أوكرانيا: فساد يلاحق "الدفاع" و"القطاع اليميني" يرفض الاندماج بالجيش

11 يناير 2015
رفع البرلمان الأوكراني موزانة وزارة الدفاع 5 أضعاف (الأناضول)
+ الخط -

تواجه سلطات كييف، إلى جانب صراعها المفتوح مع إقليم دونباس الانفصالي المدعوم من روسيا، تحدّيات داخليّة كبيرة، تتمثّل برفض مليشيات "القطاع اليميني" القوميّة المتطرّفة، الانضمام إلى القوات المسلّحة الأوكرانيّة، من جهة، وبنهب مخصّصات الدفاع والفساد المستشري في الجيش الذي يجري الحديث عنه على أرفع المستويات، من جهة أخرى.
ويوضح مستشار الرئيس الأوكراني، يوري بيريوكوف، وفق تصريحات للقناة الخامسة الأوكرانية، أنّ "مهمتنا الرئيسة الآن، هي محاولة التغلّب على الفساد المستشري في وزارة الدفاع الأوكرانية". ويقول: "لست محققاً ولا قاضياً، ولكنني أستطيع القول إنّ نحو عشرين إلى خمسة وعشرين في المائة من جميع المبالغ المخصّصة للدفاع يتمّ اختلاسها".

وتبلغ مخصصات وزارة الدفاع الأوكرانيّة، وفق موازنة العام الماضي، 20.1 مليار غريفين (نحو 1.2 مليار دولار أميركي)، فيما تمّت مضاعفتها نحو خمس مرات في موازنة العام الحالي. وكان البرلمان الأوكراني أقرّ موازنة عام 2015، مخصصاً وزارة الدفاع برقم غير مسبوق، إذ سيتمّ صرف 90 مليار غريفين لمستلزمات الدفاع، أي ما يعادل 5.6 مليار دولار أميركي.
ويتزامن رفع مخصّصات وزارة الدفاع، مع استعداد الجيش الأوكراني لحملة عسكريّة جديدة مرتقبة في الربيع ضد إقليم دونباس الانفصالي، على الرغم من استمرار المباحثات للتوصّل إلى تسوية سلميّة، ضمن صيغة "رباعية النورماندي" التي تضمّ روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا، على قاعدة اتفاقات مينسك.

وتعترض كييف صعوبات أخرى، على غرار عجز قيادتها المركزيّة عن إخضاع المليشيات القوميّة، التي تشكّلت خلال الأزمة وقاتلت ضدّ الانفصاليين، مع إعلان التنظيم الأوكراني الراديكالي المسمى بـ"القطاع اليميني"، رفضه انتقال مليشياته المسلّحة إلى الخدمة في الجيش، بموجب عقود مع وزارة الدفاع الأوكرانيّة.
وفي سياق متصل، ينقل موقع إخباري أوكراني عن مستشار الرئيس الأوكراني، قوله: "قمت شخصياً بعرض خطة على القطاع اليميني لشرعنة وجودهم بشكل كامل، وعلى وجه التحديد، تم عرض عدد من الخيارات التي تقتضي الالتزام بالتعاقد مع الجيش، لكنّهم رفضوها".

ويصف بريوكوف قرار قيادة "القطاع اليميني" بأنّه "غير عقلاني"، انطلاقاً من أنّ "الجيش لا يكون من دون تراتبيّة محدّدة بدقّة، والتزام صارم بالتعليمات والأوامر وخضوع الرتب الأدنى للرتب الأعلى". ويضيف: "أن يريد التشكيل الوطني المقاتل اكتساب الشرعية، ولكنه في الوقت نفسه يحتفظ لنفسه بالاستقلالية ولا يخضع لأوامر أحد، فهذا مجرد خيال".
ويُعتبر "القطاع اليميني" منظمة متطرّفة، يقودها ديمتري ياروش، وأعلنت عن هويتها أثناء تظاهرات ميدان كييف، في ديسمبر/كانون الأول 2013، وفبراير/شباط الماضي. وتطالب
2014. ويتزعمها. وقد طالب هذا التنظيم، مع انتصار "الميدان الأوروبي" على سلطة الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش، بدور خاص في وزارات القوة الأوكرانيّة، لكنّه قرر البقاء بعيداً عن السلطة، والعمل في أوساط القوميين الأوكرانيين المتطرفين الذين لا يقبلون مهاودة موسكو لأي أسباب سياسيّة.

وفي ظلّ الحديث عن الفساد المستشري في الجيش الأوكراني، والتساؤل عن تخصيص مبالغ كبيرة لنفقات الدفاع، على الرغم من تردّي الوضع الاقتصادي في البلاد بسبب الحرب وافتقار كييف لمصادر الطاقة، تُطرح في الأوساط الأوكرانيّة والروسيّة تساؤلات عن مصادر تمويل مجموعات مليشيات "القطاع اليميني" المسلحة جيداً، والتي ترفض الانضمام إلى الجيش المركزي.
وتبقى هذه التساؤلات من دون إجابات محددة. فزعيم "القطاع اليميني" ديمتري ياروش، يقول إنّ تمويلهم يأتي حصراً من تبرّعات الأوكرانيين الداخليّة، فيما تمّ التداول بمعلومات في بداية النزاع المسلح الأوكراني، وخصوصاً بعد محرقة "دار النقابات" في أوديسا، بأن الملياردير إيغور كولومويسكي هو من يموّل "القطاع اليميني". تشير مصادر أخرى إلى أنّ "تمويل هذا التنظيم يأتي من منظمات غربيّة غير حكوميّة، وعبر صناديق منظمات أوكرانيّة في أوروبا وكندا".

وتبدو التساؤلات عن تمويل التنظيم ثانوياً، قياساً بالدور الذي يمكن أن يلعبه هذا التنظيم في الحرب المرتقبة وقدرة كييف على تحمّل نتائج عدم انضباطه في المعارك وخارجها، بالإضافة إلى دوره الممكن في زعزعة سلطة الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو مستقبلاً، وفي تعميق الشرخ، ليس بين غرب أوكرانيا وشرقها، إنما الشرخ الداخلي في غرب أوكرانيا، الذي تستمد سلطة كييف شرعيّتها منه.

دلالات