جهود دبلوماسية دولية لاحتواء التصعيد في حرب اليمن

10 أكتوبر 2016
تزداد الأوضاع السياسية والميدانية تعقيداً في صنعاء(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

بُذلت جهود دبلوماسية واسعة، خلال اليومين الماضيين، لاحتواء تداعيات استهداف مجلس العزاء في العاصمة اليمنية، صنعاء، الحادثة التي أسفرت عن مقتل قرابة 140 شخصا، وجرح المئات، بينهم موالون للحوثيين والشرعية، على حد سواء.

وشهدت الحرب في اليمن، منذ يومين، تصعيداً كبيراً على مستويات عدة، تمثّل الأول في حادثة استهداف صالة العزاء في صنعاء. والتصعيد الثاني، بإطلاق الحوثيين وقوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، صاروخا باليستيا باتجاه مدينة الطائف، غربي السعودية، والتي تبعد قرابة 500 كيلومتر عن منطقة صعدة اليمنية. وهو مدى لم تصله الصواريخ التي تطلقها القوات الموالية لصالح عادةً. وقامت قوات الدفاع الجوي السعودية باعتراض الصاروخ، في الوقت الذي نشرت فيه السعودية صواريخ باتريوت، مضادة للصواريخ، في عدد من مدن المملكة بعيداً عن الحدود مع اليمن.

وهناك تصعيد آخر، باتجاه الولايات المتحدة هذه المرة، إذ أكد مسؤولون عسكريون أميركيون، اليوم، تعرّض سفينة عسكرية تابعة للقوات البحرية الأميركية لهجوم فاشل، بصواريخ، انطلقت من أراضٍ تسيطر عليها مليشيات الحوثي.

ويأتي استهداف صالة العزاء، في وقت تتعرض فيه السعودية لضغوط دولية، منذ أشهر، خصوصاً من الولايات المتحدة وبريطانيا، لوقف العمليات العسكرية في اليمن، بالإضافة إلى انتقادات حادة من مؤسسات حقوقية دولية، والأمم المتحدة، بسبب ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، من جراء غارات التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

من ناحيته، لم يظهر الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، أو زعيم جماعة "أنصار الله" عبدالملك الحوثي، أي رغبة في العودة إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة اليمنية. ودعا الجانبان، في خطابين منفصلين، إلى "الثأر والانتقام" من السعودية، في لهجة تصعيدية.

خارجياً، وزعت بريطانيا، صباح اليوم، على أعضاء مجلس الأمن الدولي، مشروع بيان بشأن اليمن، يقوم على أساسين: وقف الأعمال العدائية والعودة إلى طاولة المفاوضات بين الأطراف المتنازعة، في الوقت الذي رحبت فيه الولايات المتحدة، على لسان وزير خارجيتها جون كيري، بإعلان السعودية عزمها التحقيق فوراً في اعتداء صنعاء. 

وأكدت المملكة العربية السعودية، أمس، في خطاب لمجلس الأمن الدولي، "أسفها" للهجوم على مجلس العزاء في صنعاء، مؤكدة أنها ستجري "تحقيقاً وتنشر نتائجه".

وأكدت البعثة السعودية في نيويورك أن الرياض ستقوم بـ"إجراء التحقيقات اللازمة حول الهجوم على مجلس عزاء بصنعاء وتحديد الجهة المسؤولة عنه". كما أعربت عن "أسفها العميق للهجوم الذي استهدف مجلس عزاء في صنعاء"، و"حرصها على حماية المدنيين في اليمن". كما جددت السعودية "التزامها واحترامها" للقانون الدولي الإنساني ومنظومة حقوق الإنسان الدولية، في تأكيد للبيان الذي أصدره التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، والذي شدد على تشكيل لجنة للتحقيق في الحادثة، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية.

من جهتها، أعلنت "اللجنة الوطنية للتحقيق" اليمنية، والمشكّلة بقرار من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، تشكيل لجنة للتحقيق في حادثة صنعاء، في الوقت الذي أرسل فيه نائب رئيس الجمهورية، الفريق الركن علي محسن الأحمر، برقية عزاء إلى الرئيس اليمني، تضمنت الإشارة إلى من وصفهم بـ"أتباع وأنصار الشرعية" الذين قتلوا في حادثة صالة العزاء في صنعاء.

ويرى مراقبون أن الجهود الدبلوماسية الدولية تهدف إلى محاولة احتواء تداعيات الحرب في اليمن، في الوقت الذي لا يبدو فيه الحسم العسكري ممكناً، سواء لصالح التحالف الداعم للشرعية والحكومة اليمنية، أو للمليشيات والقوات الموالية لصالح.

وفي ظل استبعاد الحسم العسكري في صنعاء، تزداد الأوضاع السياسية تعقيداً في العاصمة اليمنية، مع محاولة الحوثيين السيطرة على القرار السياسي بشكل كامل، في ظل الإجراءات السياسية التي اتخذتها المليشيات، أخيراً، كإعادة البرلمان اليمني، وتشكيل المجلس السياسي، والحكومة الموالية للمليشيات، بصورة قرئت كتقاسم للسلطة بين الحوثيين وصالح.

وتأتي الجهود الدولية لاحتواء الحرب في اليمن، في الوقت الذي تزداد فيه كلفة الحرب، بين المدنيين اليمنيين، بصورة جعلت السعودية، تعبر عن "أسفها" مرات عدة، لاستهداف المدنيين. وتعد بإجراء تحقيقات بشأن تلك الهجمات المثيرة للجدل دولياً، خصوصاً أن الحرب في اليمن باتت اليوم أكثر حضوراً على المستوى الدولي، إعلامياً ودبلوماسياً، مما كانت عليه، قبل عام من الآن.


المساهمون