المتبادل بالفساد والتحكم واستغلال الدين. وفي الوقت الذي اعتبرت فيه الحكومة أن المعارضة تركز فقط على مظاهر القصور والخلل، فإن المعارضة نفسها اعتبرت أن الحكومة تعمل بمنطق أحادي تغيب فيه التشاركية بما يقزّم من أداء هذه المعارضة، على حد قوله.

وبالنسبة إلى أستاذ القانون العام، فإنه يوجد فرصة حقيقية أمام الأحزاب السياسية لبلورة تحالفات تعطي للمشهد السياسي دينامية، وهذا ليس بمستحيل. ويرى أن طبيعة التحالفات المقبلة هي التي ستحدّد مستقبل المعارضة كما الحكومة. فالمرحلة تقتضي وجود معارضة قوية ستنعكس بالإيجاب على أداء الحكومة نفسها، وعلى تطوير الخطاب السياسي وتفعيل المقتضيات الدستورية المتصلة بهذه المعارضة، والتركيز على الأولويات والإشكالات الاجتماعية والاقتصادية الحقيقية التي يراهن عليها المواطن.

المساهمون