قطع العلاقات البحرينية الإيرانية... ذروة حرب بلا نيران

قطع العلاقات البحرينية الإيرانية... ذروة حرب بلا نيران

03 أكتوبر 2015
البحرين تتهم إيران بالتدخل في شؤونها (عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -
شهد يوم أمس الجمعة، تصعيداً على جبهة الحرب السياسية بين دول عربية من جهة، وإيران من جهة ثانية، تمثل بما يشبه القطيعة الدبلوماسية بين البحرين وإيران. خطوة تندرج في إطار الحرب الباردة بين الطرفين في إطار معركة إقليمية أوسع تجد عناوينها في الأدوار التي تؤديها أطراف حليفة لإيران في عدد من الدول العربية في ما تصفه عواصم عدة بأنه "دور تخريبي" يتجلى في سورية والعراق ولبنان وبعض الدول الخليجية العربية.

أما يمنياً، فساد التضارب في التصريحات حول قرار صنعاء إزاء العلاقة مع طهران؛ فبعد دقائق من إعلان رياض ياسين، الذي لا يزال الرئيس عبد ربه منصور هادي يعتبره وزيراً للخارجية اليمنية رغم انعدام حمله للصفة بعد التعديل الحكومي الأخير، قطع علاقات حكومته مع إيران، نفى المتحدث الرسمي باسم حكومة خالد بحاح، راجح بادي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، قطع العلاقات. وقال بادي إن "الحكومة منذ عودتها إلى عدن لم تناقش موضوع قطع العلاقات مع إيران ولم تتخذ قرارا رسميا حتى الآن".

وطالب بادي جميع وسائل الإعلام تحري الدقة والمهنية في نقلها للأخبار من مصادرها الرسمية، وعدم الانجرار خلف المهاترات الإعلامية.

لا يمكن فصل التصعيد بين البحرين وإيران تحديداً، الذي بلغ ذروته بعد استدعاء السفير البحريني من طهران وطرد القائم بالأعمال الإيراني من المنامة، بمعزل عن الهجوم الإيراني الأخير على السعودية عقب كارثة منى والتي قضى فيها مئات الحجاج بينهم مواطنون ودبلوماسيون إيرانيون، وإن كان هذا التوتر "البحريني الإيراني" الأخير جزءاً من مسلسل طويل يعود إلى عقود من الزمن.

اقرأ أيضاً: التصعيد الإيراني ضد السعودية: أكبر من إعادة جثامين منى

أما الخطوة اليمنية، فتبدو "منطقية" أكثر في ظلّ رعاية إيران مباشرة لحليفها "أنصار الله" في الحرب الدائرة يمنياً، وآخر مسلسلها المتصل بإيران، توقيف سفينة أسلحة تقول أطراف التحالف العربي والشرعية اليمنية أنها كانت تنقل سلاحاً إيرانياً للمليشيات الخارجة عن الشرعية.

"الردّ" البحريني على إيران، كان متوقعاً، إذ اعتادت المملكة الصغيرة دعم "شقيقتها الكبرى" في مختلف الأزمات والتماهي مع مواقفها الخارجية إلى حدّ بعيد، حتى وإن كانت "أزمة عابرة" داخل البيت الخليجي نفسه، فكيف إن كان الأمر يتعلق بهجوم إيراني على السعودية، عبر استغلال كارثة تدافع الحجيج سياسياً، كما عبرت عن ذلك الرياض؛ فإيران كانت منذ نحو 35 عاماً ولا تزال، المشكلة الأكبر للبحرين، التي اتهمتها على الدوام بدعم وتحريض وتسليح وتمويل جماعات داخل البحرين للانقلاب على الحكم، وزعزعة أمنها الداخلي.

ولم يكد الهجوم الإيراني يبدأ على السعودية على خلفية حادثة مشعر منى، حتى كانت وزارة الخارجية البحرينية قد استدعت القائم بالأعمال الإيراني، محمد رضا بابائي، ونظيره اللبناني، تحديداً في 26 سبتمبر/أيلول المنصرم، وسلّمتهما مذكرة احتجاج رسمية على تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي، والأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصرالله، الذي تعتبره المملكة تابعاً لإيران.

وقال وكيل وزارة الخارجية البحرينية، عبد الله عبد اللطيف، إن هذه التصريحات تعد "تدخلًا مرفوضاً في الشأن البحريني، وتؤثر سلباً على أمن واستقرار المنطقة وطبيعة العلاقات بين دولها". 

وشدد على "ضرورة التقيد التام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة واحترام سيادتها واستقلالها، والالتفات بصورة أكبر إلى الشعب الإيراني الصديق والعمل على تحسين أوضاعه بدلاً من افتعال مشكلات غير مبررة مع دول الجوار".

وكان خامنئي قد قال في كلمة وجهها للحجاج إن "الأحداث الأليمة في المنطقة، في العراق وسورية واليمن والبحرين، وفي الضفة الغربية وغزة وفي بقاع أخرى من بلدان آسيا وأفريقيا، تمثل مصائب ومحناً عظيمة للأمة الإسلامية، وينبغي علينا أن نشاهد أصابع مؤامرة الاستكبار العالمي فيها، وأن نفكر في علاجها". وأضاف "على الشعوب مطالبة حكوماتها بذلك، ويجب على الحكومات أن تفي بمسؤولياتها الثقيلة".

بدوره، قال نصر الله إن "من مظلومية البحرين وشعبه أن ثورتهم أو تحركهم ترافقت مع أحداث كبيرة في المنطقة، وكان الرهان أن يتعب الشعب البحريني". وأضاف أن "الشعب البحريني سيكمل وأنا أعرف صبرهم وأعرف توصيات رموزهم وقادتهم لهم".

اقرأ أيضاًإيران وحزب الله.. المصالح والطائفة أولاً

وبعدها بأيام، أعلنت وزارة الداخلية البحرينية، أن قواتها الأمنية كشفت مصنعاً ضخماً لتصنيع القنابل يحتوي على طن ونصف الطن من المتفجرات.

وقالت إن مصنع القنابل في النويدرات، وهو حي سكني في جنوب المنامة، وإن (المشتبه بهم قاموا بتجهيز المكان لاستيعاب شبكة موسعة من المخابئ تحت الأرض ومن أجل عملية تصنيع فوق الأرض).

وأضافت أنه بعد عمليات البحث والتحري تبين أن المقبوض عليهم على ارتباط وثيق "بعناصر إرهابية موجودة في العراق وإيران". فيما أفاد رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن، بأن إيران مسؤولة عن المصنع.

وبحسب بيان الداخلية، فإنّ "هذا الاكتشاف الكبير يمثل واقعة مزعجة أخرى تسعى من خلالها التصرفات الإيرانية إلى تقويض الأمن والاستقرار داخل البحرين والمنطقة". وأضاف أن "الحوادث ذات الصلة بالإرهاب في البحرين زادت بشكل ملحوظ خلال العام الحالي، والحرفية التي يتم بها تصنيع تلك المواد وإخفاؤها وتوزيعها يمثل دلالة واضحة على وجود دعم ورعاية دولية".

وفي اتصال لاحق مع قناة "الجزيرة" الإخبارية، قال وزير شؤون الإعلام البحريني عيسى بن عبد الرحمن الحمّادي، إن المنامة "اكتشفت خلايا إرهابية داخل البلاد تعتمد على الدعم المعنوي والفني واللوجستي من إيران وتتلقى توجيهات من الأخيرة". وأوضح أن "المخبأ الذي وضعت السلطات البحرينية يدها عليه الأربعاء (30 سبتمبر) احتوى على متفجرات ومعدات وأدوات مكتوب عليها صُنع في إيران، والمتفجرات الموجودة به تتطابق مع متفجرات تم احتجازها في السابق، الأمر الذي يدل على المصدر الواحد لها جميعاً"، على حدّ تعبيره.

وكانت المنامة قد أعلنت عن ضبط  متفجرات مهربة للبلاد عبر زوارق بحرية، وقادمة من إيران، في يوليو/تموز الماضي، وقال وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة، في تصريحات صحافية، إن حجم هذه المتفجرات كان كافيا لإزالة مدينة المنامة من الوجود.

وعقب الكشف عن مصنع القنابل، أعلنت حكومة البحرين سحب سفيرها لدى طهران راشد سعد الدوسري، واعتبار القائم بأعمال سفارة إيران بالمنامة محمد رضا بابائي شخصاً غير مرغوب فيه وعليه مغادرة البلاد خلال 72 ساعة.

وقال بيان الحكومة إن هذا الإجراء جاء ردّاً على "الانتهاكات الإيرانية المتكررة والسافرة لكافة الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية ومبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل، وتعديها المرفوض على استقلال وسيادة مملكة البحرين"، وفي ظل استمرار "التدخل الإيراني في شؤون البحرين دون رادع قانوني أو حد أخلاقي ومحاولاتها الآثمة وممارساتها لأجل خلق فتنة طائفية وفرض سطوتها وسيطرتها وهيمنتها على المنطقة بأسرها من خلال أدوات ووسائل مذمومة لا تتوقف عند حدود التصريحات المسيئة من كبار مسؤوليها، بل تتعداه إلى دعم التخريب والإرهاب والتحريض على العنف عبر الحملات الإعلامية المضللة، ودعم الجماعات الإرهابية من خلال المساعدة في تهريب الأسلحة والمتفجرات، وتدريب عناصرها، وإيواء المجرمين الفارين من وجه العدالة"، وفق ما جاء في البيان.