الانتخابات البرلمانية المصرية... جولة إعادة على وقع الانسحابات

26 أكتوبر 2015
يتنافس 222 مرشحاً في جولة الإعادة (محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
تحلّ جولة الإعادة للمرحلة الأولى من الانتخابات المصرية، التي تبدأ في الخارج اليوم الإثنين، على أن تنظم في مصر يومي الثلاثاء والأربعاء، وسط حالة من الفوضى تضرب المشهد السياسي بالكامل في البلاد، نتيجة حالة العزوف التي سجلتها الجولة الأولى، فضلاً عن موجة الانسحابات والتلويح بالانسحاب، إلى جانب الطعون الانتخابية التي تهدد سير كامل العملية الانتخابية.

وتجرى الإعادة في 103 دوائر انتخابية، تشكل مجموع دوائر المرحلة الأولى في المحافظات الــ14 التي أجريت فيها الانتخابات. وكانت الجولة الأولى قد بدأت في الخارج في 17 و18 من شهر أكتوبر/تشرين الأول  الحالي فيما نظمت في 18 و19 في الداخل.
ويتنافس في جولة الإعادة 222 مرشحاً، إذ يخوض حزب المصريين الأحرار، الذي يتزعمه رجل الأعمال نجيب ساويرس، جولة الإعادة بـ65 مرشحاً، مقابل 25 مرشحاً لحزب الوفد. أما حزب النور السلفي فيتنافس في جولة الإعادة بــ25 مرشحاً، مقابل 54 مرشحاً لحزب "مستقبل وطن" الذي يترأسه محمد بدران وتشرف عليه أجهزة سيادية. من جهته يخوض حزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي" جولة الإعادة بـ5 مرشحين، في حين يتنافس فيها أيضاً 12 نائباً سابقاً عن الحزب الوطني المنحل.

اقرأ أيضاً خطة التفاف السيسي على ضعف الشعبية: المستقلون إلى "حب مصر" 

في موازاة ذلك، تجاوز عدد الطعون الانتخابية التي تقدم بها مرشحون وقوائم انتخابية، إلى القضاء الإداري، للمطالبة بوقف الانتخابات على مستوى الجمهورية مئات الطعون، أسفرت حتى اللحظة عن وقف الانتخابات في دوائر على مستوى الجمهورية وإعادتها بعد شهرين، وهي دوائر الرمل أول والرمل ثاني في محافظة الإسكندرية. كما أوقف القضاء الإداري إجراء الانتخابات في الدائرتين الأولى والثانية بمحافظة بني سويف، وفي دائرة دمنهور بمحافظة البحيرة، طالباً إعادتها.

انسحابات بالجملة

وما إن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات عن نتائج الجولة الأولى حتى بدأ العديد من المرشحين على المقاعد الفردية والقوائم الانتخابية بالتهديد بالانسحاب من الجولة الثانية من الانتخابات، بسبب ما سمّوه تدخل أجهزة الدولة لصالح مرشحين وقائمة انتخابية بعينها، وهي قائمة "في حب مصر"، التي يقودها لواء الاستخبارات السابق سامح سيف اليزل. وكان أول من لوّح بالانسحاب هو حزب النور السلفي الذي تعرض لهزيمة انتخابية، تمثلت بعدم تمكن أي من مرشحيه على المقاعد الفردية من حسم أي مقعد من الجولة الأولى، فضلاً عن هزيمة تعرضت لها قائمته التي كانت تنافس على قطاع غرب الدلتا أمام قائمة "في حب مصر"، وهو القطاع الذي يمثل القوة الضاربة للحزب.

وكان رئيس حزب النور، يونس مخيون، قد صعّد من تهديداته لأجهزة الدولة بحل الحزب والانسحاب من الحياة السياسية قبل أن يتراجع، معلناً الاستمرار في جولة الإعادة والمرحلة الثانية في ظل غضب وغليان بين قواعد وشباب الحزب.
من جهته، رهن ائتلاف الجبهة المصرية وتيار الاستقلال، الذي يقوده أحمد شفيق، المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية في عام 2012، استمراره في الانتخابات بنتائج الطعون القضائية التي تقدمت بها قائمته لوقف إجراء الانتخابات في قطاع الصعيد، وإعادتها بعد اتهام اللجنة العليا للانتخابات بالانحياز لقائمة "في حب مصر"، فضلاً عن الشكوى من عدم تكافؤ الفرص.
أما ائتلاف نداء مصر، الذي يضم وزير العدل الأسبق عادل عبد الحميد، فأعلن انسحابه تماماً وبشكل نهائي من الجولة الثانية من الانتخابات بعدما أكد عدم نزاهة العملية الانتخابية، و"غياب أهداف ثورة 25 يناير و30 يونيو"، بحسب بيان أصدره الائتلاف.
وعلى صعيد المرشحين الفرديين، أعلن الإعلامي مصطفى شردي، الذي كان مرشحاً في إحدى دوائر محافظة بور سعيد، انسحابه من الجولة الثانية من الانتخابات في أعقاب المشهد الانتخابي في الجولة الأولى، من دون أن يكشف الأسباب الحقيقية وراء ذلك.
وكان المرشح على المقاعد الفردية بدائرة الدقي والعجوز عمرو الشوبكي قد لوّح بالانسحاب من جولة الإعادة، بعد ما وصفه بـ"عمليات شراء الأصوات التي حدثت على مرأى ومسمع من الجميع من دون تدخل أي جهة في الدولة لوقف ذلك"، قبل أن يتراجع ويقرر استكمال السباق إلى آخره.
أما في محافظة شمال سيناء، التي تعد إحدى محافظات الجولة الثانية المقرر إجراء الانتخابات فيها منتصف نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فأعلن 5 مرشحين عن انسحابهم من السباق الانتخابي بعد اغتيال مرشح حزب النور مصطفى عبد الرحمن بالعريش، يوم السبت الماضي، برصاص مجهولين. والنواب المنسحبون هم: حسام رفاعي، محمد حسنين، حماد سنبل، اللواء شحتة السيد، بالإضافة إلى مرشح حزب الوفد عماد البلك.

مخالفات

وكانت المرحلة الأولى قد شهدت جملة من المخالفات والتخبط الإداري، بدأت منذ صباح اليوم الأول للانتخابات، بتأخر فتح معظم اللجان على مستوى الـ14 محافظة التي جرت بها الانتخابات، نتيجة تأخر القضاة المشرفين على اللجان، إضافة إلى تغيب واعتذار مئات القضاة عن الإشراف على العملية الانتخابية وسط تكتم من قبل اللجنة العليا للانتخابات.
في موازاة ذلك، تحول شراء الأصوات الانتخابية إلى تجارة رابحة لسماسرة الانتخابات أمام أبواب اللجان الانتخابية، إذ بدأ سعر الصوت الانتخابي في عدد من الدوائر صبيحة اليوم الأول بـ100 جنيه (قرابة 12 دولاراً) ووصل قبل غلق باب اللجان في اليوم الثاني للتصويت إلى 700 جنيه (87 دولاراً) في بعض الدوائر، في وقت رصدت فيه بعض منظمات المجتمع المدني استخدام عدد من المرشحين في محافظات الفيوم والمنيا والجيزة للمواد المخدرة كرشاوى انتخابية. مخالفات أخرى عديدة رصدتها منظمات المجتمع المدني ومراقبون أجانب تتعلق بعدم الالتزام بالصمت الانتخابي، واستمرار الدعاية الانتخابية أمام اللجان، فضلاً عن عمليات النقل الجماعي للمرشحين إلى اللجان الانتخابية.

ملايين رغم اللجان الفارغة 

وكانت الجولة الأولى من الانتخابات في الداخل قد شهدت عزوفاً واضحاً عن المشاركة، بحسب تصريحات رسمية من قبل المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات، المستشار عمر مروان، الذي خرج ظهر اليوم الأول للتصويت ليعلن أن النسبة لم تتجاوز 1 في المائة من إجمالي عدد الناخبين، حيث يصل عدد من يحق له التصويت في المرحلة الأولى 27 مليوناً و400 ناخب، قبل أن يخرج مروان قبيل نهاية اليوم الأول ليشير إلى وصول نسبة المشاركة إلى 2 في المائة.

وفي مفاجأة غير متوقعة، خرج المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات مع بداية اليوم الثاني للتصويت لينفي النسب التي سبق أن أعلنها بنفسه، قائلاً إنها غير دقيقة، إلا أن تصريحات لرئيس نادي القضاة المستشار عبد فتحي أكدت عزوف الناخبين عن المشاركة وانعدام نسبتها، بعدما قال إن الانتخابات لم يكن بها مخالفات ولا ناخبون". أما المفاجأة الأكبر، فكانت في تغافل اللجنة العليا للانتخابات لمشاهد اللجان الفارغة لتعلن مع ختام الجولة الأولى أن نسبة المشاركة تحولت بين عشية وضحاها إلى 26.5 في المائة أي بما يعادل 7 ملايين و300 ألف ناخب.

اقرأ أيضاً: موجة اضطرابات تضرب الوسط السياسي المصري

المساهمون