الاحتلال يواصل هدم مساكن الفلسطينيين ومساعيه تهويد القدس

19 اغسطس 2015
تسعى إسرائيل لتنفيذ عدد من المشاريع الاستيطانية (فرانس برس)
+ الخط -

لا تختلف الصورة كثيراً في القدس المحتلة التي تعتبرها إسرائيل "عاصمتها الأبدية الموحدة"، وزادت عليها في السنوات الأخيرة مصطلح عاصمة "الشعب اليهودي في كل العالم"، عن الصورة ذاتها في الضفة الغربية من حيث عمليات هدم مساكن الفلسطينيين بما في ذلك الخيام ومضارب البدو في محافظتي القدس وأريحا.

ولعلّ الهدف من عمليات الهدم هذه في كلا المنطقتين الجغرافيتين واضح، ويتمثل في ترسيخ الوجود الاستيطاني اليهودي فيهما.

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ عدد من المخططات والمشاريع الاستيطانية، كانت حتى الآن محفوظة في أدراج المؤسسات الإسرائيلية العسكرية والسياسية، وفق ما أكد مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق، خليل تفكجي، لـ"العربي الجديد".

وهدمت جرافات الاحتلال في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، بناية سكنية قيد الإنشاء مكوّنة من ثلاثة طوابق، وسبق ذلك الاستيلاء على قطعة أرض بمساحة سبعة دونمات تلاصق مقبرة الرحمة الإسلامية، شرق المسجد الأقصى، تعتزم سلطات الاحتلال إقامة حزام من المشاريع الاستيطانية كالحدائق ومشروع القطار الخفيف، ومسارات للمشاة مخصصة للمستوطنين، ما يعني هدم مزيد من منازل المقدسيين في هذه المنطقة التي يحظر الإسرائيليون البناء فيها منذ عشرات السنين.

ونقلت السيطرة والإشراف على هذه المنطقة إلى عهدة الجمعية الاستيطانية اليهودية المسماة "ألعاد" والتي تدير نحو 40 بؤرة استيطانية في بلدة سلوان، جنوب القدس القديمة، وفي أحياء رأس العمود وجبل الزيتون، شرق المسجد الأقصى، وفي حي الشيخ جراح إلى الشمال من البلدة القديمة، وتنفق سنوياً نحو 80 مليون شيكل لحماية المستوطنين في هذه المناطق وتعزيز الحضور الاستيطاني الديموغرافي في قلب الأحياء المقدسية المتاخمة للقدس العتيقة والمطلة على المسجد الأقصى.

وفي هذا السياق، نفذت بلدية الاحتلال في غضون العام الحالي عمليات هدم في هذه المناطق طالت أكثر من 25 مسكناً ومبنى مأهولاً وعدداً قليلاً من المساكن قيد الإنشاء، ترافق ذلك مع تمكين الجماعات الاستيطانية من السيطرة والاستيلاء على مزيد من العقارات، كما حدث في بلدة سلوان والبلدة القديمة، بمعاونة سماسرة محليين، ينعتهم المقدسيون بـ"العملاء".

كل ذلك، دفع رئيس الهيئة الإسلامية في القدس، الشيخ عكرمة صبري، إلى تجديد فتوى قديمة لرجال دين مسلمين في أواسط القرن الماضي تحرّم بيع العقارات أو تمليكها لليهود.

وبالتزامن مع عمليات الهدم الإسرائيلية في مناطق وأحياء متاخمة للبلدة القديمة من القدس تنفذها بلدية الاحتلال ووزارة الداخلية الإسرائيلية، تقوم سلطات "الإدارة المدنية" الإسرائيلية، الذراع التنفيذي للجيش الإسرائيلي، بعمليات هدم واسعة في حزام جغرافي آخر حول القدس خاصة في حدودها الشرقية حيث تنتشر عشرات المضارب والخيام التي تأوي مئات الأسر من بدو فلسطين، المتحدّرين من صحراء النقب التي احتلت عام 1948.

وتتركز عمليات الهدم في بلدتي العيزرية وأبو ديس، وعلى امتداد منطقة الخان الأحمر، حيث قامت جرافات الاحتلال أخيراً بهدم عشرات المساكن والخيام وتشريد العائلات الفلسطينية منها، وذلك لصالح توسيع المستوطنات اليهودية في المنطقة، حيث مستوطنة معاليه أدوميم كبرى المستوطنات اليهودية هناك، أو بناء مقاطع جديدة من جدار الفصل العنصري، وشق شوارع وبناء جسور، ضمن المشروع الاستيطاني الأهم والأخطر المنوي تنفيذه هناك والمعروف بمخطط "E.1".

وأوضح تفكجي أن المخطط يهدف إلى مصادرة أكثر من 12 ألف دونم، ويفصل شمال الضفة عن جنوبها، ويعزل القدس بالكامل عن امتدادها الجغرافي الفلسطيني، ما يعني حرمان الفلسطينيين من تحقيق حلمهم في إقامة دولتهم بعاصمتها القدس.

أما في الحد الشمالي الغربي من مدينة القدس والمتصلة والمتداخلة جغرافياً مع الضفة الغربية، فعمليات الهدم الإسرائيلية تتركز في بلدات وقرى مثل: الجيب، وبيت اكسا، والنبي صمويل، وقد نجحت السلطات الإسرائيلية منذ بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، إلى الآن في عزل 14 قرية وبلدة فلسطينية يربو عدد سكانها مجتمعة على 80 ألف نسمة، فيما تسبب جدار الفصل العنصري بعزل 120 ألف مقدسي عن مدينتهم، ما يهدد مستقبلاً بفقدانهم حق الإقامة.

ويقضي المخطط الإسرائيلي المتعلق بالقدس ببناء نحو 58 ألف وحدة استيطانية حتى العام 2020، في وقت تحكم فيه السلطات الإسرائيلية المحتلة قبضتها على أكثر من 60 في المائة من أراضي الفلسطينيين في مناطق "ج"، وفقاً لما صرح به تفكجي.

وباتت مناطق "ج" أغلبية استيطانية يهودية واضحة، يحكم المستوطنون فيها قبضتهم على كل مناحي الحياة، وباتوا يشكلون خطراً متزايداً على حياة الفلسطينيين، كما بدا الحال عليه في سلسلة الهجمات الدامية وأعمال الحرق التي طالت أفراداً وعائلات وممتلكات، ويكاد يصبح الحال هو ذاته أيضاً في القدس التي تصارع مع المحتل على أكثر من جبهة للحفاظ على الوجود الفلسطيني فيها أو ما تبقى من وجود.

اقرأ أيضاً: فلسطين تدين تعيين سفراء إسرائيليين مؤيدين للاستيطان

المساهمون