باكستان تقرر إرسال قوات إلى الرياض للدفاع عن المملكة

باكستان تقرر إرسال قوات إلى الرياض للدفاع عن المملكة

03 ابريل 2015
القوات الباكستانية ستنتشر على الحدود السعودية اليمنية (الأناضول)
+ الخط -

يراقب الباكستانيون حكومة وشعباً التطورات الميدانية في اليمن، منذ أن أطلقت السعودية وحلفاؤها "عاصفة الحزم"، وأوضحت الحكومة الباكستانية أكثر من مرة أن القوات المسلّحة الباكستانية ستقف في وجه أي تحدٍ يستهدف أمن واستقرار السعودية، وذلك في ظل أنباء وتسريبات صحافية تشير إلى أن السعودية تريد من باكستان الانضمام إلى التحالف، وإرسال قوات إلى المملكة للمشاركة في مواجهة أي توغل بري مرتقب للحوثيين داخل اليمن. وبسبب الضغوط المتزايدة بعد انقسام الشارع الباكستاني، ودعوة بعض الأحزاب السياسية والدينية إلى الحياد والقيام بدور الوساطة، بدل الانحياز إلى أطراف الصراع، لم تتمكن الحكومة الباكستانية من الإعلان رسمياً الانضمام إلى عملية "عاصفة الحزم".

وعلى الرغم من أن موقف باكستان الرسمي هو التعهد بالدفاع عن سلامة وأمن السعودية، مهما كان الثمن، وعدم الانضمام إلى العملية المسلحة ضد الحوثيين، إلا أن "العربي الجديد" علمت أن السلطات الباكستانية قررت خلال اجتماع مغلق ومهم، عُقد ظهر أمس الخميس في مقر رئيس الوزراء نواز شريف، وشارك فيه إلى شريف، قائد الجيش الجنرال راحيل شريف، ووزير الدفاع خواجة آصف، ومستشار رئيس الوزراء للأمن القومي سرتاج عزيز، أن ترسل قوات إلى السعودية، على أن يتم نشر تلك القوات على امتداد الحدود السعودية اليمنية بهدف الدفاع عن أراضي المملكة، والوقوف في وجه أي عملية قد يشنّها الحوثيون على الأراضي السعودية.

كما قررت القيادة الباكستانية توفير كافة أنواع الدعم العسكري للسعودية بهدف الدفاع عن أراضيها. أما عن المساهمة في التوغل البري في الأراضي اليمنية إذا تطلب الأمر، فقد تم تأجيل القرار بشأنه حالياً، ولكن ستتم دراسة الأمر من قبل القيادة العسكرية.

وعلمت "العربي الجديد" كذلك أن رئيس الوزراء الباكستاني سيدعو إلى مؤتمر يجمع كافة الأحزاب السياسية والدينية الباكستانية، أو قد يطرح الموضوع في جلسة برلمانية خاصة، ومن المحتمل كذلك أن يزور بعض الدول الإسلامية عاجلاً، وعلى رأسها تركيا لمناقشة القضية مع قياداتها، وحينها سيتم اتخاذ قرار بشأن المساهمة في العملية البرية المرتقبة ضد الحوثيين.

وأكد وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف، الذي عاد من زيارة إلى الرياض، أنه أدرك خلال الزيارة حقيقة ما يجري في اليمن، وبالتحديد على الحدود السعودية اليمنية. وأشار إلى أن الحكومة الباكستانية ستأخذ قرارات حاسمة بهذا الخصوص. ووفق مصادر مقربة من دوائر صنع القرار في باكستان، فإن الحكومة السعودية طلبت من الوفد الباكستاني الرفيع، الذي كان يضم قيادات في الجيش الباكستاني بالإضافة إلى وزير الدفاع ومستشار رئيس الوزراء للأمن القومي سرتاج عزيز، إرسال قوات برية، والانضمام إلى التحالف ضد الحوثيين. وأن الوفد الباكستاني وعد وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان بنقل الرسالة إلى القيادة الباكستانية، ومن ثم يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن.

اقرأ أيضاً: باكستان ترسل وفداً إلى السعودية لدراسة الوضع في اليمن

وتؤكد التسريبات أيضاً أن رئيس الوزراء الباكستاني أكد خلال الاجتماع الذي عُقد أمس لمناقشة الطلب السعودي، أن العلاقات السعودية الباكستانية تخطت الاقتصاد والسياسة، وهي مبنية على أساس عقيدة واحدة، تستدعي الوقوف في وجه أي زحف يستهدف السعودية، وقد أقرّت القيادة العسكرية موقف الحكومة، وتعهّدت بتسخير كافة الوسائل العسكرية في سبيل الدفاع عن الأراضي السعودية، وإرسال قواتها هناك دفاعاً عن أمنها واستقرارها.

وعلى الرغم من أن الحكومة الباكستانية تؤيد العملية العسكرية التي أطلقتها السعودية ضد الحوثيين في اليمن، إلا أن الشارع الباكستاني لا يزال منقسماً إزاء العملية والصراع الدائر في اليمن. وبينما نظمت بعض الأحزاب السياسية والدينية، وعلى رأسها "جماعة الدعوة" السلفية، تظاهرات مؤيدة للسعودية ومطالبة بالوقوف ضد الحوثيين، دعت بعض الجماعات السياسية والدينية إلى التريث وعدم الانحياز إلى أي طرف. وقد عارض بعضها علناً الانضمام إلى العملية العسكرية التي تقودها السعودية، منها مجلس وحدة المسلمين، كبرى الأحزاب الشيعية، إذ قال الأمين العام للمجلس العلامة ناصر عباس إن "الانضمام إلى الحلف المعارض للحوثيين سيكون له نتائج عكسية على الوضع في باكستان، وإن الأمر يستدعي القيام بدور الوساطة والعمل لحل الأزمة سلمياً".

وكان زعيم حزب "الشعب" والرئيس الباكستاني السابق آصف علي زرداري، قد دعا في مدينة كراتشي، إلى اجتماع للقياديين في الأحزاب السياسية والدينية لدراسة الملف اليمني. وأعلن الاجتماع الوقوف بجانب السعودية عند وجود أي خطر على أمنها واستقرارها، ولكنه دعا في الوقت نفسه الحكومة والجيش الباكستاني إلى عدم الانخراط في الأزمة، والقيام بدور الوساطة. وقال زرداري إن "باكستان وتركيا يمكنهما أن تلعبا دور الوساطة لحل الأزمة سلمياً".

ولم يحضر الاجتماع حزب عمران خان أحد الأحزاب السياسية الرئيسية، إلا أن موقف الحزب معروف إزاء الأزمة اليمنية. ودعا خان في مؤتمر صحافي عقده مساء الخميس إلى الابتعاد عن الملف اليمني، وعدم الانحياز إلى جهة. ولكنه طالب كغيره من القيادات بالقيام بدور الوساطة. وأشار إلى أن انضمام باكستان إلى الحلف الذي تترأسه السعودية بمثابة انضمام باكستان إلى الحلف المناوئ للإرهاب عام 2001، وأن الشعب الباكستاني يدفع ثمن ذلك حتى الآن، على حد وصفه.

تأتي هذه التطورات في وقت تقوم فيه القوات الباكستانية والسعودية بتدريبات مشتركة تسمى "الصمصام 5" في مركز الملك سلمان في منطقة الباحة قرب الحدود السعودية اليمنية. وأكد مكتب العلاقات العامة في الجيش الباكستاني، في بيان له، أن التدريبات المشتركة معدة ومخططة سلفاً، وليس لها أي علاقة مع الحملة العسكرية ضد الحوثيين.

وبسبب الصراع اليمني والعملية العسكرية ضد الحوثيين، تواجه الحكومة الباكستانية وبالتحديد رئيس الوزراء الباكستاني، ضغوطاً متزايدة، إذ إن غالبية سكان باكستان من السنّة، ولكن توجد أقلية شيعية كبيرة، وهناك مخاوف من تفجير صراع طائفي في البلاد، نتيجة انضمام باكستان إلى الحلف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين. ولكن لا يخفى على أحد أن القرارات المصيرية، خصوصاً تلك التي تتعلق بالأمن، تتخذها المؤسسة العسكرية عادة، وهي أقرت حسب بعض المراقبين الوقوف إلى جانب السعودية، والدفاع عن أراضيها مهما كان الثمن، وهو ما يأمله أغلبية سكان باكستان، وتطلبه الحكومة الباكستانية والسعودية.

المساهمون