جهود ألمانية لترحيل لاجئي شمال أفريقيا... وابتزاز مالي لدولهم

جهود ألمانية لترحيل لاجئي شمال أفريقيا... وابتزاز مالي لدولهم

20 يناير 2016
لاجئون يقدمون الورد للمارة (باتريك ستولارز/ فرانس برس)
+ الخط -

مع تطور الأحداث التي شهدتها ألمانيا، ووصول أعداد ملحوظة من اللاجئين من دول شمال أفريقيا إلى البلاد، والاشتباه بالبعض منهم بالتورط بأعمال العنف التي حصلت في مدينة كولن، ليلة رأس السنة، والحديث عن أن 74 في المائة من أعمال السرقة والجرائم في مدينة ديسلدورف، عاصمة الولاية التي تتبع لها مدينة كولن، يقف وراءها مواطنون من تلك الدول، لجأت ألمانيا إلى اعتماد مخطط يقضي بتسريع إجراءات الترحيل لمواطني دول المغرب العربي، غير أنها تواجه صعوبات قانونية وبيروقراطية تتمثل في التعاون مع السلطات الرسمية في بلدانهم الأصلية، ولهذا تسعى لزيادة الضغط على هذه الدول للامتثال للاتفاقيات القائمة.


اقرأ أيضاً: منظمة العفو: عنف وتحرش باللاجئات في أوروبا

دفع هذا الأمر بوزارات الداخلية في عدد من الولايات الألمانية إلى اتهام سفارات مواطني تلك الدول بعدم التعاون، وتحدث مسؤولوها عن العقبات التي تواجههم في هذا الملف وفي المقدّمة تلك التي تتمثل برفض هذه الدول، ومنها المغرب والجزائر، استعادة رعاياها، وبالتالي صعوبة إصدار وثائق من سفاراتهم، كون العديد من اللاجئين عمدوا إلى إتلاف أوراقهم الثبوتية، أو كانوا قد تقدموا أساساً بأوراق مزورة إلى السلطات الرسمية. مع العلم أن التقارير تشير إلى صدور 5500 وثيقة داخلية بحق عدد ممن يجب ترحيلهم. وبحسب مجلة "دير شبيغل" الألمانية، فإن وزيري الداخلية توماس دي مايتسيره والخارجية فرانك فالتر شتاينماير الألمانيين، راسلا نظراءهما في تلك الدول لحثهم على التعاون واستقبال المرحّلين من مواطنيهم، وهو ما طالبت به أيضاً المستشارة أنغيلا ميركل، الأسبوع الماضي، رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال خلال زيارته إلى ألمانيا. وقد وعد الأخير بتعاون أفضل في هذا الملف، وخصوصاً أن هناك اتفاقاً بين الدولتين منذ عام 1997 بهذا الخصوص.

 وأمام هذا الواقع، لم تستطع ألمانيا، وحتى النصف الأول من العام الماضي، ترحيل أكثر من 53 شخصاً إلى بلدانهم الأصلية، كون التعاون محدوداً وغير كافٍ. ونتيجة صعوبة التواصل مع بعض السفارات المعنية، لوّح نائب المستشارة ووزير الاقتصاد سيغمار غابريال بوقف مساعدات التنمية الألمانية التي تقدّم لدول شمال أفريقيا التي لا تتعاون من أجل استعادة مواطنيها الذين رفضت طلبات لجوئهم، قائلاً "لا يمكن لأحد أن يسعى للحصول على دعم مالي ألماني، وفي الوقت نفسه لا يتعاون معنا في هذه القضية".

في المقابل، لاقت هذه الخطوة اعتراضاً من "حزب الخضر". ووصفتها رئيسة الحزب سيمونه بيتر بـ"غير الواقعية"، معتبرة أنها "ستكون بمثابة مواصلة لتحريف الحقائق"، وأنه "لا يمكن الترحيل على هذا النحو بهذه السرعة، ولا سيما إلى هذه الدول، حيث يمكن أن يتعرض فيها هؤلاء اللاجئون لخطر انتهاكات حقوق الإنسان". وطالبت بالتركيز على المهام الرئيسية ومنها تسريع إجراءات اللجوء وتوفير المزيد من الموظفين لدى الدوائر الرسمية المختصة.

وتنصب مهام السلطات الألمانية واجتماعات الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي على المطالبة بإدراج دول مثل المغرب والجزائر ضمن الدول الآمنة، وبالتالي، العمل على إعادة مواطني هذين البلدين كما غيرهما من مواطني دول البلقان إلى بلدانهم الأصلية. وبالتالي، لم يتم فرزهم على البلديات في ألمانيا، إنما أرسلوا إلى مراكز إيواء داخل مراكز محددة ومنها مركزان في مدينتي بامبرغ وميونيخ في ولاية بافاريا، ريثما يتم درس طلباتهم.

وكان رئيس كتلة المحافظين البرلمانية في ولاية بافاريا توماس كرويزر، قد تحدث عن اتفاق بين زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي ورئيس حكومة ولاية بافاريا هورست زيهوفر والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بهذا الخصوص. لكن زعيم الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الديمقراطي فولكر كودر كان له رأي آخر، واعتبر أن هناك حاجة للمزيد من الصبر.

وبينت أرقام نشرتها صحفية "دي تسايت"، أن أعداد طالبي اللجوء من دول شمال أفريقيا، زادت بشكل كبير، خصوصاً مع الربع الأخير من العام الماضي. وخلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، تم تسجيل حوالي 300 من المغاربة و540 من الجزائريين، فيما وصل عددهم في ديسمبر/كانون الأول إلى 2900 من المغرب و2300 من الجزائر. فيما بلغ مجموع من تم تسجيلهم في العام الماضي أكثر من 10200 لاجئ من المغرب و13900 من الجزائر و1900 من تونس.

ويشير متابعون إلى وجود توجه لدى وزارتي الداخلية والخارجية، للسعي لدى الاتحاد الأوروبي من أجل استصدار جوازات مرور لأولئك الذين أتلفوا جوازات سفرهم والمطلوب ترحيلهم.

وتعطي وزارة الداخلية أولوية لمعالجة الطلبات المقدّمة من مواطني الدول التي تتمتع بحماية أقل ومنها دول شمال أفريقيا، ولا تريد الانتظار طويلاً قبل اتخاذ القرار حتى يتسنى لها وبأسرع وقت ممكن، إلحاقهم بالمراكز المخصصة للترحيل، وعدم تكبد مصاريف إضافية عليهم.

اقرأ أيضاً: المشاهد الأولى للجوء في ألمانيا... أبناء الشمس وسط الزجاج(1) 

المساهمون